وصعب على زوي أن تصدق ما سمعته وما رأته , وكيف أنه في أقل من يومين قام بتجميع تلك المساعي والتدابير تنفيذا لأرادته , فأقنع تاغرت بأنه سيتزوجها نزولا عند طلبه , كما أقنعه وأقنع زوجته جانيت بأن هذا ما تريده هي , وفضلا عن ذلك جعلهما يقبلان دعوته ألى العشاء مع والديه وهكذا لم يكن أمامها الآن ألا أن ترضخ للأمر الواقع بلياقة وتهذيب , غير أنها في المستقبل ستبذل جهدها في سبيل منع حصول ذلك الزواج.
وتلفن والدا ريس أنهما وصلا ألى الفندق , وفي المساء أخذ ريس زوي وجدتها وجدها بسيارته ألى الفندق , ولبست زوي ثوبا أخضر طويلا لهذه المناسبة , فلائم لونه عينيها الخضراوين الناعستين وشعرها الذهبي الفاتح , وكان الجد والجدة تعرفا ألى والدة ريس من قبل , ولكنهما لم يلتقياها بعد زواجها , وحين سألت زوي جدتها أن تصفها لها , أجابتها أنها , على ما تتذكر , أمرأة طيبة المعشر.
وفيما هم يدخلون الفندق , خامر زوي شعور الأعتزاز بجدها وجدتها , وكانت جدتها تلبس فستانا أزرق اللون يتناسب مع شعرها الفضي , وعلى الرغم من شيخوختها , فأن السنين لم تستطع أن تطمس جمالها , وأما تاغرت , فكان يرتدي بزة رمادية اللون أضفت على قامته الفارعة الجليلة مهابة صقلتها الأيام , وأذا كان هنالك جفاء بينه وبين ريس , فأنه لم يكن ظاهرا على الأطلاق , وهذا ما شرح صدر زوي , ووفر عليها عناء التحيز لهذا الجانب أو ذاك".
وكان والدا ريس ينتظرانهم في بهو الفندق , ووضع ريس ذراعه حول خصر زوي وهما يسيران مع الجد والجدة نحو البهو , وحبست زوي أنفاسها حين أخذت تصافح والدي ريس , وكان الوالد لا يشبه أبنه ألا قليلا , بأستثناء عينيه , وخالجها شعور غريب بأن يكون للرجلين حدة النظر ذاتها , وكانت الوالدة أنيقة المنظر , واثقة من نفسها , وهي صفة ورثها عنها أبنها.
وبعد أن تصافح الجميع وأخذوا يتجاذبون أطراف الحديث , لزمت زوي الصمت وآثرت أن تكتفي الآن بتكوين فكرة عن والدي ريس , فهي لم تتهيبهما , ولكنها رحظت أنهما كانا من عالم آخر , وأستغربت كيف أن جدها وجدتها كانا أكثر منها أنتماء ألى ذلك العالم , خصوصا جدتها التي كانت واسعة الأطلاع وبمقدورها أن تشارك في المواضيع التي يجري عليها الحديث حول مائدة الطعام .
وشعرت زوي أن ريس يرمقها بنظراته الساخرة بين الحين والآخر , فساءها ذلك , لم يكن أحد يسألها عن أي شيء , فهل تلام أذا هي لم تشارك في الأحاديث ؟ كانت تجلس على يمين ريس , فكان يسمح لنفسه بأن يمسك يدها اليسرى أكثر الأحيان ويداعب الخاتم الجديد الذي كان يطوق خنصرها .
وظنت أنه يفعل ذلك بشرود ذهن , ألى أن همس في أذنها قائلا :
"آمل أن يذكرك هذا الخاتم بأنك لي!".
وأرتعشت لهذا الكلام , لأنها لاحظت أبتسامته التي دلت على رضاه وقناعته بما أنتهت أليه علاقتهما .
وسألت جانيت والدي ريس:
" هل ستطول أقامتكما بيننا؟". منتدى ليلاس
فأجابتها الوالدة قائلة:
" بضعة أيام لا أكثر , وفي هذه المدة أود أن أزور بعض الأصدقاء هنا كعائلة فندلي ...... فأبنتها أورسولا , كما ربما تعلمين , تقيم أحيانا عندي في أدنبرة , وهي فتاة عزيزة جدا على قلبي".
قالت هذا الكلام ورمقت ريس بنظرة حسبتها زوي تحمل بعض التأنيب .
وفجأة سرت قشعريرة في مفاصلها , فحدقت أمامها بصمت وتساءلت : ماذا بي؟ وكانت تعرف ما بها , ذلك أنها كانت تجهل أن أورسولا فندلي على علاقة حميمة بوالديه , أو أنها كانت على الأقل تعرفهما.
وقالت الجدة موجهة كلامها ألى والدي ريس :
" ليتكما تأتيان لزيارتنا قبل أن تغادرا البلدة , فهذا يسعدنا جدا ".
فأجابت الوالدة بلياقة :
" ويسعدنا نحن أيضا , ولكن علينا أن نهتم قبل كل شيء بحفلة الزواج التي آمل أن تجري في جو من الهدوء".
فسارع ريس ألى القول :
" هذا يتوقف على ما تريده زوي".
فقالت الوادة:
" حين تزوج أبني الأصغر , أقام أهل العروس – السيد ملكولم واللايدي لودر حفلة زواج لأبنتهما منقطعة النظير ".
وهنا بارد ريس ألى مخاطبتها بالقول :
" نعم يا أماه , ولكن لا أنا ولا زوي نريد حفلة زواج كتلك , فنحن لا تغرينا المظاهر ونريد شيئا ينم عن مضمون له بقاء دائم وجوهر ثابت".