وقالت أندريا عندما عاد ألى مكانه بجوار النار المشتعلة:
" كنت ساهرا طوال الليل".
ورد جيمس وهو يتحسس ذقنه الطويلة , بينما بدت عيناه متعبتين من الأرهاق والسهر والطويل.
" نعم , أعتقد أنه من الأفضل أن أرعاه الليلة ,ولو كان هناك أي كسر من العظام لكانت علامات تظهر بالتأكيد الآن , كما أن نبضات قلبه عادية وتنفسه سليم , وهو الآن نائم بصورة طبيعية".
" الحمد لله .... ولكنك مرهق.... لماذا لا تذهب لتنام ساعتين؟".
" كلا , يتعين علينا أن نبدأ في وقت مبكر , سيكون يوما شاقا".
وعندما أستيقظ بيتر من نومه , بدا كأنه أستعاد صحته تماما , وبعد أن أختبر رسغ ساقه المصاب , أعلن أنه أصبح قادرا على السير , ومن حسن الحظ أن الطريق الذي سلكوه عند سفح التل وكان جيمس يطلب أليهم كل نصف ساعة أن يتوقفوا لكي يستريحوا بعض الوقت , وكان يتوقع أن يصلوا ألى النهر عند الظهيرة , ثم يتجهوا ألى مخيم لقبيلة تميار , بعد ساعة من وصولهم ألى هناك.
وعندما وصلوا ألى النهر , كانت مياهه بطيئة الأندفاع موحلة , وفض جيمس الخريطة التي يحملها ونظر ألى بوصلته , وقال أنه يجب عليهم أن يعبروه بسرعة لأن النهر حسب تقديره ألتقى مع رافد آخر وسيكون من الصعب بعد ذلك أجتيازه لأرتفاع أمواجه وتلاطمها".
وقال موجها حديثه لهم:
"الأفضل أن تبقوا هنا حتى أتوجه أولا ألى النهر وأختبر عمق المياه".
وكانوا يرقبونه وهو ينزل ألى النهر , وكان واضحا أن المياه غطت أعلى ساقيه , ومعنى ذلك أنها سوف تصل حتى وسط أندريا , وأختبر جيمس عمق النهر مرتين وهو يحمل الحقائب ,ثم قال :
" عليك أن تساعد سيد فليمنغ يا جوي , وسوف أعتني أنا بأندريا ".
منتديات ليلاس
وأستدارت أندريا لتهبط من ناحية ضفة النهر , أما الآخران فنزلا فعلا ألى المياه , وأندفع جيمس وراءها وهو يقول :
" أنتظري يا أندريا".
ثم نزل هو ألى الماء ومد لها يده , وأعتقدت أندريا بادىء الأمر أنه يريد أن يساعدها على الهبوط , ولم تكن مستعدة أبدا أن يمسكها كما فعل من وسطها ويرفعها بذراعيه:
" وقالت في دهشة:
" ماذا تفعل دعني أنزل ألى الماء".
" ما زال أمامنا طريق طويل علينا أن نقطعه , ولا داعي لأن يبتل جسمك , لا تقلقي فلن تسقطي من بين ذراعي!".
وتذكرت أندريا , لقد أخذها بين ذراعيه مرة سابقة بعد الظهر عند مستجمع مياه سانغي موسانغ , وحتى في ذلك الوقت ورغم أنها لم تكن تعرفه ألا لبضعة أيام فقط , كان أقترابه منها يشلها تماما.
كانت أندريا تدرك أنه قوي , ألا أنه أستطاع رغم عدم نومه لأكثر من ثلاثين ساعة أن يحملها بسهولة وكأنها ليست أثقل من حقيبة , ولم تمض دقائق حتى كان جيمس قد عبر بها ألى الضفة الأخرى البعيدة , ولكنها كانت دقائق طويلة , أنتهت بهذه العبارة:
" أشكرك".
قالتها له وهو ينزلها على قدميها حبيث كان الآخران ينتظران , وقفز جيمس بسهولة خارجا من مياه النهر , ودون أن يرد على شكرها حمل حقيبته على كتفه ومضى معهم في المقدمة.
وفي الساعات الأولى من صباح اليوم التالي , أستيقظت أندريا من نومها وهي تشعر برعدة شديدة , وأحست كأنها مقبلة على فترة مرض , وبعد مضي ساعة شعرت أن حرارتها أرتفعت , وعندما خرجت من حقيبة المبيت , أحست أن الأرض تدور بها , وفكرت أندريا :
" يجب أن أخبر جيمس , ولكن كلا , ينبغي ألا أمرض الآن , ليس في الغابة!".
وعندما حان وقت أرتدائها ملابسها , أحست أنها أفضل قليلا مما كانت عليه من قبل , ولكنها تعلم أن درجة حرارتها لا بد أن تكون أعلى من المعتاد وأنه ليس هناك من وسيلة لأخفاء وجنتيها اللتين أتسم لونهما بالأحمرار , وعينيها اللتين أصبحتا لامعتين بصورة غير عادية , وبدا لها أن جيمس سوف يلاحظ , لكن كان هناك من الأمور ما يشغل جيمس في ذلك الصباح , أذ كان بين أفراد قبيلة تميار الذين قضوا الليل معهم أمرأة مصابة بتقرح في قدمها , بالأضافة ألى عدد من الأطفال المرضى الذين يحتاجون ألى رعاية طبية.
وفي الساعات التالية من صباح اليوم نفسه , عندما أستعدوا للأنصراف , كان برفقتهم ثلاثة من صبية قبيلة تميار ممن وافقوا على العمل معهم كحمالين بقية الرحلة.