نهض مايك من مقعده ليساعد بيللا على الوقوف مبعدا بتهذيب كرسيها عن الطاولة ثم قال:
" هيا أسبقني يا ستيفن , ضع الموسيقى المناسبة وسألحق بك".
وغمزت كولبي سوزان قائلة:
" الأقبال كبير علينا اليوم , هل تعتقدين أن السبب يعود الى النقص في عدد النساء".
" لا يهمني السبب , سأستغل الظرف الحالي".
وللمرة الأولى ترى كولبي عيني سوزان تتألقان فرحا , وشفتيها تتسعان في أبتسامة عريضة مشرقة.
وأسرعت سوزان وراء شقيقها ستيفن , ليغرقا بعد لحظات في مناقشة حادة حول الألحان الصالحة للرقص , أما كولبي فتبعت دارت.
" عزيزي دارت , آمل ألا تكون تضايقت من الفكرة".
" لا يا طفلتي العزيزة , أفعلي ما يحلو لك طالما أتت في حدود المعقول".
أبتسامته المداعبة دلت بوضوح على أنه يريد مداعبتها , فغيرت مجرى الحديث:
" كيف تشعر الآن ؟".
وعرفت كولبي أن الجواب لن يكون فيه أي أثر للجدية:
" كيف ترينني؟".
" تبدو أكثر أنسانية".
وتعلقت عيناها بوجهه الرجولي , تبحثان عن سبب التغيّر الذي طرأ على علاقتهما , هذا الأحساس الجديد بالأضطراب والتوترلم تكن تعرفه من قبل.
وساد صمت ثقيل بينهما , تابع فيه دارت مراقبة كولبي عن كثب
فأنتفضت ساخرة:
" ما بك , ألا تعجبك الفتيات الحمراوات الشعر؟".
" أنا معجب بك أنت وحدك".
كلماته خلت من السخرية , كان يتكلم بحنان:
" ماذا حدث لنا يا دارت؟".
" أنا لم أتغير , لكنني أعتقد بأنك تكبرين".
منتديات ليلاس
" أنا لم أتغير , لكنني أعتقد بأنك تكبرين".
" تقصد أن تقول أنك كبرت".
" هل تعتقدين ذلك؟".
لم تستطع كولبي أن تتحمل سخريته منها هذه المرة , فأبتعدت عنه غاضبة , ترن وراءها ضحكته الهازئة , تبا لك يا دارت !
يتعامل معها وكأنه السيد المطاع , كيف لم تلاحظ ذلك من قبل؟
وأرتاحت أسارير مايك فاراداي وهو يراها مقبلة نحوه , كمن هي رشيقة ورقيقة وأنثى! روشيل ستركهها من النظرة الأولى
هذه المرأة لن تتنازل لأي كان , فهي من النوع الذي لا يسمح لأي كان ولأي شيء بالتدخل في مشاريعه , ودارتلاند كينغ كان من أحد مشاريعها ومعه كل الأراضي التابعة للعائلة.
" تبدين رائعة يا آنسة كينغ".
" شكرا يا سيد فاراداي , الأطراء موسيقى ناعمة تحب سماعها أي أمرأة... برغم أنني فهمت منذ قليل بأنني ما زلت في طور الطفولة ".
أسترق مايك نظرة من فوق رأسها الى دارت ,وعلق ضاحكا:
" أعتقد أن المرأة لا تصبح أمرأة فعلا ألا لدى أنجاب طفلها الأول".
" أشك في ذلك يا سيد مايك , بعض أقرب الصديقات الي عوانس
لكنني لا أشك بأنوثتهن لحظة".
" فلندع الحديث جانيا , هل تسمحين لي بهذه الرقصة".
كان ستيفن وسوزان يرقصان وسط الغرفة بدون حماس , وبأقتراب كولبي ومايك منهما صرخ ستيفن بأحتجاج مشيرا الى شقيقته:
" لا يمكن أن يستمر الوضع على هذا الحال , أريد أن أغير شريكتي , مايك دع كولبي لي , وأرقص مع سوزان".
وحاول مايك أن يخفي أنزعاجه , فسوزان في عمر صعب ,وما لم يكن مخطئا , يبدو أنها بدأت تتعلق به عاطفيا.
ولم يكن مايك مخطئا , أشرق وجه سوزان حين لامستها ذراعاه , ولمعت عيناها فرحا
لاحظت كولبي التغيير الذي طرأ على ملامح سوزان:
" الحب لعبة قاسية يا ستيفن".
" ما سبب هذه الملاحظة الآن؟".
" سوزان , ربما ,لا أود أن أكون حشرية لكن هل هي ...".
" لا أعتقد , أو على الأقل ليس في المرحلة الحالية , مايك يمشي على خطى دارت , أقصد أنه أيضا عازب لا يمكن الأيقاع به بسهولة , وأقناعه بالزواج , أنا لم ألتق حتى الآن برجل لديه قدرة الأكتفاء بالذات كالتي يملكها دارت , أنظري كيف صمد أمام كل محاولات روشيل التي أستخدمت حتى الآن كل خدعها األأنثوية للأيقاع به".
" لا تكن قاسيا يا ستيفن , لا يمكن أن تكون روشيل بهذا السوء".
" أحكمي بنفسك , لكنني أخاف أن تنشب أظافرها في وجهك , فأنت رقيقة وناعمة , و....".
" لا تستعمل أساليبك الملتوية معي يا ستيفن , أنا محصنة ضد الرجال , على الأقل لخمسة أعوام مقبلة".
" لا أصدق كلمة واحدة مما تقولين , فتاة جميلة مثلك لا بد أن تتزوج قريبا".
ورنت أصداء كلماته الأخيرة في الغرفة , ومع أنتهاء لحن الأغنية
فسمعها دارت وأقترب منهما:
"من هي التي ستتزوج قريبا ؟ هل تخفي عنا كولبي شيئا يا ستيفن؟".
" لا , كانت تقول بأنها لن تفكر في الزواج قبل خمس سنوات على الأقل".
" وفقط أذا وجدت الشخص المناسب , لا تنسى أنها لن تستطيع الزواج ألا بموافقتي , فأنا سأبقى وصيا عليها لأكثر من أربعة أعوام".
وبدون سبب محدد شعرت كولبي بسعادة غامرة , وفتحت ذراعيها لأبن عمها تداعبه قائلة:
"هل تجد في نفسك القوة الكافية للرقص؟".
ولم تتوقع أن يستجيب دارت لندائها , جرحه وحده كان كافيا لمنعه من الحركة , لكنه أطفأ سيكارته , نافخا دخانها الرمادي في الهواء , وتوجه الى كولبي , ليحتضنها بين ذراعيه , فيميلان معا على أيقاع الموسيقى.
منتديات ليلاس
وقاد دارت خطوات كولبي برشاقة وليونة في الحركة , فتبعته طائعة وهي غارقة في ظل رجولته ,وللمرة الثالثة في تلك الأمسية تشعر كولبي بالتوتر والأضطراب بدون سبب معين.
" أنت لست بالجودة التي كنت تدّعين قبل قليل!".
تمتم دارت برقة وهو يشد قبضته عليها , فأبتعدت عنه , لم تتحمل كرامتها مزيدا من السخرية.
" أعتقد أن طولك الفارع هو السبب يا دارت".
ولم يرد عليها بل ألتفت الى بيللا ليرفعها عن مقعدها قبل أن تدرك ماذا يحدث.
" يا ألهي دارت , أنا لم أرقص منذ زمن طويل".
وضاع أحتجاجها في صخب الموسيقى , وتصفيق سوزان وستيفن اللذين وقفا قربها يشجعانها على الرقص ,ومرت السهرة في جو من المرح والأنطلاق , وعندما خفتت الألحان لاحظت كولبي لمحة ألم عابرة على وجه دارت
فعلقت قائلة بسخرية:
" أنت لست بالقوة التي كنت تدّعي قبل قليل!".
نهاية الفصل الثالث