6- سوف أطلب الغفران
نامت ميراندا تلك الليلة , مع أنها لم تتوقع ذلك أطلاقا , ضايقتها جدا كلمات كارلا , ولكن النعاس كان أقوى من الأنقباض , ولم تستيقظ صباح اليوم التالي ألا على صوت لوسي وهي تقفز وتعدو في الحديقة تحت شرفة غرفتها , فتحت عينيها بكسل واضح لتشاهد فطورها على الطاولة الجانبية , من المؤكد أن الخادمة أيناز أحضرته لها قبل قليل , ولكنها لم تزعجها , على ما يبدو , بناء على تعليمات من السيدة أيزابيلا .
شربت القهوة على عجل وخرجت ألى الشرفة , بعد أن أرتدت عباءة حريرية بيضاء , كانت لزسي تلعب مع أحدى الشقيقتين , وترددت ميراندا لحظة قبل ألقاء التحية , ولكنها شعرت بالأرتياح عندما بان لها وجه كونستانسيا المحبب.
" ما بك , أيتها الكسولة ؟ ألا تعرفين أن الساعة تجاوزت العاشرة؟".
أبتسمت ميراندا لسماعها تلك الكلمات وقالت :
" أعلم أن الوقت متأخر , أمنحاني بضع لحظات كي أرتدي ثيابي وأنضم أليكما".
ثم حوّلت أنتباهها ألى الطفلة التي كانت تصغي أليهما بدون تعليق, وسألتها بمحبة :
" مرحبا , يا لوسي , كيف حالك هذا الصباح؟".
هزت لوسي كتفيها بدون أن تجيب , فقالت لها كونستانسيا :
" لوسي , حبيبتي! قولي صباح الخير للآنسة!".
أمتعتضت ميراندا بعض الشيء عندما رفعت لوسي نظرها أليها وقالت :
" صباح الخير يا آنسة".
أحست ميراندا بعقم محاولاتها لأقناع الطفلة بأستبدال تلك الكلمة الجافة بكلمة أرق وأعذب ........ خالتي , أو بالأسم الأول فقط , حتى كونستانسيا اللطيفة والطيبة .... تصر على أستخدام الرسميات!
عادت ألى الغرفة ثم أخذت حماما باردا وتناولت فطورها , وبعد ذلك , أرتدت ثيابها المعتادة وغادرت الغرفة , وما أن وصلت ألى أسفل الدرج , حتى ظهر أمامها خوان الذي قال لها على الفور :
" آه , آنسة لورد! هل تسمحين بدقيقة من وقتك؟".
هزت برأسها بالموافقة فدعاها لدخول مكتبه , تطلعت حولها بأهتمام لأنها لم تكن قد شاهدت تلك الغرفة الفسيحة من قبل , أشار بيده ألى أحد المقاعد الوثيرة وقال لها , فيما كان ينظر ألى مجموعة من الأوراق أمامه :
" أريد أن أطلب منك ...... خدمة , يا آنسة , أمامي الآن عدد كبير من الرسائل التي لم أتمكن بعد من الأجابة عليها , مع أنني تأخرت كثيرا في ذلك , وقد أبلغني الأب أستيبان أنك تعملين كسكرتيرة في لندن ,أليس كذلك؟".
أستغربت ميراندا سؤاله ولكنها أجابته بهدوء:
" نعم , يا سيد أنا أعمل كسكرتيرة لأحد رجال الأعمال الذين يتعاطون الشؤون المالية والمصرفية".
" عظيم! أذن , هل بأمكانك مساعدتي ؟".
" كيف؟".
منتديات ليلاس
" كما ترين , لدي مجموعة كبيرة من الأجابات التي ينبغي أعدادها".
" وهل تريدني أن أكتبها لك , يا سيد؟".
" أتمنى.... أتمنى أن تطبعيها لي يا آنسة , أرجوك! هل أطلب منك الكثير؟".
" لا , طبعا لا ".
لقد قبلت ضيافته وعليها رد الجميل , ولكنه يعلم أن حجرزها في مكتبه يحرمها من أي فرصة قد تجدها للتحدث مع لوسي أو الأنفراد بها.
" متى تريدني أن أبدأ ؟".
" أوه ..... حسنا .... الآن , يا آنسة !".
" بما أن النتيجة واحدة , يا سيد , فأنني أفضل العمل في المسا , ليس لديّ أي شيء أقوم به في المساء , ولذلك........".
توترت أعصابه قليلا وهو يقاطعها قائلا :
" أنا لا أوافقك على هذا الرأي يا آنسة".
" لم لا؟".
لاحظ خوان أنها مستعدة لمجابهته أذا أستدعى الأمر , فقرر أستخدام أسلوب مختلف , قال لها مبتسما :
" لأن ذلك ليس مناسبا , يا آنسة , هيا , هيا , فلسنا بحاجة ألى وقت طويل".
" هل الأجابات معدة سلفا؟".
" سنستخدم الأختزال , أليس ذلك أفضل؟".
أخفت ميراندا أمتعاضها , فالنهار , لا يزال في بدايته , ستنهي عملها اليوم كي تتفرغ غدا للقاء لوسي ....... ورافاييل!
ولكن اليوم التالي حمل منذ بدايته أمطارا موسمية غزيرة , وكان جو القصر متوترا , حضر فالديز مراقب العمال لأجراء مباحثات عاجلة مع خوان , ولكن أحدا لم يذكر أسم رافاييل , من الواضح أنه لن يأتي في هذا الجو الماطر والعاصف , ولكن , أين هو الآن يا ترى؟ هل يجلس آمنا مرتاحا في بيته الحجري الصغير؟ أم يساعد القرويين والعمال على أنقاذ أكواخهم وحاجياتهم؟