" صباح الخير يا كولبي , ما أجمل هذه الزهور , نسقتها فعلا بكثير من الفن والحب , أين سوزان وروشيل؟".
" في الشرفة يا عمتي".
" تتحدثان كالعادة , لن نزعجهما ,ما رأيك يا عزيزتي في تناول الشاي معي , السيدة أيفانز تحضره لي كل صباح في غرفة الجلوس الخاصة بي , تعالي معي".
وسبقتها الى الجناح الغربي من المنزل , وعندما دخلت كولبي غرفة الجلوس الخاصة ببيللا وقفت تتأملها برهة , أنها الغرفة الوحيدة في المنزل التي تحمل طابعها الخاص , الألوان دافئة تندرج بين تموجات البرتقالي والذهبي , الرفوف كانت تحمل عددا كبير من الكتب وأزدانت الجدران بلوحات تمثل التلال الرملية عندما تخلع عليها شمس المغيب ظلالا قرمزية , وأغلقت بيللا الستائر.
" سيكون هذا النهار شديد الحرارة".
" أحب الحر يا عمتي , يجعلني أشعر بالحيوية".
" كم تشبهين دارت , هو دائما يقول ذلك , لكن أنتبهي يا عزيزتي , لا تتعرضي كثيرا لأشعة الشمس , أنها مؤذية".
ودخلت السيدة أيفانز بعد أن نقرت على الباب بضربة خفيفة.
" رأيت الآنسة كولبي تدخل معك فأضفت فنجانا آخر".
" شكرا لك".
تركت السيدة أيفانز الصينية الحافلة بأنواع الحلوى , وخرجت بعدما أغلقت وراءها الباب بهدوء.
جلست بيللا وراء المائدة الصغيرة ,لتصب الشاي من الأبريق الفضي برشاقة تدل على خبرة طويلة ,وراء الأواني الفضية , لم يعد فيها شيء من المرأة المزارعة , بل بدت على طبيعتها سيدة أرستقراطية جاء بها العم سيروس من المدنة , وأنتزعها من محيطها الطبيعي , لتهتم بشؤون كنغارا.
" هل تحبين الحليب مع الشاي يا كولبي؟".
" لا شكرا يا عمتي".
ودخلت ميني حاملة وعاء السكر , أرادت أن تؤدي تحية مهذبة فأنحنت بأحترام , لكن محاولتها أنتهت بأن علق أبهام قدمها بالسجادة فتعثرت ووقعت في حضن بيللا , لكنها لم تكسر شيئا هذه المرة.
" لم أكسر شيئا هذه المرة يا سيدتي".
وحافظت بيللا على برودة أعصابها وهي تقول:
" حسنا يا ميني , أخرجي الآن".
منتديات ليلاس
وحاولت كولبي السيطرة على ضحكاتها المكتومة وهي ترى أستياء بيللا , أنها تحب ميني برغم كل الكوارث الصغيرة التي تحدث فور دخولها المنزل ,وتناست بيللا الموضوع.
"كولبي قلت لي أمس أنك تريدين مساعدتي في المراسلات , لا أريد أن أستعجلك ,ولكنني سأكون سعيدة جدا لو وفيت بوعدك , لا تعرفين كم أكره هذا العمل".
" أنا سعيدة لأنني أستطيع مساعدتك يا عمتي , أنني أكره البقاء بدون عمل".
وترددت بيللا قبل أن تتابع قائلة:
" هل تساعدينني اليوم؟".
" ولما لا , الآن؟".
ومر الصباح في أنجاز المراسلات.
عادت روشيل وسوزان من نزهة بعد الظهر وهما تتألقان نشاطا وحيوية , كانت كولبي تقف في الشرفة تبحث عن بوكا , تريده أن يسمع البرنامج الدراسي الذي يبثه الراديو المحلي يوميا لأطفال السكان الأصليين.
ونظرت اليها سوزان عاتبة:
" ماذا حدث لك ؟ أين كنت؟".
"كنت أساعد العمة بيللا , هل أستمتعتما بوقتكما ؟".
أجابتها روشيل بحدة:
" وما الذي يجعلك تعتقدين أننا لم نستمتع بنزهتنا؟".
أستغربت سوزان رد فعل صديقتها , فعقدت حاجبيها أستياء , كم كانت تشبه والدتها في تلك اللحظة.
" دارت سأل عنك يا كولبي , قالت له روشيل أنك رفضت مرافقتنا , لكن طبعا أذا كنت تساعدين والدتي..".