كاتب الموضوع :
سفيرة الاحزان
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
وقفت دابون أمام المبنى مباشرة تتنفس تنفسا عميقا ، وتحاول أن تهدىء من خفقات قلبها التي تدق بعنف . لم تكن في حياتها من قبل قد أحست بأنها أهينت مثل تلك الآهانة ، حتى في تلك المناسبة منذ ثلاث سنوات مضت عندما أخبرتها مدام سلفادور بطريقة حاسمة مؤكدة بالتزامات مانويل . عند ذلك كان لديها بصيص من ألأمل الذي كان يساعدها على أن تتحصن ضد ليالي الوحدة المقبلة ، أما الآن فلم يكن هناك شيء كانت تشعر بأنها قد أصبحت وحيدة يأسة .
كانت دابون مهمومة حول حالتها البائسة الى حد أنها لم تلحظ أن شخصا ما قد خرج من البيت ، وعبر الساحة المجاورة لها ، وأخذت بعنف عندما نادها مانويل :
"دابون"
وكان صوته يختلف تماما عن الصوت الذي كان يتحدث به داخل البيت . وتحركت بعيدا عنه بشيء من الخوف ، وصار يتمم بطريقة تدل على أنه قد فقد صبره ـ وناداها مرة ثانية :
" دابون ، أرجوك "
كانت عيناه قاتمتين من الأنفعال وهو يقول :
" كفي عن النظر الي هكذا كما لو كنت تخشين أن أضربك ! أنني لا أنوي ذلك أنني أسف لأنك واجهت ما حدث "
وخرجت أنفاس دابون في قفزات مسرعة ، وهي تستفسر بتردد:
" هل تعتبر هذا اعتذار عما حدث في الداخل ؟"
وضاقت عينا مانويل ، وهويردد:
"أنني لا اعتذر لأي شخص ، أنني فقط أعبر عما أشعر به "منتديات ليلاس
وهزت دابون رأسها هزة خفيفة ، وهي تتساءل :
" أنتم ، أنتم يا آل سلفادور ماذا تظنون أنفسكم "
واستطعت أن تقمع رغبة في البكاء كانت تعتمل في نفسها ، وأكملت :
" لم أكن أرغب في الحضور الى هنا ، ولم أكن أرغب في هذه المواجهة مع أمك ، ومع ذلك فأن أحدا لن يعفيني من اللوم "
ولمعت عينا مانويل ، وهو يسألها :
" هل تعتقدين أنني ألومك "
وأومات برأسها :
" نعم ، نعم . لقد عاملتني كدمية منذ وصولي ، وجعلتني أرقص على نغمتك لأنك الأقوى . حسنا ، كفى , لقد قررت أن أنهي هذا الموضوع كله. يمكنك أن تحتفظ بنقودك ، لا أريدها "
وناداها بحدة :
" دابون"
ولكنها استدارت بعيدا ، وجرت عبر الساحة الى حيث كانت ميلودي واقفة تنتظرها ، وقفزت الى السرج ، وهي تتجاهل أوامره بأن تترك الفرس ، ثم وكزت الحصان بمؤخرة قدميها ، وبدأ الحيوان يقفز بسرعة الى خارج الساحة قبل أن يتمكن مانويل من اللحاق بها . قفز مانويل على سرج حصانه ، وأحست دابون برعشة من الخوف تسري في جسدها ، فقد كانت تعلم أن هذا هو آخر ما يمكن أن تصل اليه في عنادها لمانويل الذي كان قد نفذ صبره معها .
ولم تتوقف لتقدير نتائج سلوكها معه ، بل اتحنت برأسها على جسد ميلودي تستحثها على الاسراع وهي تقفز بسرعة عبر السهل الممتد من الأراضي العشبية التي تواجه مزرعة سان سلفادور ، وصارت الفرس تعدو عبر المرج ، ولكن دابون كانت في هذه المرة تسيطر تماما على المقود ، وكانت الريح وهي تتخلل شعرها تبعث فيها شعور بالصحة والقوة بعد أن تخطت حدود المزرعة الضيقة وما يصاحبها من جو الشك والكراهية .
|