لاحظ رافاييل أصفرار وجهها وشحوبه , وضع يده على جبينها فأحست بأن أصابعه باردة جدا.
" رباه! هل أنت مريضة ؟".
هزت رأسها بألم وقالت :
" أنا.... الحصان.... كنت أحاول النزول ....عن ظهره و.......و ......".
ولأول مرة في حياتها , أغمي عليها ووقعت على الأرض.......
عندما أستعادت وعيها , كانت مستلقية على سرير صغير يلفها غطاء قطني رقيق , تذكرت الغرفة ذات السريرين الفارغين , التي شاهدتها أثناء بحثها عن رافاييل , تحركت قليلا فلاحظت أن ألامها خفت ألى حد ما , وأن جسدها شبه العاري مرتاح بعض الشيء , رفعت نفسها قليلا لتنظر ألى الخارج , فدهشت لأن الشمس بدأت تغيب , ودخل رافاييل الغرفة بدون سابق أنذار!
رفعت الغطاء القطني بسرعة فوق صدرها وأحمر وجهها خجلا عندما تبادر ألى ذهنها فورا أنه هو الذي خلع عنها ثيابها , وقف قربها وسألها بأهتمام :
" هل تشعرين الآن بتحسن؟".
هزت ميراندا رأسها وقالت له , بعد أن أزاحت وجهها عنه بحياء :
" أشعر.... أشعر بتحسن كبير , شكرا. أنني...... أنني آسفة على هذا الأزعاج الشديد , سوف أذهب بمجرد أرتداء ثيابي".
لم يرفع نظره عنها , بل قال بنبرة جادة لا تقبل النقاش:
" لن تذهبي ألى أي مكان , يا آنسة , أنت بحاجة للبقاء في هذا السرير عدة أيام , كنت محظوظة جدا للخروج من هذه المشكلة بمثل هذه البساطة , كان من السهل جدا , لا سمح الله , أن تلحقي ضررا بالغا بعمودك الفقري".
نظرت أليه ميراندا وهي لا تصدق أذنيها , ثم قالت :
" ولكن , لا يمكنني البقاء ....... هنا!".
" لماذا؟".
منتديات ليلاس
تحركت بتململ في السرير الصغير وهي تدرك أن أي حركة خاطئة سوف تسبب لها أزعاجا بالغا , ثم قالت له:
" لا أحد يعلم مكان وجودي , لوسي الآن في المزرعة وهي تظن.... كالآخرين أنني مرتاحة في غرفتي ... نتيجة لصداع......".
" أنك مرتاحة الآن , يا آنسة , لا تزعجي نفسك , فقد أبلغت عائلتي عن مكان وجودك , كما أبلغتهم بأنك لست الآن في حالة تسمح بنقلك من مكان ألى آخر , أنه لأمر مؤسف ولكن لا يمكن تفاديه".
ثم تنهد قليلا ومضى ألى القول :
" حسبما أرى في الوقت الحاضر , ليس هناك أي مشكلة في الظهر لا يمكن معالجتها , ألا أن الأيام القليلة المقبلة سوف تثبت ما أذا كان تشخيصي للحادث صحيحا أم لا".
تنهدت ميراندا وسألته بتمرد واضح :
" هل أنت غاضب مني؟".
قطب رافاييل حاجبيه وسألها بأستغراب:
"غاضب , يا آنسة!".
" نعم...... غاضب! أنت تقف قربي وتخبرني هذه الحقائق حول الوضع الذي أنا فيه مع أنك بالتأكيد تشعر نحوي بالأشمئزاز والحنق لأنني فرضت نفسي عليك كأمر واقع وبدون دعوة!".
وضع رافاييل يديه وراء ظهره وقال لها بهدوء:
" لقد أصبت بحادث لم يكن بسيطا , يا آنسة , ومن الطبيعي أن أبذل ما في أستطاعتي لمساعدتك ..... شأنك في ذلك شأن أي أنسان آخر مصاب مثلك".
" أوه , شكرا لك".
قالت كلماتها بلهجة ساخرة بعض الشيء لأنها أرادت أثارته ومعاملته بالمثل , ثم مضت ألى القول بصوت مرتفع وحاد:
" وأعتقد أنك أعتبرتني كمجرد أنسنة مصابة عندما حملتني بين ذراعيك وأحضرتني ألى هذه الغرفة...... وعرّيتني من ثيابي , أليس كذلك؟".
" لا تفقدي أعصابك , يا آنسة , أنا لا أخجل مما فعلت , لأنني طبيب , لقد كشفت على عدد كبير من النساء , وساعدت كثيرا من الحوامل على الأنجاب , وأؤكد لك بأنك لم تكوني مختلفة عن أي أمرأة أخرى بحاجة لمساعدة طبية".
" أعرف ذلك , وهذا ما كنت أعنيه بالضبط".
" لا بد أن تكوني جائعة , يا آنسة , سوف أحضر لك بعض الطعام".
أمسكت معصمه بقوة وقالت له بشيء من الأسترحام :
" أنا ...... أنا آسفة , أعذرني لأنني تصرفت بأستهتار , أنا أعرف أنك بذلت أقصى جهدك لأجل مساعدتي , لا تغضب مني , أرجوك !".
نظر رافاييل ألى يدها الممسكة بمعصمه وقال لها برفق وحنان:
" أنا لست غاضبا منك , يا آنسة , أنني أدرك أن نواياك الطيبة هي التي دفعتك لزيارتي , وهذا أمر أقدره كثيرا وأشكرك عليه , ولكنك الآن كمريضة في عيادتي وسوف أبذل قصارى جهدي للأعتناء بك".
" أوه , رافاييل ! لماذا لا تتخلى أبدا عن تحفظك وحذرك البالغين ؟ ألا تشعر أبدا بأي عواطف أو أحاسيس تثيرك قليلا ".
أحمر وجهه بسرعة ولم تعلم ميراندا ما أذا كان ذلك نتيجة تحرك مشاعره أو غضبه , أفلت معصمه من قبضتها وقال لها ببرود مزعج:
" سوف أحضر لك الحساء , يا آنسة".
ثم غادر الغرفة بدون أن يلتفت أليها......