وتحركت كولبي وراء الرجال تستمع الى أحاديثه , دينغو , الذئب المتوحش المعروف بقوته وكره ,كان يشن هجومه دورية في شتى أنحاء المقاطعة تاركا وراءه أثرا داميا من العجول الميتة , ويقال أنه حاول أكثر من قتل الرجل الذي يقف في طريقه
أحد العمال تمكن من أصابته برصاصة واحدة عند هجومه الأخير , لكن الذئب أستطاع الفرار ولجأ الى التلال ليسترجع قواه , حتى بن أعترف بأنه من المستحيل تقريبا القضاء على هذا الوحش البري ,نظرا لجرأته وسرعة تحركه.
بعد خمس وثلاثين دقيقة وصلوا الى مخيم رعاة البقر , الذي أنتشر حوله القطيع يرعى بأسترخاء , نهض مايك من مكانه وأقترب مهم عابسا :
"تمكنا من تحديد مكانه عدة مرات , لكننا لم نتمكن من القضاء عليه , صوت الرصاص سيخيف القطيع , فلا نعود نستطيع السيطرة عليه".
ترجل دارت عن جواده وساعد كولبي على النزول عن فرسها.
" على الأقل نحن الآن بينه وبين فريسته , أي أن هذا لمصلحتنا , سنحاول أن نطبق عليه من كافة الأتجاهات فور بزوغ الفجر".
كان مايك ينظر الى كولبي وكأنه لا يصدق وجودها بينهم , لاحظ دارت التعبير الذي مر خطفا في عينيه , فأبتسم ساخرا:
" أعرف, أنا نفسي أكاد لا أصدق أنني وافقت على أصطحابها معي".
ودافعت كولبي عن نفسها:
"أنا صيادة ماهرة يا مايك".
وهب بن الى نجدتها :
" نعم هي كذلك , ألست أنا أستاذها".
" فلنأمل أن تتمكن الصغيرة من برهنة ذلك , هذه هي فرصتك الوحيدة يا عزيزتي , وحتى أتأكد من أنه لن يصيبك مكروه , سأبقيك بيني وبين ستيفن, أذهب أنت برفقة مايك سأعود بعد قليل أريد أن أتكلم قليلا مع الرجال".
وتوجه دارت الى العمال , ليلقي أوامره عليهم , وبعد ساعة تقريبا سمع الجميع صوت رصاصة يشق سكون الليل
وندت عن دارت شتيمة عنيفة :
" يا ألهي لا بد أنه ستيفن , ألن أستطيع أبدا أن أجعل منه راعيا ماهرا؟".
وقطع الصمت الثقيل صوت بن يقول بقلق:
" القطيع....".
وسمعوا كلهم صوت الحيوانات التي أخافها صوت الرصاص , فبدأت تركض كموج هادر يجرف كل شيء في طريقه ,ونظر دارت الى جسم أبنة عمه الرقيق :
" يا ألهي كيف وافقت على مجيئك معنا!".
" لا تخف , أنا لست لعبة من زجاج".
ومن مكان قريب أرتفع صوت مايك صارخا:
" ستيفن! لا تطلق رصاصة ثانية ! أين أنت... القطيع!".
جاء الأنذار متأخرا , القطيع كان يهدر وراء قائده والعرق يتصبب منه خوفا وهلعا.
وأحس ستيفن بالخطأ الذي أرتكبه , رأى دينغو فأطلق رصاصة أنذار , لقد نسي تماما وجود القطيع في حمى المطاردة , وتصبب العرق البارد من جبينه , أنه لن يصبح أبدا راعيا للبقر ,ولو بعد مليون سنة من التدريب ,دارت سيقتله لفعلته هذه , ها هو يراه الآن على صهوة جواده يمر أمام الثور القائد وهو يطلق الرصاص في العراء ,والرجال على الجوانب يلوحون بسياطهم في الهواء , وأجبر دارت الثور الهائج على تبديل مساره , وأخيرا أوقفه على بعد أميال قليلة من المخيم.
منتديات ليلاس
أقترب مايك والعمال من القطيع الذي كان ما يزال يرتجف خوفا , وحاولو تهدئته بأصواتهم الآمرة .
" أنتهى الأمر , الحمد لله!".
صرخت كولبي ,لم تعد تستطيع أن تلعب دور الفتاة الهادئة المتملكة لأعصابها , ما زال ذهنها مشغولا بصورة دارت منقضا على القطيع الهائج , الخطر كان كبيرا , عجل واحد يستطيع أن يثير القطيع بأكمله بحركة واحدة.
وبعد عشر دقائق عاد ستيفن شاحب اللون ,وقد طأطأ رأسه أرضا ,وقف صامتا
أمام دارت الذي ترجل عن جواده ببطء , وبدا الهواء ثقيلا بالتوتر ,وساد الصمت لثوان أمتدت وكأنها ساعات , وأخيرا قطع دارت السكون ليقول بحدة:
" أعتقد أنك تعلمت الدرس جيدا يا أبني , لذا لن أقول لك أكثر من هذا".
وأعترض ستيفن فورا:
" أصرخ يا دارت , أرجوك أنبني , أنا أستحق ذلك , هيا أضربني ,قم بأي شيء أرجوك ! أنا أستحق العقاب".
" لا داع لذلك يا ستيفن , علنا أن تستعد لمتابعة المطاردة , سنتحرك عند بزوغ الفجر , سنتقاسم الحراسة طوال الليل".
وأرخى دارت يده على كتف كولبي يهدئها لأنه أحس بأن جسمها ما زال يرتعش تأثرا , وأرتفع صوت مايك:
" سأقوم أنا بنوبة الحراسة الأولى".