بدأت الطائرة تضاعف من سرعتها على المدرج وألقوا جميعا النظرة الأخيرة ولوحوا بأيديهم من النوافذ فيما عدا شارلوت التي فتحت أحد كتيبات الطيران لتدرس خريطة الجزر , ولكن جزيرة سوليفان كانت أصغر من أن تسجل على الخريطة.
وسألتها أمها وهي تمس ذراعها في عطف :
" هل أنت بخير يا عزيزتي؟".
" نعم , ولماذا لا أكون كذلك ؟".
" كنت أخشى أن يعتريك شيء من الأضطراب ".
" أنا لا يضايقني الرحيل".
حلقت الطائرة فوق المناطق غير الآهلة من شمال الأطلسي , وكان الوقت ليلا وقد أخلد الجميع ألى النوم , وتذكرت ليام وهو يقول : الحب الأول أقوى حب وهو أكثر الأنفعالات ألما , وكيف أطلقها على عجل عندما قاومت وكيف حلّقت فيما قبل بقليل في آفاق السعادة , وأقنعت نفسها بأن كل ما قاله لم يكن ألا تمثيلا.
وهبطت الطائرة في أنكلترا فأحس الجميع بالسرور , وكانت أسرة فريزر في الأنتظار , ووكزت فلافيا أختها وهما تركبان السيارة الكبيرة قائلة :
" أنظري ! أنها لا تمطر".
وتوقفت السيارة عند أشارة مرور فرأت شخصين من الجزيرة شريكين في المنفى , وقد أئتزروا بملابس شتوية رمادية بدلا من الملابس القطنية الفاتحة التي يلبسانها في بلدهما , وكانا يضحكان معا وخطر لها : أذا كان بوسعهما أن يحتملا البعد عن الوطن فسيكون بوسعي أنا ذلك.
وختمت شارلوت قصتها قائلة :
" كان ذلك منذ أربع سنوات والآن آن الأوان , أنني عائدة ولكنني أحس بخوف مفاجىء , أخبريني برأيك يا أنيتا , هل أحبه حقا؟ أم أنه أنفعال مراهقة؟ وماذا لو وجدته قد تغير ؟ بل ماذا لو كففت عن حبه الآن ؟ هل أكون أسوأ حالا؟".
كانت أنيتا تنصت بأهتمام , وسألتها :
ط ألم يكتب أليك ؟".
" لم يكتب أليّ , ولكنه ظل يكتب ألى أمي بعض الوقت ".
" وهل تعرف أمك بخبر رحلتك؟".
" كلا , لم أتحدث أليها ولا ألى أي شخص على الأطلاق عنه قبل الليلة , لا بد أن تكون قد تخيلت شعوري نحوه عندما هجرنا الجزيرة ولكنها لم تقل شيئا , وربما ظنت أن مشاعري عندئذ كانت مشاعر مراهقة سرعان ما تزول , هل هي كذلك؟".
وعلقت أنيتا :
" لست متأكدة , ولكن القليل جدا من الناس من يصل ألى النصح في سن الثامنة عشرة , ومن الخطأ أن تتزوج الفتاة في تلك السن , لكنني لم أسمع عن مشاعر مراهقة تستمر لأربع سنوات , أعتقد أنك ربما أحببته حقا , هل بينك وبين نفسك تتمنين أن يكون وقع في حبك بالفعل؟".
منتديات ليلاس
" لا , فأنا متأكدة أنه لم يكن يحبني , ولكن الأمر يختلف الآن , فلقد تعلمت الكثير في هذه السنوات الأربع".
" وأذا قدّر لك أن تقابليه , فهل لا زلت تريدينه؟".
" بشرط ألا يكون أرتبط بأخرى".
" لا أعتقد أن هذا محتمل ".
" ربما! ولكن ألا يكون من سخرية القدر أن أقضي سنوات أربع أدخر أجر السفر , وأخيرا أجده تزوج".
وتهدج صوت شارلوت , وعندئذ قالت أنيتا :
"سهرت كثيرا وأنت منهكة , أنهضي ألى الفراش , سأحضر لك مشروبا ساخنا ".
" أخترت وقتا مناسبا للغاية لأحكي قصتي , يا للمسكينة أنيتا , ستكونين في غاية الأرهاق غدا".
" هراء أنا سعيدة , ولم أشعر بالضجر على الأطلاق , لم أكن أفهم لماذا تتجاهلين الرجال الذين يهتمون بك , والآن فهمت السر , لا بد أنه يستحق أهتمامك , ذلك الرجل ليام هاملتون".
" نعم , هو كذلك , أو على الأقل كنت أظنه , منذ أربع سنوات ".
وأحست شارلوت بالكآبة من جديد ودفعتها أنيتا برقة نحو غرفتها وهي تقول :
" هيا , أدخلي , لن أتغيب كثيرا ".
وسألت شارلوت عندما لحقت بها تقول :
" ألم يخطر ببالك أن تكتبي أليه لتخبريهأنك تفكرين في العودة لقضاء أجازة ؟ ولتزوري الأماكن التي كنت ترتادينها ".
" فكرت في ذلك , لكنني خفت , فربما لا يريد أن يراني ثانية , أريد أن أن أراه ولو لمرة واحدة , لأتأكد من شعوري نحوه".
" أنا لا أقول لك بأنك شارلوت مارتن الوحيدة , ولكن من المحتمل أن يعرف عن طريق أجراءات الحجز أنك شارلوت التي يعرفها وربما كتب ألى أمك للتحقق من سفرك ".
" لا فقد حجزت بأسم مستعار".
" ماذا؟".
" حجزت بأسم كلير مانيارد وأخترت كلير مانيارد ليتفق الأسم مع الحروف المنقوشة على حقيبتي ".
" أذن سوف تستطيعين أن تختلسي النظر أليه قبل أن يتعرف عليك".
" لا أعتقد بوجود فرصة ليتعرف عليّ توا.... ولسوف أضع نظارة قاتمة , وشالا على شعري".
" وأذا ما تبين لك أنه لم يكن بحال الرجل الذي أحببته؟".
" عندئذ تكون لي الحرية في أن أحب شخصا آخر".
ووضعت كفيها فوق وجهها , وقالت :
" ولكنه لن يتغير , ليس هناك رجل مثل ليام".