وعلى رؤوسهم أشكال غريبة صنعوها من ريش الببغاوات الملون أما صدورهم البرونزية فكانت مزينة برسوم يمثل كل واحد منها أسطورة وطنية عبر عنها أصحابها بالأحمر والأصفر والأبيض.
وتصاعد الأيقاع في الهواء صاخبا , ورقيقا أحيانا أخرى , وأمتزجت الأجسام مع النغم , حتى شكلت وحدة متكاملة يصعب الفصل بينها , صارت الرقصة أغنية والأغنية رقصة
وحبس المشاهدون أنفاسهم أمام هذا الأستعراض البدائي الراقص الذي يتفاعل معه المرء بكل عواطفه , والذي يفجر في الأعماق أحاسيس غريبة تعيد الأنسان الى فطرته بعيدا عن القيود الزائفة شعولا لا يستطيع أن يختبره الا من عاش قريبا من الأرض , تمكن الراقصون بساعات قليلة من نقل كل أختلاجات الطبيعة الأنسانية من خوف وحلم وأمل وعنف.
وعندما خفتت الموسيقى , وهدأت الأجسام أرتفع التصفيق يعبر عن الأنفعالات المشتركة التي جمعت بين الأصليين والبيض بدون تمييز.
ومرت بقية السهرة وكولبي تشعر أنها خارج الزمان والمكان .... دارت يتجاهلها تماما كأنها غير موجودة , أهتمامه المبالغ بروشيل كان وحده كفيلا بتمزيقها
ومنافستها تتصرف كأنها سيدة كنغارا , وحاولت كولبي أن تتمالك أعصابها قدر المستطاع , لا تريد أن تلاحظ روشيل ضعفها , ستسخر منها , يكفيها ما حصل حتى الآن.
منتديات ليلاس
وحاول مايك وستيفن التخفيف عنها قدر المستطاع , لكنها لم تستطع أن تبعد عينيها عن رأس دارت وروشيل المتقاربين , كم كانت تتألم في هذه اللحظة! كانت روشيل تتكلم بحماس وثقة المرأة الناضجة التي تعرف جيدا أنها أستطاعت الفوز بالرجل الذي تحب
أبنة عم دارت الصغيرة لم تعد تشكل خطرا عليها, دارتلاند كينع أصبح ملك يديها , وكذلك كل أملاكه ,ووضعت روشيل يدها على عنق دارت , فعرفت كولبي معنى الغيرة التي تجعل القلب ينزف دما , ضحكت بصوت مرتفع لتخفي أضطرابها , لن تسمح لأحد بأن يتشف شعورها الحقيقي
ولم تعد كولبي تطيق النظر اليهما أكثر من ذلك , فحولت أهتمامها الى ريال وبربارة , كان يرقصان على أنغام موسيقى ناعمة ,كعاشقين لا يريان في الدنيا ألا حبهما ,ما أسعدهما من زوجين!
وأنفض الحفل , فلجأت كولبي الى غرفتها , أخذت تسير ذهابا وأيابا بين الجدران الأربعة , عاجزة عن الأستقرار في مكان واحد , حتى الدموع أستعصت عليها
آه لو كانت أكثر نضجا وخبرة , لعرفت عندها كيف تتعامل مع هذه الأزمة العاطفية التي تهز كيانها , دارت كان في كل شيء حولها , في الهواء الذي تتنفس...
لا تستطيع مقاومة حبه المغروس عميقا في كل وجودها ,نظرة واحدة الى وجهه الأسمر كانت كفيلة بهزها عنيفا , لم تشعر في حياتها بكل هذا الضعف والأذلال.
ونظرت الى صورتها المنعكسة في المرآة :
" آه لو كنت أكثر نضجا".
وبحركة طفولية مدت لسانها هازئة ,تسخر من صورتها , عليها أن تأوي الى فراشها الآن ,وهي متعبة وتريد أن تنام
وفجأة تذكرت هدية دارت , كانت تنوي أن تعطيه اياها على أنفراد , لكنها غيرت رأيها الآن ,ستضعها تحت الشجرة مع بقية الهدايا ,أختارت له هدية تعني لها الكثير
ستقدم له أزرار أكمام من الذهب الخالص والأوبال كانت تخص والدها, كم تتمنى لو تستطيع البكاء , لا لن تبكي لم تعد طفلة , ستنزل الآن بهدوء لتضع الهدية تحت الشجرة.
ولم تكد تدخل غرفة الأستقبال حتى أستوقفها دارت:
" ماذا تفعلين هنا يا عصفورة الجنة؟ أنت ترتعشين".
لم تجبه بل تابعت سيرها الى الشجرة , فأرغمها على التوقف:
" وماذا تخبئين في يدك يا ساحرتي الصغيرة , لا تقولي أنك تحملين قلبك على يدك لتقدميه لي هدية!".
ثارت كولبي لكرامتها أمام هذه السخرية الواضحة بها , فأجابت بعنف:
" لا , قلبي ليس لك يا دارتلاند كينغ".
" هل هذا قرارك النهائي؟".
منتديات ليلاس
" نعم , كم أكرهك يا دارت".
قالتها بقوة وهي تتمنى لو كانت صادقة فعلا في قولها.
زكانت ردة فعله فورية أحتضنها بقسوة وهو يردد بعنف:
" لن تتوقفي عن حبي وأنت حية يا كولبي".
وحاولت أن تتخلص من قبضته بدون جدوى كان أقوى منها.
" كنت شديدة الأغراء هذا المساء يا صغيرتي بفستانك الأسود , لا بد وأن مايك أخبرك بذلك , الرجال كلهم وقعوا تحت سحرك , وأنا واحد منهم".
وصفعته كولبي بقوة , وللحظات حل صمت ثقيل بينهما , لم يتحركا من مكانهما , وأحست كولبي بالخوف وهي ترى دارت يحاول اجاهدا السيطرة على غضبه.
" أذهبي الى فراشك يا كولبي قبل أن أفقد أعصابي".
وركضت كولبي الى غرفتها والدموع تنهمر من عينيها... دموعها سترافقها في الليالي المقبلة كلما تذكرت هذه اللحظة الأليمة , طعنها دارت في الصميم وجرحها لن يضمده الزمن ,لن تعرف السلام بعد الآن , ستجد طريقة تفر بها من الحصار الذي فرضه عليها دارت ,وستغادر هذا السجن الأجباري بدون رجعة ستحرر من قبضته أخيرا.
نهاية الفصل 11