وهنا ظهر الغيظ عليه , فقالت بصوت أجش :
" أعرف أي نوع من الرجال هو , ويزيدني معرفة بك تفضيلك أياه عليّ....ليتني أعرف رأي تاغرت في علاقتك معه وتبادل العناق واللقاءات بينكما ليلا عند شاططىء البحر , ربما يكون من واجبي أن أخبره بالأمر لأنعم بمشاهدة العقاب الذي سينزله بك!".
فقالت وهي تكاد تشهق بالبكاء:
" كفى يا مكادم , لا صحة لكل هذا الذي تتخيله عني وعن أيان , فتسيء ألى نفسك لا أكثر ولا أقل".
" نعم , وأنت تجعلين حالتي أسوأ!".
تأكد أنني لا أضيع عليك وقتك في المكتب , ولا يمكن أن أفعل ذلك , وقلت لأيان قبل أن أغادر المكتب أنك تدفع لنا مرتبا شهريا جيدا".
" وهل هو بحاجة ألى تذكيره بهذه الحقيقة".
فتطلعت أليه زوي وأحمرار الغضب يصعد ألى وجها , وخطر لها أن مكادم لا يخفى عليه شيء حتى ولو كان مريض.
وفيما هي تبحث عما تجيبه , دون أن يكون له علاقة بأيان , دفع مكادم طبق الطعام نحوها قائلا:
" خذيه ........ فقدت شهيتي , والأفضل أن تذهبي من هنا قبل أن ترتفع حرارتي , وضعت قائمة بما أريد أن تفعلوه في المكتب , فأعطيها لدونالد أو سواه من المسؤولين , وحين يأتي البريد , أجلبيه لي في الحال".
وسر زوي أن تذهب , على الرغم من شعورها بالذنب لأنها لم تعمل ما فيه الكفاية , وأملت أن يكون مكادم في مزاج رائق حين تعود أليه فيما بعد , فتلميحاته عنها وعن أيان أزعجتها ولكنها عزمت أن لا تأخذها بجد , فهو لم يكن يتفوه بما تفوه به لو لم يكن مريضا , ولعله كان يهذي من النعاس والعياء , والدليل على ذلك أتهامه تاغرت بأنه يشك في براءة علاقته معها , وكيف يكون لك وتاغرت يعلم أن مكادم يدافع عنها ويصونها أكر منه , وأذا كان عانقها مرة , فهذا لا يعني شيئا , وقد يكون لجعلها تدرك أنها أصبحت أمرأة ناضجة.
وحين عادت أليه قبل ظهر ذلك النهار , كان حلق ذقنه وعاد ألى الفراش وهو يرتدي , كما تخيلت زوي , بيجاما حريرية , وكان البيت دافئا , لعله شغّل مكيف الهواء , وحين سألتها مبتسما هل تروق لها درجة الحرارة , أجابته قائلة:
"كان عليك أن تطلب مني أن أشغل مكيف الهواء عندما كنت هنا , فلا أقلق عليك طول الوقت وأنا في المكتب من دون أن تكون في جو بارد , فأنا لم ألاحظ وجود المكيف وألا كنت عمدت ألى أشغاله .
وأحس مكادم ببعض الأرتياح وهو يتأملها بنظراته ,وسره أن تكون أنطوت صفحة المشاحنات التي جرت بينهما قبل ساعات .
وقالت زوي :
"جئت بالآلة الكاتبة وبالمراسلات التي تحتاج ألى ردود عاجلة وسأذهب ألى المطبخ لأفرزها وأعيد النظر في شأنها".
فقال لها :
" أذهبي ألى غرفة مكتبي هنا , فهي أفضل من المطبخ ".
منتدى ليلاس
فأجابت قائلة :
" جئت ببعض الطعام للشورباء ...... والواقع أنني وضعتها على النار حال وصولي , ومن الأفضل أن أشتغل في المطبخ , ليتسنى لي مراقبتها عن كثب , وسيكون طعام الغداء جاهزا في الواحدة , وكذلك الردود على المراسلات لتوقيعها بأمضائك ".
ودهشت لأن مكادم لم يبد أية معارضة , أذ بدا عليه العياء , فما كان منها ألا أن سارعت ألى الفراش ترتبه .
وفيما هي منحنية وقعت جدائل شعرها الكث على وجهها , فأزاحته بفارغ صبر.
وترامى أليها صدى ضحتكه وهو يقول لها :
" أنت بحاجة ألى شريطة لشعرك.. ولكن رائحته طيبة! ".
فعادت بها هذه الملاحظة ألى تذكر عناقه لها في السيارة وكيف علا الأحمرار وجهها , وتطلع مكادم بنظراته أليها قائلا:
" ألا أستحق منك عناقا؟".
فرفعت رأسها وهي تتنهد بعمق وأجابت قائلة :
" أما أنك تمزح أو أنك تهذي تحت تأثير الحمى ".
" لم أكن أهذي ليلة السبت الفائت! ".
" أذن , لم يكن لديك عذر في ما فعلته آنذاك ".
فرد عليها متهكما :
" لا أتذكر أنني أستخدمت العنف , ولا أتذكر أيضا أنك قاومتني!".
ثم أبتسم وهو يمسك بذراعها ويجذبها أليه :
" ربما كان علينا أن نعيد التجربة بنرى.......".
فحملقت في وجهه قائلة:
"كفاك.......".
وبدا الذعر في عينيها الخضراوين وأخذ قلبها يخفق خفقانا سريعا وتساءلت ماذا تفعل أذا خطر له أن يشدها أليه ليعانقها ؟ فلم يسبق أن أختلت مع رجل وأذ نظرت الآن ألى جسم مكادم الفارع الصلب , أجتاحها شعور لا قدرة للعقل بالسيطرة عليه.
وأفلت مكادم ذراعها بغتة وقال :
" ما هذا؟ أنت بارعة في الأستسلام ألى غراهام لا لي ...... ويشهد الله أنني لم أكن أريد أن أعانقك مرة ثانية ..... ولكن لا بأس , فهذه التجربة كانت مفيدة لي !".
وأعادت هذه الكلمات وعيها الكامل أليها فقالت :
" كنت أحاول ترتيب فراشك , لا أكثر ولا أقل!".
" شكرا! ولن أنسى أن أدفع لك أجرتك !".
فأغتاظت من كلامه , ولكنها تمالكت أعصابها وأكتفت بالقول :
" أنني أكرهك أحيانا يا مكادم".