" كان يجب أن أخبرك من قبل – فهي قصة طويلة معقدة ".
" أوه , يا ألهي , لقد كنت محقة ".
هكذا حدثت أنيتا نفسها – فمنذ سنوات عندما كانتا تتحدثان عن فتاة أخرى أتعستها علاقة عاطفية طائشة , أتفقتا على أنه من الغباء التورط مع الرجال المتزوجين , أو حتى أقامة علاقات مع العازبين منهم , فرغم أنه من المفروض أن فتيات من وطنهما قد تحرن تماما هذه الأيام , ألا أن مثل هذه العلاقات تنتهي دائما بشكل سيء للفتيات أن لم يكن للرجال أيضا .
قالت أنيتا بصوت مسموع :
" ليس من الضروري أن تذهبي أذا كنت قد عدلت عن رأيك , فمن الأفضل أن تتراجعي الآن في اللحظة الأخيرة من أن تستمري في شيء لست واثق منه".
نظرت أليها شارلوت بعينين متكدرتين قائلة :
" هذا هو ما يجعل الأمر أكثر صعوبة , فقد كنت واثقة من الأمر , لم يكن لدي أدنى شك , كان يجب أن أقدم على ذلك , مهما بدا جنونا للآخرين , ولكن بمجرد أن أنتهيت من كل الترتيبات بدأت أقلق .... أتساءل ما أذا كنت قد أخطأت ".
كتمت أنيتا أنينا في داخلها وقالت :
" لماذا لا تفصحين عن الأمر لي ؟ فالحديث عن مشكلة يساعدك أحيانا على رؤيتها في ضوء جديد , أتريدين فنجانا من القهوة؟".
وبعد القهو قدمت أنيتا سيكارة لصديقتها , ولم تكن شارلوت تدخن ولكنها أخذت السيكارة , كانت يداها ترتعشان وهي تضعها بين شفتيها .منتديات ليلاس
حدثت أنيتا نفسها قائل وهي تشعل لها السيكارة :
" يا ألهي , أنها في حالة غريبة , فرغم أنهما في السن نفسها , ألا أن أنيتا كانت دائما تعتبر صديقتها أكثر منها نضوجا وأتزانا , ولكن , في تلك اللحظة لم تكن شارلوت تبدو الموظفة المتزنة الثابتة , كانت قد غسلت وجهها من المساحيق , فبدا شاحبا للغاية , وكان شعرها الأشقر الطويل الذي أعتادت أن تشبكه فوق رأسها بالدبابيس وقت العمل مسترسلا الآن على كتفيها , وبدت وهي تنفث السيكارة بلا خبرة , صغيرة , ضعيفة للغاية هشة الشخصية .
بدأت حديثها قائلة :
" لن تكون هذه هي المرة الأولى التي أذهب فيها ألى جزر الهند الغربية , فقد نشأت هناك في الواقع".
" ماذا؟ ولكنني كنت أعتقد أنك ولدت في أنكلترا , لقد قلت لي .....".
" نعم , ولدت في لندن , ولكن والدي سافرا ألى الخارج وأنا في الرابعة من عمري , وعدت عندما كنت في الثامن عشرة , لم أقل لك ذلك لأنني لم أكن أود الحديث عن هذه الفترة من حياتي".
ظلت شارلوت تغدو وتروح في الغرفة في قلق وقالت :
" عندما جئت ألى لندن كنت أحس بادىء الأمر أنني تعيس وحيدة , زهدت الحيا , فلندن تصبح مكانا مرعبا أذا كنت تعيشين وحدك ولست معتادة على العيش في مدينة كبيرة , المرة الأولى ضاق صدري في قطار تحت الأرض , وشعرت بذعر حقيقي , كنت أشعر أحيانا أنني لو سقطت ميتة في أحد الشوارع , سيدوسني الناس بأقدامهم ولن يهتم أحد بي , فجميعهم مشغولون بالتزاحم بالمناكب لقضاء مصالحهم الخاصة ".
" أعرف ماذا تعنين ".
قالت أنيتا بمرارة , فقد كانت هي يوما وافدة جديدة على لندن , وتذكر جيدا أنها أحتاجت ألى بعض الوقت لتتلمس الطريق.
وأستطردت شارلوت قائل :
" وأخيرا أدركت أن عليّ أن أستجمع نفسي , فعزمت على ألا أفكر فيما مضى وأن أركز على حياتي الحديدة , وهكذا لم أعد أتحدث عن الماضي مطلقا , محاولة ألا أفكر فيه كثيرا , ولكنني عزمت أن أعود ألى هناك يوما ,وبمجرد أن حصلت على زظيفة مناسبة بدأت أوفر جزءا من راتبي كل أسبوع , كنت أعلم أن عليّ أنتظار وقت طويل قبل أن أوفر المال اللازم لتلك الرحل , أعطيت لنفسي أربع سنوات ... ليس فقط لأوفر المال اللازم ولكن أنضج وأغيّر نفسي ".
توقفت عن الحديث , رأتها أنيت ترتجف , ثم أستطردت قائلة :
" عندما تكونين في الثامن عشرة , فأن أربع سنوات تبدو كأنها حكم بالسجن المؤبد, في بادىء الأمر أعتدت أن أشطب من أيام الرزنامة كل يوم يمر , فالأسبوع بدا كأنه شهر , وبعدئذ وبعد أن أنهيت تدريبي على أعمال السكرتارية , لم تصبح الأمور بهذا السوء , كنت أعمل بجد في وظيفتي الأولى , وبدأت أنشىء صداقات , وبعد أن أمضيت عاما أدركت أنني لم أكن تعيسة ولكنني لم أكن سعيدة , جاء وقت قبل أن ألتقي بك , ظننت فيه أن بوسعي أن أكون سعيدة , ظننت أنني وقعت في حب شخص ما , ولكن هذا الحب لم يدم – كما أنه لا يدوم في سائر التجارب , فبصورة ما , وبعد فترة أجدني دائما أبتعد عن الناس – أقصد الرجل وكأنه....... كأنه ليس بوسعي أن أبدأ من جديد قبل أن أتأكد أن ما حدث من قبل قد أنتهى – أنتهى تماما ".
" أسمعي يا عزيزتي , كل هذا يبدو محيرا لي , أليس من الأفضل أن تعودي ألى البداية ".
" البداية؟".منتديات ليلاس
رددت شارلوت تلك الكلمة بشكل غامض , ثم تنهدت وجلست وكأنها أحست بالتعب .
" أعتقد أن الأمر بدأ عندما ذهبت ألى الجزيرة للمرة الأولى , ليتني لم أذهب ألى هناك ".
قاطعتها أنيتا قائلة :
" ما هي تلك الجزيرة , وأين هي؟".
" أنها جزيرة سوليفان , كنت معتادة أن أذهب ألى هناك كثيرا .........".