فحملت حقيبة يدها وأسرعت نحو الحمام وأقفلت بابه وراءها وملأت الحوض بماء ساخن وجلست فيه , ولم تلبث أن شعرت بالراحة تسري في عروقها , وبغيوم الغد الداكنة تنقشع عن مخيلتها , لم يكن من السهل عليها أن تفهم ريس , ومع ذلك فبالأمكان أن يتوصلا , فيما بينهما , ألى حياة مشتركة هانئة.
ونهضت من الحوض وأخذت تجفف جسمها فتذكرت أن لا ثياب نظيفة لديها , يمكن لها أن تلبسها , ما عدا الثوب الشفاف الذي أشتراه لها في مدينة مكسيكو , فآثرت أن ترتديه على أن تبقى عارية أو ترتدي ثيابها المتسخة.
وفي الممر , بعد أن خرجت من الحمام , وقفت تتأمل غرف المنزل , كان هنالك غرفة ريس ألى جانب غرف أخرى عديدة , فقررت أن تحتل الغرفة الثالثة لأنها لم تكن بعيدة ولا قريبة من غرفته , وبذلك لا يستطيع أن يتهمها بأنها تتدخل في أموره الخاصة أو تحاول أن تبتعد عنه تماما , ومشت ألى الغرفة الثالثة وفتحتها ونظرت ألى داخلها .
كانت غرفة مربعة جميلة , فيها فراش عريض ومنظر خلاب فماذا تريد أكثر من ذلك؟
ووضعت الحقيبة التي في يدها وفتحت الشباك , ثم عادت ألى الممر لتجلب شراشف نظيفة من الخزانة التي في آخره.
وفيما هي تفرش الشراشف على السرير , سمعت صوت ريس يسألها حانقا :
" ماذا تفعلين ؟ أتظنين أنك ستامين هنا ؟ كلا , ستنامين معي......".
وتوقفت عن عملها وألتفتت أليه قائلة بعصبية :
" أما كان لكل منا غرفته هناك في الفندق ؟".
فأستولى عليها الرعب وحملها على الدفاع عن نفسها بسرعة , وأقترب نحوها , فأبتعدت عنه على عجل وكادت تسقط لو لم يسندها بذراعه , وجذبها أليه بشدة حتى ألتصقت به وأخذت ترتجف بتأثير قربه منها , فتمتمت كمن أبكمته الدهشة لرؤية عالم غريب :
" أرجوك يا ريس! دعنا نتداول هذا الأمر بتعقل ".
وعوض ذلك , حملها بين ذراعيه وسار نحو الباب في طريقه ألى غرفته , وهناك ألقاها على السرير وتمدد ألى جانبها , وسرعان ما أخذت ترتجف خائفة.
وحاولت أن تتكلم فنهرها قائلا :
" لا تتكلمي , تكلمنا كثيرا , فلنجرب الآن الفعل!".
وفيما هما كذلك , طرق الباب مرارا , فصاح ريس :
" أليك عني , كائنا من تكون!".
منتدى ليلاس
ولكن الطارق أستمر في عناده , فكان لا بد لريس من أن ينهض ويلبس ثيابه , وألقى عليها نظرة عاجلة وهو يهم بالخروج قائلا :
" أبقي هنا ولا تتحركي , سأرى من الطارق وأعود في الحال ".
وخشيت زوي أن يكون الطارق جدها وجدتها , فتملكها الرعب من أن يعاملهما ريس تحت تأثير الغضب والأستياء معاملة فظة .
وتركت الفراش بصعوبة ووقفت أمام النافذة وأخذت تتنشق الهواء العليل وتتطلع ألى الطريق , فرأت سيارة صغيرة واقفة هناك , وأذا هي سيارة أورسولا فندلي.
ولم تكن غرفة النوم فوق الباب الخارجي , بل كانت مائلة عنه , فمدت رأسها من النافذة قليلا , فرأت أورسولا وسمعت ضحكتها حين فتح لها ريس الباب , وتساءلت زوي ماذا جاء بها في تلك الساعة وعلى غير ميعاد.
وكان ريس غاضبا حين تركها , فما باله يقهقه ويضحك حين فتح الباب ورأى أورسولا ؟
وشق عليها ذلك , أيكون أن ريس أضطر ألى الزواج بها هي , فيما هي مغرم بتلك ؟ كان دائما من الصعب عليها أن تقرأ أفكاره , ولكن من الواضح أنه يحمل في قلبه عاطفة نحو أورسولا , على نحو ما يجعله يتمنى لو كانت هي التي تزوجها.
ولبست زوي ثيابها على مهل , لأنها أدركت أن غيابه عنها سيطول ,وتبعته ألى الطبقة السفلى , وأستولت عليها الحيرة وتاقت ألى دفء الغرفة التي كانت فيها مع ريس , وتساءلت كيف سمحت له أن يفعل بها ما فعل ؟ وشعرت أن نصفها يريد الأستسلام أليه , وأما النصف الآخر فيرفض ذلك ويقاومه , أيكون أنها تتعلق بالوهم حين تتوقع منه أن يحبها كما هي تحبه؟
ووجدته في المطبخ , حيث كانت أرسولا جالسة كأنها في بيتها , كانت تفتح علبة كبيرة ملأى بالمآكل , فيما أخذ ريس يراقبها بأهتمام.
وتطلعت ألى زوي وحيتها تحية حارة , وقالت :
"سمعت أنكما رجعتما , فجئت أليكما ببعض المآكل كهدية ترحيب بكما , والعمة فيونا خامرها الشك في أنكما تفطنان ألى شراء ما يلزمكما من الطعام ".
فأجابتها زوي , متجاهلة نظرة ريس العابسة أليها :
" شكرا , عندنا ما يكفي.... وكان بأمكاننا أن نخرج ونتناول الطعام في مطعم".
وقال ريس ليخفف من كلام زوي الخالي من اللياقة :
" هذا لطف منك يا أورسولا ...... ونشكرك على أهتمامك بنا".
وسارعت زوي ألى القول , وقد أدركت خطأها :
"ليتك تبقين معنا لتشاركينا طعام العشاء".
فرحبت أورسولا بالفكرة , وقال لها ريس :
" زوي تقدر أن تهيء طعام العشاء بنفسها , فيما نحن نتناول الشراب في غرفة الجلوس".
وهذا ما جرى , فأنصرفت زوي نحو ساعة كاملة تهيء الطعام في المطبخ , بينما ريس وأورسولا في غرفة الجلوس يتجاذبان أطراف الحديث , وسمعتهما في هذه الأثناء يطوفان في أرجاء المنزل , ثم يخرجان معا ألى الحديقة , وكان ريس يشرح لأورسولا ما ينوي أن يقوم به من أصلاحات على المنزل .
وأمتعضت زوي لهذا كله , حتى أنها فكرت جديا بالطلاق.