10- أنتصار الماضي
أخذت مارييل تجول في الشقة وهي تتعجب من عدم وجود ليلي فيها عن عمل روم , وشعرت أن الغرف تندب , كما تندب هي , غياب شخصيته القوية عنها , وأمسكت بأحدى التحف القليلة الموجودة بالشقة , وأخذت تتأملها وهي تنتظر خالتها حتى تخلاج من غرفتها , حيث كانت ترتدي ملابسها أستعدادا لحضور الحفل , أما هي فأنتهت من زينتها وشعرت من صورتها في المرآة أنها أجمل مما بدت من قبل , كان ثوبها من الحرير الذي يهمس بطياته لحنا حزينا حول كاحليها عندما تخطو و أما نصفه العلوي , فترك ذراعيها عاريتين , وألتف حول كتفيها يغطي أثر الجرح الذي سببته الرصاصة , لكنها كانت تعاني من جروح أعمق منه , جروح قلبها المرهق من كثرة التمثيل والخداع , وكان شعر مارييل مصففا بطريقة جميلة ومثبتا بمشابك من اللؤلؤ مثل لون بشرتها , لكن عينيها كان ينقصهما البريق.
وضعت التحفة من يدها وقطبت جبينها , وكان هناك موضوع تريد مناقشته مع خالتها قبل وصول روم, فبدت متضايقة من أيصال الملابس الذي عثرت عليه ملقى بجوار سلة المهملات , وعندما قرأت ما فيه هالها الرقم المذكور , أما ما أقلقها أكثر تلك العبارة المكتوبة على الأيصال وتفيد أن المبلغ قد سدد بمعرفة روم , كانت خالتها عند الكوافير عندما عثرت على الأيصال وعند عودتها دخلت ألى غرفتها لتستعد للحفل ولم تسنح لها الفرصة لمناقشتها .
سمعت مارييل صوت الباب يفتح , فألتفتت وهي متحفزة بأسئلتها ألا أن الكلمات تعثرت على شفتيها بسبب أعجابها بخالتها ,وضعت كريستا يدها على الصفات التي تفتقر أليها صوفي , وبينما وجّهت أهتمامها ألى أناقة ثوب مارييل , عكست القاعدة في ثوب صوفي وجعلتها تبدو متألقة , كان مصنوعا من الدانتيل الأبيض وله أكمام طويلة محبوكة على ذراعيها وخصر نحيل يعلو تنورة متسعة , أما الياقة فكانت توحي بالبراءة لآرتفاعها نحو قسماتها الجادة مثل ياقة الراهبات , وشعرها خاليا من المشابك ومصقولا كالحرير , وكانت السعادة تشع من عينيها مثل الطفلة التي تحضر أولى حفلاتها , أو كالشابة التي تستعد لأول موعد غرام أو كأمرأة في قمة الحب , وسألت مارييل :
" ما رأيك فييّ؟".
" رائعة!".
منتدى ليلاس
ودق الجرس فضحكت صوفي وأتجهت ألى الباب واثقة أن القادم روم , لكن مارييل قاطعتها :
" أنتظري".
ولم يكن هناك وقت لنقاش طويل ألا أنها كانت تتوق لمعرفة الحقيقة , فقالت:
" عثرت على هذا ....... وعليه أسم روم , ولا أفهم شيئا ".
وبالكاد نظرت صوفي في الأيصال , ولم ترد أن تؤجل السعادة المرتقبة فقالت:
" كنت أعتزم أن أخبرك بأمر الأيصال لكنني نسيت .... صمّم روم على الدفع , لكنني لم أفهم ما يعنيه بلفظة الدوطة , أي بعض العملات الذهبية الخاصة بك والتي يحتفظ بها عنده بأسمك".
وبحركة سريعة فتحت الباب وأدخلت روم , وفي لهفتها عليه نسيت روح العداء التي قابلته بها ماريل عندما ألتت نظراتهما , وأنتبهت ألى أن كل ملابسها قد سدّدت بالنقود التي كانت ثمنا لها.
ساعدهما روم في ركوب السيارة ووصف للسائق المطعم الذي سيتعشون فيه , وعندما تحركت السيارة أخذ يتفحصهما في تمهل , فنظر ألى وجه مارييل الثائر , ثم ألى وجه صوفي السعيد وأناملها المرتعدة وهي تحاول تثبيت الوردة التي قدمها لها روم.
" دعيني أساعدك".
وثبّت الوردة بحنكة المجرب الخبير , ثم ألتفت ألى ماريييل بنظرة تساؤل , لكنها كانت قد ثبّتت زهورها بنفسها , وهي زهور البرتقال التي تذكرها بحفلات العرس , رفضت أستعداده لمساعدتها وألتقت نظراتهما ألا أن العينين الرماديتين أنخفضتا أمام نظرة الحيرة التي في عينيه , وبدا الضيق في صوته عندما تجاهلها وأخذ يتحدث مع صوفي :
" جاء اليوم يا عزيزتي الذي طالما أنتظرته , فلا داعي لسؤالك أذا كنت سعيدة".
ضحكت صوفي ضحكة رنانة وقالت :
" نعم أنا سعيدة , فهناك سحر في الجو الليلة , ألا تشعر به ؟ فستتألق النجوم ببريق ساطع , وستطوف الموسيقى بأجنحة الملائكة , وستفرح فينا كما لم تفعل من قبل".
ومدت يدها لتغطي يد روم وقالت:
" أرجو لك السعادة أيضا يا عزيزي روم".
ونظرت مارييل من النافذة دون أن ترى شيئا , وكان باعة الورود يعرضون سلعتهم الجميلة والناس يصطفون خارج المسارح أنتظارا للدخول , وساءلت نفسها كيف ستقضي السهرة التي تحمل الكثير في طياتها بالنسبة للأثنين الذين معها , وكأن أتفاقا قد تم بينهما على المقابلة في فينا في ليلة الحفل , لقد أنتهى فراقهما منذ أسابيع , ولكنهما فضلا لأسباب عاطفية أن يتقابلا بهذه الصورة الخيالية حتى تظل تلك الليلة راسخة في ذاكرتهما , وأغتاظت مارييل وضغطت على عواطفها وكأن الأمر لا يهمها.