ألتقطت شارلوت بهدوء وخلسة المنجل , وبدأت تهبط الدرج بخطوات جانبية , بلغت آخر الدرج , وفجأة ظهر من جديد , حملق كل منهما في الآخر دقيقة ,والآن بعدما رأته وجها لوجه , لم يعد لدى شارلوت أدنى شك أنه لم يكن هذا النوع من البشر الذي يأمل المرء أن يلقاه في مكان كهذا تضيع فيه هباء صرخة الأستغاثة , لقد حذّرتها أمها من الرجال ليسوا كلهم مثل أبيها , وأن بعضهم لا يمكن الوثوق به , بل يجب تحاشيه لم تكن السيد مارتن واضحة بشأن ما يمكن أن يقدموا عليه , وأذا ما أخطأ المرء ووثق بهم , ورغم أن شارلوت لم تلق بالا ألى كلام أمها في ذلك الوقت , لكنها تذكرت ذلك التحذير الآن , وأدركت بحدسها أن هذا الرجل هو من ذلك النوع الذي عنته أمها , فهي لم تر من قبل ذلك التعبير الذي علا وجهه وهو خارج من غرفة الأستقبال , ولا تستطيع أن تعرفه الآن ,ولكنها كانت نظرة جعلتها تندفع عبر البهو , منطلقة خارج الباب لتلقي بنفسها وسط الغابة وكأن شيطانا يطاردها .
بلغت الشاطىء لكنه لحق بها , وأحست أنه يحاول الأمساك بها , راوغته ولوحت بالمنجل في وجهه , ثم وجهت أليه ضربة كان من الممكن أن تبتر ذراعه لو أصابت ولكنها لم تمسه , وبينما كان السلاح يقطع الهواء , قفز جانبا , ثم أستدار وأندفع نحوها , دار صراع قصير بينهمت ثم جذب المنجل من يدها وقذف به بعيدا , وبعد لحظة وجدت وجهها منبطحا على الرمال , بينما أنحنى الرجل بجانبها , ممسكا برسغيها خلف ظهرها , لم يكن بوسعها أن تفعل شيئا سوى أن تلتقط أنفاسها بعدما أحست بالتعب , وتملكها الفزع , فحتى لو كان لديها مزيد من القوة لتقاومه لكان ذلك بدون جدوى , وفجأة أحست بيديها وقد تحررتا , دحرجها على ظهرها بلطف قائلا :
" لا تفزعي , لن أمسك بأذى ".
فتحت عينيها ونظرت أليه , للحظة تصورت أن الرجل الذي أمامها الآن هو رجل آخر , فلم يكن هذا هو الوجه الذي أفزعها منذ قليل في المنزل , بل بدا ودودا ضاحكا – يصغر عشر سنوات عما رأته منذ قليل .
منتديات ليلاس
جلس على الرمال قائلا :
"أنا آسف أذا أضطررت أن أكون فظا معك , ولكنك كدت تقسمينني نصفين , أنت في حاجة ألى شيء تشربينه , أنتظري سأحضر لك شيئا ".
وبينما كان يبتعد جلست شارلوت وبصقت الرمال من فمها , كان هناك الآن في المجرى المائي زورقان زورقها وزورق سباق قرمزي اللون , جلست ترقبه وهي ترتعش وهو يخوض في المياه ناحي زورقه.
وعاد بالزجاجة وسترة صوفيه قائلا :
" من الأفضل أن تضعي هذا على كتفيك ولو لعشر دقائق , فلقد تلقيت صدمة قوي , أن أسنانك تصطك ".
وبعدها لاحظ أنها ترتعش ألى حد يمنعها من القيام بأي رد فعل طبيعي وضع السترة على كتفيها قائلا وهو يضع الزجاجة أمام شفتيها :
" والآن خذي جرعة قوية من هذا".
كان رافاس مارتن يمنع أولاده من المشروبات بصرامة , لذا أحست شارلوت بالأختناق وهي تبتلع المشروب , كادت تنهار على الرمال مرة أخرى لو لم يساعدها ذلك الرجل الذي أخذ يربت على ظهرها بقوة لتلتقط أنفاسها , وعندما أستعادت قدرتها على التنفس , تناول هو مشروبه , كان من الواضح أنه معتاد عليه , فقد تناول جرعة كبيرة من المشروب وكأنه يشرب عصير الليمون .
" أتشعرين بتحسن ؟".
أومأت برأسها أيجابا , أحست بسترته وقد وضعتها على كتفيها , خفيفة , ولكنها غاي في النعومة , تشع دفئا , وبادرته قائلة :
" ماذا تفعل هنا؟".
" أستكشف المكان , سمعت أشياء عن هذا المكان أثارت فضولي لرؤيته ".
" ماذا سمعت؟".
" أن هذا المكان لم تطأه قدم منذ زمن بعيد , يبدو أن من أبلغني ذلك أخطأ , من أنت؟ وماذا تفعلين هنا؟".
" أنا شارلوت مارتن , وأعيش هنا ".
أتسعت عيناه قائلا :
"هنا ؟".
" كلا , ليس هنا , ولكن في البلد المجاور لهذا المكان ".
مد يده مبتسما يقول :
" مرحبا بك يا شارلوت مارتن , أسمي ليام ... ليام هاملتون ".
" أهلا بك ".
أدركت وهما يتصافحان أنها لم تر من قبل شخصا لديه مثل هاتين العينين الزرقاوين الداكنتين .
" أهذا كل ما سمعت ؟".
" حسنا , كلا , كان هناك المزيد , ولكنني أعتقد أنه قيل لجذب أهتمامي , فهم لم يقولوا شيئا محددا, بل الكثير من التلميحات المثيرة والقليل من الحقائق ,قررت أن أحضر وألقي نظر , فلم يكن لديّ ما أفعله اليوم أفضل من ذلك , وما دمت تأتين ألى هنا فمن المؤكد أن المكان ليس به شيء ".
" أنا الأنسان الوحيد الذي يجيء ألى هنا , فلا يجرؤ أحد من أهالي المنطقة على ذلك ".
" تعنين أن هناك شيئا مرعبا بالنسب ألى الجزيرة؟".
" من المفروض أنها مسكونة بالأرواح !".
" حقا؟ ألهذا ركضت بعيدا , هل تصورت أنني شبح , هل تصورت أنني شبح ؟".
" كلا , ولكنني لم أسترح لمنظرك ".
أبتسم قائلا :
" أنت فتاة لا تختارين الألفاظ اللطيفة! أعتقد أن شكلي بدا شعثا بعض الشيء ".