كاتب الموضوع :
سفيرة الاحزان
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
واجتمع شمل العائلة
كانت دابون في الأيام التالية تعاني من حالة كآبة ، لا تدري ماذا تفعل ، وبدأ لها أن أي أمل في المستقبل قد انتهى ، وما كانت نصائح كلارى لتزيح عنها شعور اليأس الذي استولى عليها . لقد مضى مانويل هذه المرة وما كان ليعود .
ولكنها بدأت تستعيد ثقتها بنفسها بالتدريج وببطء مع مضي الأيام . كلن جوناثان معها ولم يكن له ذنب في الخطأ الذي وقع فيه أبواه وجعل من حياتهما مأزقا مروعا .
كانت قد مضت ثلاثة أسابيع تقريبا بعد تلك الليلة المشؤومة التي زارها فيها مانويل عندما جاء الى دابون زائر غير منتظر وكانت كلارى قد رفعت الشرائط اللاصقة من على ساقيها قبل ذلك بيومين ، وفي الجو اللطيف في هذه العشية صحبت جوناثان معها بزيارة الى صديقة تسكن على بعد مسافة قصيرة بالحافلة ، كانت دابون تقوم بتنظيف بعض الخزانات في الطابق العلوي ، عندما سمعت طرقا على الباب الأمامي تنهدت بقلق ، ونزلت لترى من بالباب ، ولكنها خطت الى الخلف مشدوهه عندما وجدت أن الواقف على عتبة الباب كان ايفون ديماريس.
لم تكن ايفون في هذه المرة الفتاة المقعدة على الكرسي المتحرك التي رأتها دابون في زيارتها للبروفنس ، وأنما كانت ايفون أخرى تسير على ساقيها ، نحيلة أنيقة ، تنم ثيابها عن ذوق .
وتقوست شفتا ايفون باحتقار عندما رأت دابون ملابسها الرثة الملطخة بالغبار ، وخاطبتها تقول :
" أريد أن أتحدث اليك يا دابون ! هل تسمحين لي بالدخول ؟"
ولم تتزحزح دابون ، وردت بنبرة أكثر هدؤا عما كانت تتوقع :
" ليس ثمة حديث بيننا ، يا ايفون "
وضاقت عينا ايفون ، وهي تقول :
" ولكن أعتقد أننا ينبغي أن نتحدث ، سوف تجدين أن ما لدي من حديث يهمك "
وهزت دابون رأسها ، وقالت :
" لدي عمل اريد أن أنجزه "
وخطت ايفون الى المدخل ، وهي تقول :
" يمكن للعمل أن ينتظر . ألا يهمك أن تسمعي أن مانويل في حالة مرضية خطيرة ، وربما يموت ؟"
وأبيض وجه دابون عندما صدمتها ايفون بالنبأ ، وقالت لاهثة :
" أنك تكذبين "
ورفعت ايفون حاجبيها في سخرية وقالت :
" اكذب ، أأنت متأكدة ؟"
وصارت دابون تبلع ريقها في صعوبة وهي تقول :
" لو أن مانويل على وشك الموت ، فلماذا أنت هنا ؟ ولماذا لم تبقي الى جواره ؟"
وأخذت ايفون تنشق برقة ، ثم قالت:
" لا أحب أن أبقى هكذا في المدخل يا دابون ؟ هل تعتزمين أن تسمحي لي بالدخول أم لا "
وترددت دابون أول الأمر ثم أفسحت لها الطريق فدخلت ايفون وقد علت وجهها ابتسامة خفيفة تنم عن شعورها بالانتصار ، ودلفت الى داخل الردهة ولا حظت دابون أن خطوها كان بطيئا ولكن لا أثر للعرج وأدركت أن الجراحين قد أجروا العملية لايفون بنجاح .
وصارت ايفون تجيل النظر في الصالون حولها بشيء من الاشمئزاز ، وسألت دابون بوقاحة :
" هل تعيشين هنا ؟"
وتوتر وجه دابون ، وظهرت عليها أمارات القلق ، وقالت:
" أرجوك ، ما الغرض من قدومك الى هنا ؟ ما الذي حدث لمانويل ؟"
التفتت الى دابون في ذهول تقول :
" تلك اللعب ، هل هي لطفل في هذا المنزل؟ "
وفكرت دابون بسرعة هل تجيبها أم لا ولكنها كانت تعرف أن ايفون لن تقنع ما لم تحصل على اجابة شافية ، لذلك أجابتها بصوت فيه شيء من التوتر:
" نعم "
واستغرقت ايفون تفكر بامعان ، ثم قالت :
" كنت أظنك تعيشين وحيدة ، مع عمتك "
وأجابت دابون :
" كنت، أقصد أنني أعيش كذلك ، أي ...."
ومسحت ايفون بلسانها علة شفتيها وظهرت على وجهها ابتسامة ، ولكنها لم تكن ابتسامة الرضى ، وقالت :
" أذن أنت لديك طفل "
وغاض الدم في وجنتي دابون ، وأجابت :
"نعم "
|