قست ملامحه فجأة وقال لها :
" لم نكن نتحدث عني , يا آنسة , ربما كان عليك أن تشغلي نفسك بكيفية معالجة أمر الطفلة , وهنا لا بد من تحذيرك من أن أخي ليس بالخصم الضعيف".
أحمرت وجنتاها وهي تقول له :
" أكتشفت ذلك بنفسي , يا سيد".
" ماذا تعنين؟".
" لا أهمية لذلك".
" أرجوك.... أريد أن أعرف".
كان رافاييل مقنعا للغاية وشعرت ميراندا بالدماء تتجمد في عروقها عندما يخيلته يطالبها بمعانقته...
" يا آنسة !".
" أوه! طلب مني أن أساعده....... أطبع له بعض الرسائل وأهتم بمراسلاته!".
" متى طلب منك ذلك؟".
" قبل يومين , ولكن... ليست هناك من مشكلة , أنني أرد له الجميل , ألم يسمح لي بالبقاء.........".
قاطعها رافاييل بعصبية بالغة , قائلا:
" لن تقومي بعد الآن , يا آنسة , بأي عمل من هذا القبيل لأخي , وأنا سأتأكد من ذلك بنفسي".
لم تعرف ميراندا بماذا تجيب , فأكتفت بكلمة شكرا قالتها وكأنها تمتمة , وفي اللحظة التالية , كانت السيارة تقف أمام الدير . خرجت لوسي بسرعة لتعرف من أتى , وما أن شاهدت ميراندا ورافاييل , حتى غابت أبتسامتها العريضة , وجمدت في مكانها , نزلت ميراندا من السيارة وأقتربت منها باسمة وهي تقول :
" مرحبا , يا لوسي , جئت والسيد....... والسيد رافاييل ..... كي نأخذك في نزهة نزهة جميلة ".
نظرت الطفلة بأمتعاض ألى السيارة التي تغطيها الوحول وقالت :
" لا أريد الذهاب بهذه السيارة القديمة المتسخة! سيأتي الخال خوان لأخذي بسيارته الجديدة النظيفة".
رد عليها رافاييل بهدوء متجاهى قحتها :
" لا , أنه لن يأتي يا لوسي , أين الأب أستيبان".
" هنا , يا عزيزي , تفضلا وشاركاني كوبا من اللبن الطازج".
" لبن ماعز؟ عظيم , سندخل لبضع دقائق ! فما رأيك يا آنسة؟".
تحدث الرجلان معظم الوقت بالأسبانية , ولكن الأب أستبان وعد ميراندا مازحا بأنه سيتمكن من محادثتها بلغتها لأن لديه معلمة صغيرة تساعده بأستمرار , وعندما حان وقت الرحيل , ألتصقت لوسي بقوة بالكاهن العجوز وقالت باكية :
" أريد البقاء معك , لا تطلب مني الذهاب معهما , بعد قليل , سيأتي الخال خوان".
منتديات ليلاس
" ليس اليوم , يا صغيرتي , ليس اليوم! تعالي , فخالتك هنا لمشاهدتك وتمضية بضع ساعات معك".
" أنها ليست خالتي! قال لي الخال خوان أنني الآن فتاة مكسيكية ......... وهي بريطانية!".
نظر رافاييل بسرعة ألى ميراندا فشعرت بأنه متعاطف معها , وفرحت عندما سمعته يقول للفتاة بهدوء:
" يجب على الخال خوان ألا يقول لك كلاما كهذا , يا لوسي , أنت بريطانية , وألا فكيف تتحدثين بهذه اللغة؟ ثم...... أنك تجرحين شعور خالتك ألى درجة كبيرة عندما تستخدمين معها مثل هذه الكلمات القاسية , يجب أن تتذكري أنها تعرفك منذ كنت طفلة صغيرة , كما تعرف والديك , أمك شقيقتها , يا لوسي , كيف تظنين أنها تشعر عندما تسمعك تتنكرين لأهلك ولعائلتك ؟ هل تعتقدين أن الخال خوان يتنكر لعائلته ؟ لا, قطعا لا! وأنا كذلك !".
" ولكن الخال خوان أبلغني بأنها ستعود بي ألى بريطانيا , وأن تلك البلاد باردة جدا ....... والشمس لا تشرق أبدا".
تململ رافاييل بعض الشيء وقال لها:
" لم يذهب الخال خوان مرة واحدة في حياته ألى بريطانيا , وبالتالي لا يعرف عنها أللا النذر القليل ".
" وأنت , هل ذهبت قبلا ألى بريطانيا؟".
" طبعا".
قالها رافاييل بهدوء وأقناع شديدين , متجاهلا أستغراب ميراندا ودهشتها , وعادت الطفلة تسأله مجددا:
" وهل تشرق الشمس هناك؟".
" طبعا يا حبيبتي , وهل يمكن للناس هناك أن يعيشوا بدون شمس؟".
" وما هي طبيعتها؟".
" أنها بلاد....... صغيرة,ولكنها خضراء , أنها تختلف عن هنا , ولكن شعبها ودود جدا وطيب جدا".
" ولكن , ماذا سيحدث أن لم تعجبني؟".
وضع يده برفق على كتفها وقال لها بحنان ظاهر:
" لم يتقرر شيء بعد , يا لوسيا , يجب أن نواجه الظروف والتطورات كل في حينه , تعالي معنا لتمضية ساعات الصباح معا , ومن يدري , فقد تجدين خالتك أنسانة طيبة جدا .... عكس ما تتصورين ".
نظرت لوسي بحذر نحو ميراندا ثم قالت لرافايييل :
" حسنا , حسنا , سأذهب معكما , ولكن..... أريد الجلوس في المقعد الأمامي .... معك".
" سنجلس جميعنا في المقعد الأمامي , يا صغيرتي".
وبعد أن ودّع رافاييل الأب أستيبان وسار نحو السيارة , سألته ميراندا بصوت منخفض :
" لم أكن أعرف أنك زرت بريطانيا من قبل , يا سيد!".
" لم أزرها قط, يا آنسة ".
" ولكن.........".
" كانت كذبة بيضاء ذات هدف نبيل , سوف أطلب الغفران من ربي , أعدك بذلك".
" وهل.......؟".
أنحنى رافاييل ليرفع لوسي ألى السيارة , ثم قال لميراندا بهدوء :
" أنها مسألة بيني وبين ضميري ,يا آنسة , هيا بنا".