ولاحظ جيمس أنها بدأت تحزم حقائبها أستعدادا للرحيل , فقال لها :
" لا داعي للأستعجال في أعداد حقائبك , فسوف أمضي الليلة في بينانغ , ولذلك لن نرحل قبل يوم الخميس ".
" أعتقدت أنك ستعود اليوم".
" كلا........ أننا لن نذهب ألى هناك قبل موعد العشاء , ولا أرغب في العودة مساء , وسوف توفر لي أسرة كونداي سريرا , ثم أعود حوالي الساعة الثانية بعد الظهر".
" أنه لشيء مضحك , أنني أشعر كأنني قد أمضيت في الملايو شهورا وليس أسابيع , هل تذكر تلك الليلة الأولى في سنغافورة عندما وجهت ألي اللوم لأنني تجولت بمفردي في شوارعها؟".
" نعم.... أتذكر ذلك!".
قال هذه العبارة في شيء من الجفاء.
وكانت أندريا تعرف ما تنوي أن تفعله , وأحست برعشة في داخلها , وواصلت حديثها قائلة:
" لم تكن بداية طيبة تماما , أليس كذلك؟ كما أن الليلة التالية كانت أسوأ , لقد أعطيتني أحساسا بأنني لا أتجاوز الثانية عشرة من عمري".
ولم يعقب جيمس بكلمة واحدة على ما قالته , ووقف هناك يراقبها , كان تعبير وجهه غامضا , أثار حيرتها , ومرت لحظة ضعفت فيها أرادتها ,ثم فكرت :
" حسنا أنني راحلة, فماذا ينفع ذلك؟".
وأبتسمت أندريا وأردفت قائلة:
" أنني آسفة يا جيمس ...... آسفة لأنني كنت بمثابة شوكة في جنبك منذ البداية".
قالت ذلك , ثم أقتربت منه خطوة , ووضعت يديها على كتفيه بسرعة وطبعت قبلة على خده الأسمر.
وفي اللحظة التي فعلت فيها ذلك , أحست بهول ما حدث فيها.. كيف يمكن أن تكشف عن عواطفها بهذه السذاجة , وقبل أن تتمنى لو أن الأرض أبتلعتها , وجدت نفسها بين ذراعيه في جو مشحون بالعاطفة .... ومضت دقائق..... ودقائق .... قبل أن يرفع ذراعيه عنها , بعد أن قبّلها قبلات حارة , وشعرت أندريا أن جو البرود والجمود الذي كان يبدو على جيمس لم يكن أعمق من لون بشرته الأسمر , وقال بهدوء:
" أنني لن أعتذر لك عما حدث , لأني أعتقد أنك رغبت في ذلك, هل أشبعت فضولك الآن؟".
منتديات ليلاس
فقالت في همس:
" جيمس!".
وكان في ذلك الوقت يضم خصرها بين يديه , فرفع يديه وأبتعد عنها وهو يقول:
" لقد حان وقت الغداء... وفي هذه الظروف أتصور أنك لن ترغبين في تناول طعامك هنا , وسوف أوضح للخادمة أنك تشعرين بصداع وستحضر لك صينية الأكل".
ثم أنسل خارجا من الغرفة.
كانت أندريا راقدة في سريرها , عندما سمعت سيارة جيمس تنطلق , وأحست برعشة تسري في جسمها , فدفنت وجهها في وسادتها , وأستغرقت تفكر في هذه الحاة العاطفية الغامضة.
وبعد قليل سمعت صوت أقدام الدكتور باكستر قادمة عبر الدهليز ألى غرفتها , وتظاهرت بالنوم , وبعد أن نقل صينية الأكل التي لم تمسها , أنصرف وسمعته يطلب من الخادم عدم أزعاجها.
وفي حوالي الساعة الثالثة والنصف بعد الظهر أثناء نوم كل من يعملون في الدار , أتصلت أندريا هاتفيا بمطار سنغافورة وعرفت أن هناك مقعدا خاليا على متن الطائرة المتجهة ألى لندن ظهر اليوم التالي , وطلبت منهم حجز هذا المقعد لها , ثم أتصلت بمحطة السكك الحديدية في أيبوة , وعرفت أنه يكون هناك قطار ليلي يمر بالمنطقة في التاسعة والنصف مساء , وأخيرا أتفقت مع سائق سيارة أجرة على الحضور ألى الدار في السابعة لأصطحابها وكانت قد حزمت حقائبها , وأرتدت ملابسها أستعدادا للرحيل عندما حضر الدكتور باكستر.
وأوضحت له الترتيبات التي أتخذتها , ثم قالت :
" كما ترى لن يكون هناك مقعد آخر خاليا قبل أسبوع على الأقل , والواقع أنني لا أستطيع أن أثقل عليكم أكثر من ذلك".
وأختتمت كلامها وهي تدرك أنه سوف يغفر لها هذه الكذبة البيضاء أذا ما عرف السبب في ذلك , ولدهشتها وافق الدكتور باكستر على رحيلها المفاجىء بدون أي أعتراض.
" حسنا جدا يا عزيزتي , أذا كنت متأكدة أنك قادرة على السفر وأن كنت لا أعرف أذا كان جيمس سوف يوافق على ذلك أم لا,ولكن من امؤكد أن السفر ليلا أقل أرهاقا من السفر أثناء النهار , وأستطيع القول أنك سوف تنامين طوال رحلة العودة".
وكان في نبرات صوته ما دفع أندريا ألى أن تعرف أو تشك في أنه عرف شيئا مما حدث أكثر مما تصورت... وقالت وهي مرتبكة:
" نعم , أنني أتوقع ذلك , ليتني فقط أستطيع التعبير عن شكري لك لما أبديته من كرم وعطف , صدقني أنني أقدر ذلك جيدا , أن أحدا في أنكلترا لن يكون كريما في ضيافته مع غريب مثلما فعلتم معي , ولو عرفت كم سأكون عامل أزعاج لكم , لما أقدمت على القيام بالرحلة".
" أوه , غير معقول يا عزيزتي , أسعدنا جدا أن تكوني معنا".
قالها وهو يربت على كتفها , ثم أضاف قائلا:
" ولا تقلقي بالنسبة ألى تكرار أصابتك بالحمى , أنها ليست كالملاريا كما تعلمين , وليست من النوع الذي يصيب المرء على فترات متقطعة".