فأندهش وقال :
"ولكن النقود هي ملكك , وأحتفظ بها لك , فلماذا تشعرين بالمهانة ؟ أليس من حق المرأة أن يدفع زوجها ثمن ملابسها ؟".
فردت عليه وقد تولاها الغضب :
" كلا....... أذا كان لا يطالب بحقوقه !".
ولم يحاول أن يدّعي جهله بما تريد قوله :
" لن تغفري لي أذا طالبت بحقوقي , ما حدث تلك الليلة في منزل جان كان تجربة لا أريد تكرارها , تركي لك تلك الليلة كان من أصعب الأمور ".
وحملقت فيه وهي تخشى أن تصدق ما قاله , فقد صمم أن يكون صادقا حتى أنها لم تجرؤ على توجيه السؤال الذي كانت تتمنى أن تسأله خوفا من رده , لكنها كانت تتوق لمعرفة شيء بالذات , هل كانت رغبته فيها تلك الليلة بدافع الحب أم كانت تعطشا مصدره غريزة الرجل؟
ألاّ أن حديثهما قطع قبل أن تجمع شجاعتها لألقاء السؤال , وتلاشت لحظة قول الحق , وتمنت مارييل لو أبعدت صوفي وستيفان عندما عادا أليهما والسعادة بادية عليهما , ولم يرحب روم بعودتهما أيضا, لكنه وقف لهما أحتراما دون أن يبدو الضيق على ملامحه.
وكانت السعادة تشع من عيني صوفي عندما أقترحت قائلة:
" يجب أن نذهب ألى دار الأوبرا حتى نصل قبل بدء العرض".
نظر روم في ساعته ووافقها على رأيها , وسرعان ما كانوا في طريقهم ألى دار الأوبرا.
منتدى ليلاس
كان السؤال الحائر ما زال حائما بينهما مثل السحابة .
وعند وصولهم ألى دار الأوبرا كان المكان يعج بالأضواء والموسيقى والضحكات , وكانت فينا زاهية الألوان تتأرجح بالمشاعر الفياضة , كما كانت المنازل القديمة تعج بالشباب والمرح اللذين ترحب بهما بزوار المدينة , تركت مارييل وصوفي الرجلين في المدخل وذهبتا لتضعا وشاحيهما في غرفة حفظ الملابس , وكان الجو مفعما بالأثارة والحماس الشديدين حتى أن الكلمات لم تعد لها ضرورة , وشعرتا بأنهما على حافة حدث كبير ومناسبة لا تحدث ألا مرة في العمر , وودت مارييل لو أنضمت للرجلين فورا , أذ كانت تتوق لصحبتهما , أما صوفي فتلكأت أمام المرآة لتصلح من زينتها , وتلاقت نظرتها بنظرة مارييل في المرآة وهي على وشك وضع أحمر الشفاه على شفتيها وسألتها:
"هل تأكدت من كل شكوك يا عزيزتي ؟".
فأرتعدت مارييل , كانت تشك دائما في أن صوفي قد أستنتجت أمر حبها لروم , لذا ردّت عليها قائلة:
" كلا لم أتأكد منها كلها ".
وألحت صوفي قائلة :
" أيمكنني مساعدتك ؟".
فردّت عليها مارييل وهي تتفادى عينيها :
" لا أظن ذلك".
" جربيني ولا تخشي من الأعتراف بحبك لروم , فهو شخص رائع , لكنني أفهم سبب مخاوفك من الحياة التي سيحياها أذا أصبحت زوجته".
فضحكت بدهشة وقالت :
" زوجته! لا أتصور أن يعترف روم بمثل هذه الحاجة , فهو رحالة أعتاد حياة الوحدة , والزوجة لن تضيف شيئا أليه ".
ثم وضعت صوفي أحمر الشفاه في مكانه وأغلقت حقيبتها قائلة :
" تفكيرك خاطىء , ظننتك تعرفين روم , ولكنني أراك مخطئة , فروم أعترف لي منذ سنتين بسر لا يعرفه غير القليلين , وقد يكون أستنتجه بعض المقربين من أفراد القبيلة لكنهم غير متأكدين ".
وأسترسلت قائلة وهي تغالب نفسها للكشف عن السر:
"يعتقد أنه ولد وعليه لعنة معينة , وهي أن يكون طريدا وشريدا ومحكوما عليه أن يعيش بقية حياته والسماء لحافه والعجلات تحت قدميه , ألا ترين يا مارييل أنه يتوق ألى بيت يستقر فيه وأسرة يعيش بينها ؟ وهو شيء لا يتوقع أن يجده في القبيلة! فقد يكون شكله كالغجر وسحره كسحرهم , لكنه ليس معتادا غرائزهم , وأنني واثقة من أنه مع واحدة مثلك يستطيع أن يمد لنفسه جذورا هنا في فينا ويعيش كما قدر الله أن يعيش , أي بين أمثاله من الناس".
فألتفتت أليها مارييل ونظرة ألم في عينيها وغالبت دموعها قائلة :
" هذه مجرد أماني تعبرين عنها يا خالة صوفي ".
وأستطردت تقول :
" أنه كرم منك أن تتمني لي نفس السعادة التي عبرت أنت عنها , لكن للأسف لا يمكن التحكم في القدر مهما حاولت ذلك , فأنا بالنسبة لروم مصدر مضايقة يريد الخلاص منه , نعم أنني واثقة من أن أهتمامه بي قد زاد في المدة الأخيرة , لكنني لم أسمح لنفسي أن أنسى أن هذا التغيير هو جزء من الأسترضاء الذي يشعر بأنه يدين به لي".
ثم أبتعدت عن خالتها وعندما وصلت ألى الباب أستدارت وألقت أليها بعبارة أخرى مريرة :
" بما أن هذه الليلية تعتبر أخر فرصة لهذا الأسترضاء , فأرجو أن تسمحي لي بألا أضيع أية دقيقة فيها ........".