وفيما هي تلبس حذاءها الذي ما زال مبللا بعض الشيء , تساءلت أذا كان ريس يتركها وحدها , هكذا بسهولة هذا الصباح , لو كانت عاطفته نحوها حقيقية؟
وخطر لها أنه لولا قدرته على ضبط نفسه , لكانت الآن لا تزال بين ذراعيه , فقهقهت قليلا لهذه الخاطرة وأزاحت خصل الشعر عن وجهها , وأسعدها أن يكون له مثل تلك القدرة , ولكنها في الوقت ذاته لم تتمالك من الشعور بالأستياء مما يبديه نحوها من مظاهر التفوق والكبرياء .
ولماذا لا يكون له شعور بالتفوق وهي تعرف أنه منحدر من عائلة لها مكانتها العالية في مدينة أدنبرة ومن الطبيعي أن لا يأخذها بعين الجد كثيرا , وهي لذلك تعرف أيضا كيف كان يستقبل أهله بأسف وأمتعاض خبر زواجهما لو أنه تم .
وفكرت في أن عودتها ألى حالتها الطبيعية ستأخذ بعض الوقت ولكنها لن تطول , وهي قد تشعر بأنها أصبحت غير ما كانت عليه قبل ليلة أمس , ولن يستطيع الواقع مهما كان قاسيا أن يسلبها الأحلام الوردية من عينيها , فالبارحة أقتنعت بأنها مغرمة حقا بريس مكادم , وهي اليوم تود لو أنه لم يدرك ذلك , وفيما لو أدركه , فمن الضرورة أن يفهم أن حادثة الزورق والظروف التي أحاطت بها هي التي جعلتها تبدو كأنها واقعة في غرامه.
وحين خرجت من الكوخ كانت رائحة الهواء نظيفة منعشة , والسماء زرقاء صافية ألا من بعض الغيوم المتناثرة هنا وهناك , وكان كل شيء هادئا وهانئا في أعقاب تلك العاصفة الهوجاء .
ولم تتوقف زوي للتأمل في جمال الطبيعة حولها , وهي في طريقها ألى اللحاق بريس , ولاح لها الزورق من بعيد , فأبتهجت لأنه بقي في مكانه ولم تجرفه الأمواج , وكل ما حدث له هو أن أحد سواريه أنكسرت , وحدقت أليه وهي لا تصدق عينيها , ذلك لأنها كانت على يقين بأن الصخور لا بد أن تكون حولته ألى حطام , وهي حين طلبت من ريس أن يرسل برقية ألى ذويها , أنما فعلت ذلك من قبل التمني , لا أكثر ولا أقل. منتدى ليلاس
والآن , بعد أن رأت أنه من الممكن لهما , ببعض التوفيق , أن يغادرا الجزيرة بأسرع مما توقعت , أنشرح صدرها , لأنها كانت تخشى أن تضطر ألى البقاء هنا مع مكادم.
ولم يكن مكادم على الشاطىء حين وصلت أليه , بل كان على متن الزورق , فأنتظرت ألى أن جاء أليها قارب النجاة .
وقال لها :
" من حسن حظنا أن الزورق في حالة لا بأس بها , ولكن علينا أن نجري عليه بعض الأصلاحات , بعد أن نتناول طعام الفطور .
ولاحظت زوي أنه كان يتكلم بلهجة من عزم على أعادة الأمور بينهما ألى سابق عهدها , فقررت أن تساعده على ذلك , فقالت بأختصار:
"أنا آسفة يا مكادم على ما جرى الليلة الماضية".
فحدق أليها وقال ببرودة :
" أرى أننا عدنا ألى هذا........".
" لم أعد أليه ألا لأنني أريدك أن تعلم بأنني لست راضية عما بدر مني".
" الحق معك , ولكنني لم أقصد ما جرى في الليلة الماضية , وأنما أقصد عودتك ألى منادتي ب ( مكادم) ...... بدلا من ريس!".
فأجابت بلا مبالاة :
" لم أعر هذا الأمر أي أنتباه ".
" أذن , لم يطرأ عليك أي تغيير , بعد كل هذا الذي جرى بيننا ".
فسرت القشعريرة في جسمها تحت تأثير نظراته الحادة أليها , ولكنها أجابت بكل جرأة :
" وأنت , لا أظنك تريدني أن أتغير ".
فأقترب منها قليلا , مما جعل قلبها يزداد خفقانا , ولكنها عمدت ألى تحويل أهتمامه ألى موضوع آخر , فسألته قائلة :
" هل جهاز الأرسال صالح للعمل؟".
فتوقف عن الأقتراب منها وقال :
" نعم , وأرسلت برقية تقول أننا صادفنا بعض المتاعب ولكننا سنعود في أواخر هذا النهار ... ولم أعط أية تفاصيل حتى لا أشغل بال جدك وجدتك ".
" شكرا ". منتدى ليلاس
ثم خطر ببالها أن تقول برعونة :
" أتمنى لو كنت تتصرف دائما تصرفا أنسانيا ..".
" ألم أتصرف تصرفا أنسانيا في الليلة الماضية؟".
وشعرت بأصابعه تغرز في جسمها الغض النحيل , محاولا أخضاعها أليه , فصاحت به :
" أليك عني!".
" سأتركك ولكن ألى حين ".
وأبتعد عنها وهو يقول كأن شيئا ما لم يحدث :
" هيا , فلا وقت لنا لنضيعه ".
وبعد قليل هيأت زوي طعام الفطور على ظهر الزورق , فيما مكادم يعيد النظر في الأصلاحات ووسائل القيام بها , قبل الأبحار في طريق العودة.