3- عبر الغابة , وسط القبائل
وفي ساعة مبكرة جدا من صباح اليوم التالي , خارج بيت أسرة باكستر , عانقت أندريا شقيقها بيتر مودعة :
" ألى اللقاء ....فلتكن رحلة موفقة ..... أعتن بنفسك......".
" ألى اللقاء يا أندريا...... أنني آسف لأنك لم تستطيعي المجيء معنا".
وبعد أن طبع قبلة على خد شقيقته أخذ مكانه في المقعد الخلفي من سيارة الدكتور باكستر .
كان على الدكتور باكستر أن يصطحب في سيارته الشبان الثلاثة مسافة خمسة أميال خارج المدينة ألى منطقة كامبونغ بالملايو , حيث يدخلون من هناك ألى الأحراش .
ومدت أندريا يدها ألى الدكتور جيمس فرغسون وهي تحييه قائلة :
" ألى اللقاء يا دكتور وحظا سعيدا".
كان فرغسون في صباح ذلك اليوم يرتدي زيا خاصا بالأحراش وحذاء عاليا تستخدمه قوات الأمن البريطانية في حالات الطوارىء , كما تمكن من الحصول على زي لكل من بيتر وجوي , ورد الدكتور فرغسون :
"ألى اللقاء يا آنسة فليمنغ".
قالها بدون أن يبتسم كما فعلت هي , وكانت تأمل أن تثير أبتسامتها له شيئا في نفسه , ألا أنه كعادته ظل فاترا.أن المرة الوحيدة التي أظهر فيها بعض مشاعره الدافئة , كانت حينما أتجه ألى مارغريت باكستر يودعها .
وربت جوي على ذراع أندريا وقال في صوت خفيض:
" الخطة مستمرة , ألى اللقاء يا آندي , أجعلي سلوكك طيبا".
دعتها مارغريت باكستر ألى الدخول لتناول القهوة بعد أن أختفت السيارة , ونادت الخادمة الصينية وأصدرت أليها تعليمات ثم عادت ألى مكانها وجلست أمام مائدة الأفطار وسألت أندريا :
" والآن .... ما الذي تريدين أن تفعليه هذا الصباح؟".
منتديات ليلاس
" أوه...... أعتقد أنني سأعود ألى الأستراحة لأغسل شعري".
وقالت مارغريت :
" نعم , أنك تبدين متعبة , يحسن أن تأخذي الأمور ببساطة اليوم وغدا ربما نستقل السيارة ألى منطقة أيبوه , ونتسوق بعض الأشياء".
وعندما عادت ألى الأستراحة , تأملت نفسها في المرآة المعلقة على الحائط في غرفة النوم , وتساءلت أذا كانت قد جنت لكي تقبل خطة جوي , وفي أية حال فات الوقت الذي كانت تستطيع فيه أن تغير رأيها ... ولو أمتنعت عن تنفيذ الخطة فسوف يعتقد أن هناك شيئا خطيرا حدث , ويدق ناقوس الخطر , ألا أنه مع مضي صباح ذلك اليوم أزدادت مخاوفها , وعندما كتبت رسالة أيضا ألى الدكتور باكستر , تملكها أغراء قوي بأن تتجه ألى غرفة العمليات الجراحية الخاصة به , وأن تفضي أليه بكافة تفاصيل المشروع وتسأله النصيحة .
وفكرت أندريا قائلة :
" ولكن لماذا ألقي على عاتقه بهذه المسؤولية , أن ذلك لن يكون عدلا , كما أنه بهذه الطريقة أذا حدث شيء خطأ , فسوف أكون المسؤولة الوحيدة , وأذا ألتزمت بالتعقل ,ولم أتصرف في جنون فلن يحدث أي خطأ
ولم يكن هناك أحد في الأستراحة , أذ توجه الصبية ألى مكان أقامتهم بعد أن قدموا لها طعام الغداء , كانت المنطقة المجاورة كلها تغط في نعاس عميق أثناء فترة ما بعد الظهيرة الشديدة الحرارة.
وأغلقت أندريا حقيبتها التي تحتوي حاجياتها التي تنوي تركها وراءها , وتركت رسالتها المعنونة ألى الدكتور باكستر على المنضدة عند المدخل , وفي الساعة الثانية والربع علقت حقيبة يدها على كتفها وهرعت ألى اللقاء الذي كان جوي أعده لها , وحتى لا تثير الأنتباه , حرصت أن تظل مرتدية الملابس العادية , وبعد أن تلفتت حولها لم تجد أحدا يلاحظها , ثم رأت عربة أجرة قديمة واقفة على مسافة خمسين ياردة , وعلى مقربة منها , وتحت ظل شجرة كان هناك شاب من الملايو جاثما يدخن.
وعندما أقتربت منه نهض واقفا , ونظر كل منهما ألى الآخر في حذر وكان الأنطباع الذي أخذته أندريا عنه مطمئنا , ورغم أنه كان أقصر منها عدة بوصات , ألا أن بنيته كانت قوية , وكان مظهره يدل على الذكاء وملابسه نظيفة.
وألقى الشاب عليها تحية أهل الملايو التقليدية تابك , ومد يده أليها لكي يحمل عنها حقيبة يدها .
وبعد أن أحست أندريا بالأرتياح أتجاه مظهره المطمئن , أبتسمت وردت عليه التحية قائلة :
" تابك".
وأقتادها ألى الباب الخلفي من سيارته وكان المقعد مغطى بقطعة نظيفة من القماش المزركش ثم وضع حقيبتها في المقعد الأمامي بجواره , وأستدار أتجاه الناحية الأخرى كي يأخذ مكانه خلف عجلة القيادة , وعندما بدأ في أدارة محرك العربة , ألتقطت أندريا أنفاسها بأرتياح , ومهما كان الأمر حسنا أم سيئا , فأنها ماضية في طريقها.