وأزاء هذا الرأي الذي واجهها به , أصبحت لهجتها أكثر حدة ألى حد ما , وأن حرصت على ألا تفقد أعصابها تماما , وأستطاعت أن ترسم على شفتيها ظلال أبتسامة , وهي تحاول أن توضح الأمور بقولها :
" ولكن ما نقوم به ليس مشروعا علميا يا دكتور فرغسون , أننا نعد أفلاما لكي نسلي الناس ولكي نكسب رزقنا , أن تكاليف السفر بالطائرة من لندن ألى سنغافورة باهظة للغاية , وسوف تضيع تكاليف سفري هباء أذا لم أشترك في الفيلم الجديد ".
ورد الدكتور فرغسون في جفاء :
" ولكنك أن فعلت , فقد يؤدي ذلك ألى خسارة مادية أعظم ".
" ماذا تعني بذلك ؟".
" أقصد أنه يتعين علينا أما أن نضيع وقتا في أعادتك ألى هنا بعد يومين على الأكثر , وأما أذا أستطعت البقاء معنا فأنك بالتأكيد سوف تنهين الرحلة وأنت في حالة صحية غير طيبة , تتطلب دخولك المستشفى".
" ولكنني قوية كالحصان , ولم يحدث أن مرضت في حياتي".
وفجأة سقطت من العوارض الخشبية التي تعلوهما شيء على الأرض بالقرب من قدميها , وقفزت أندريا من مكانها بصورة تلقائية , لترى سحلية ذات عينين لامعتين , وذهلت أندريا مما حدث فورا بعد أن سقطت السحلية على الحصيرة أذ أختنق صوتها ثم أبتعدت فزعة مسرعة كالفأرة.
وقال لها الدكتور فرغسون في سخرية :
" أنها مجرد سحلية , غير ضارة , وسوف تحتاجين ألى أعصاب أقوى عندما تكونين في الأحراش يا آنسة فليمنغ , والآن أقترح أن تذهبي ألى السرير وقد طلبت أن يتم تجهيز الأفطار في السابعة صباحا , طبت مساء".
وفي تلك الليلة شعرت أندريا بخيبة أمل شديدة...... كانت تعتقد أنه بأستطاعتها أقناع فرغسون بوجهة نظرها وحمله على تغيير رأيه في عدم أصطحابها معهم, ورغم أنها تماسكت أمامه محاولة أخفاء مشاعر الأحباط التي أنتابها , ألا أنها كانت تشعر فعلا بالحنق أتجاه هذا الطبيب الذي فرغ قلبه من أية مشاعر أنسانية .
منتديات ليلاس
وظلت أندريا فترة طويلة تفكر في الحوار الذي دار مع فرغسون , قد يكون على حق بعض الشيء في أمتناعه عن خطورة أصطحابها معهم نظرا للظروف الصعبة التي تتسم بها حياة الأدغال , ألا أن الطريقة المتعالية التي كان يتحدث بها كانت تثير فيها رغبة جامحة للأنتقام منه وتحديه , أن أكثر ما كان يضايقها هو نظرته أليها على أنها مجرد عامل مظهري في مهمة فريق الرحلة من الممكن الأستغناء عنه , وكان ما يقلقها أكثر هو فشلها في الحصول على تأييده ومساندة الآخرين لوجهة نظرها , تبلورت كل هذه المشاعر في هدف واحد , هو أنها لن تستسلم أبدا.... وسوف تثبت للجميع أن بوسع المرأة أن تكون عاملا أيجابيا لا غنى عنه.
وفي اليوم التالي بعد الظهر , كانت أندريا وشقيقها يجلسان تحت مظلة في الحديقة بنادي سانغوي موسانغ , يشاهدان الآنسة باكستر والدكتور فرغسون يلعبان التنس تحت وهج الشمس الحارقة , وتساءل بيتر في دهشة :
" كيف يتحمل الأثنان هذا الحر اللافح ؟".
بينما كانت الكرة تقفز وتعود فوق الشبكة واللاعبان بملابسهما البيضاء يقفزان بنشاط في الملعب المليء بالتراب.
ومسح عنقه بمنديله رغم أنه كان مسترخيا في كرسيه , ويرتدي فقط ملابس البحر وصندلا , كان الجو حارا لدرجة أن صدره كان يتصبب عرقا , ووجهه يبدو متوهجا , وصاح قائلا:
"يا لها من ضربة خلفية رائعة ".
عندما أعادت الآنسة باكستر الكرة ألى خصمها بضربة قوية .
وتحدثت أندريا في صوت خفيض وهي تشرب كوبا من عصير الليمون , فقالت :
"أذن قررت بصفة نهائية أن تتركني هنا ؟".
وكانت هذه هي الفرصة الأولى التي تتاح لها لكي تتحدث ألى أخيها بمفردها , لأن الرجال الثلاثة كانوا قد أمضوا طوال الفترة الصباحية يفحصون أجهزتهم ومعداتهم , وكان عليها هي أن ترافق الآنسة باكستر لشراء بعض الحاجيات.
ونظر أليها بيتر نظرة تنم عن عدم الأرتياح , وقال :
" أخشى أن يكون ذلك هو الوضع يا آندي , حاولت حمل فرغسون على تغيير وجهة نظره , ولكنه رفض حتى مجرد بحث الفكرة والآن , وبعد أن عايشت هذا الطقس هنا , فأنني أميل ألى الأقتناع برأيه ".
" ولكنني لا أشعر بالحرارة بالدرجة التي تحسها ..... كما أن الدكتور باكستر لا يعتقد أن هناك ما يمنع من مصاحبتي لكم , قابلته صباح اليوم وسألته عن ذلك , أن حقيقة الأمر هو أن الدكتور فرغسون لا يحبني , هذا هو كل ما في الأمر بكل بساطة".