" لا.... لم أذكره له أطلاقا , هل كان عليّ أن أخبره؟".
" لا أعتقد , لا لزوم لذلك لأنك أنتهيت منه الى الأبد".
كانت ترينا تفكر لو سألها أندرو أذا أحبت شخصا قبله ستكون صادقة , ستخبره بطريقة عابرة , جيرالدين تعرف حقيقة علاقتها بدنيس ولكنها لن تخبر أندرو , ربما يعتقد أندرو أنها أخفت الحقيقة عنه عمدا !
لا..... هي لن تخفي عنه أي شيء من الممكن أن يسبب لحياتها الزوجية أي أزعاج في المستقبل.
أفترقت ترينا وماردا بعد الغداء , كانت ماردا على موعد هام من أجل العمل ولا تستطيع تأجيله , وذهبت ترينا لمقابلة المسؤول عن فرقة الباليه الدولية لتعلمه عزمها التخلي عن مهنة الرقص بعد زواجها.
أنتهت ترينا من تصريف هذا العمل ومشت بأتجاه محطة القطار في طريق العودة الى ميونا حيث ينتظرها أندرو , فجأة سمعت صوتا يناديها , تسمرت في مكانها وهي تسمع دنيس , نعم هو الشاب الوسيم بشعره الأسود الفاحم وعينيه الزرقاوين , لقد أمتلأ وجهه وأصبح يشبه ممثل سينما معروف.
قالت :
" دنيس!".
كانت تتمتم بغيظ , المفاجأة غير سارة بالنسبة اليها , لم تتوقع أن تلتقيه اليوم , فدنيس أبعد ما يكون عن تفكيرها.
قال وهو ينظر اليها نظرة أعتداد بالنفس وأنتصار وقد بدا مغرورا أكثر منه وسيما:
" لم تنسي أسمي!".
" لن أستطيع ألا بجهد كبير ".
ثم أكملت بتحد:
" خصوصا لأنك قلبت حياتي رأسا على عقب في فترة من الزمن".
" فقط لفترة.....".
ضحك ضحكة كبيرة هازئة ثم تبدلت الى عبوس وهو ينظر الى الجموع حولهما:
" لا يمكننا أن نتكلم هنا , أعرف مكانا صغيرا قريبا من هنا نستطيع أن نتناول فنجان قهوة ونتحدث.
منتديات ليلاس
كانت على وشك أن تعتذر له ولكنها قررت أن ترافقه لتضع حدا قاطعا لعلاقتهما , ربما يكف عن أزعاجها أو الأتصال بها بعد أن تخبره بأمر خطوبتها , جلسا متقابلين حول طاولة صغيرة
كان دنيس يبتسم أبتسامة نكراء سألها:
" لماذا هربت مني؟ أتصلت أسأل عنك في المنزل ولكن صديقتك المرعبة لم تساعدني ولم ترضى أن تعطيني عنوانك لأكتب لك".
" أنا طلبت منها ذلك".
كانت تنظر اليه مستغربة أنها في يوم من الأيام تخيلت أنها تحبه , كم هو مغرور , الجميع يؤكد وسامته والشبه الكبير بينه وبين أحد نجوم السينما ولكنه بلا أخلاق على عكس أندرو الذي يجمع الجاذبية والوسامة والأخلاق وروح النكتة والحضور
ضحكت وهي تتذكر ساعة سجنها في مرفأ رويال , أبتسمت ترينا لذكرياتها الجميلة وظن دنيس أنها تبتسم له , وضع يده فوق يدها على الطاولة متوددا.
" كان جنون منك أن تهربي ".
قال بلطف:
" أن قدرنا واحد ولا بد أن يجمعنا".
سحبت ترينا يدها بكبرياء .
" لو كان بأرادتي فلن ألتقيك بعد اليوم".
" كيف؟".
" نعم , كل ما أريد قوله قلته لك آخر مرة ألتقينا".
" نسيت أن تقولي أننا لا نستطيع أن نعيش بعيدين عن بعض".
" أؤكد لك أنني أستطيع أن أعيش بدونك".
قالت ببرودة أعصاب لأن غروره بدأ يزعجها:
" وأنا مخطوبة وسأتزوج عما قريب".
سرّها كثيرا أن تراه مصعوقا من المفاجأة :
" لا أصدق!".
" أنها الحقيقة , لم ألبس خاتم الخطوبة بعد , خطوبتنا الرسمية ستعلن مساء السبت , غدا".
" لن أدعك تفعلين ذلك , أنت ملك لي".
قالت بصرامة وتحد:
"أنا لست ملكا لك .... ليس بعد اليوم".
ثم سحبت يدها بسرعة ووقفت خارجة :
" لآخر مرة أقول لك , أنا لا أملك لك ذرة من الشعور سوى الأحتقار والأزدراء , أنا أحب الشاب الذي سأتزوجه , لا تحاول الأتصال بي بعد اليوم".
تركته ومشت كانت الخادمة التي تحمل صينية القهوة لهما قد حضرت , نظرت ترينا خلفها ورأته يرسل الخادمة على أعقابها بالقهوة ويلحق بها , كان عليه أن يدفع ثمن القهوة التي لم يتسن لهما أن يشرباها
أسرعت وأختفت عن نظره داخل مخزن كبير متعدد المداخل , لقد عيل صبرها من وجوده قربها وندمت لأنها رضيت أن ترافقه , لقد أزعجها أكثر مما تصورت , كان من السهل عليها أن تضيعه داخل المخزن
وحين خرجت من باب آخر يفضي الى شارع آخر لم تر له أي أثر , وصلت المحطة وهي تفكر , حين تتحرك العواطف لأول مرة يصعب على الرجل أو المرأة أن يتعرف على حقيقة هذه المشاعر الجديدة ,أحيانا تختلط الأحاسيس ويعتقد الأنسان أن ما يشعر به هو الحب
ولكنه يكتشف أنه ليس حبا بل أفتنانا , وهذا ما عرفته مع دنيس , كم هي سعيدة الح لأنه لم يكن حرا وألا لكانت تزوجته وبعد ذلك أكتشفت أنها قد خدعت بحب وهمي.
كان أندرو ينتظرها حين وصلت الى محطة القطار في ميونا , رفضت ترينا بأصرار أن تريه ثوبها الجديد الذي أبتاعته لمناسبة الخطوبة لقد غمرها بحبه وعاد وأياها الى براكيه والسعادة ترافقهما
مر صباح السبت ببطء , الحفلة الموسيقية بعد الظهر والكل بأنتظارها , أختارت ترينا أن ترقص رقصة العصفور الأزرق
أحست وهي ترقص أنها تعيش دورها , سعادتها الداخلية جعلتها تقفز بمرح كأنها تفرد جناحيها لتغمر العالم كله بالمحبة وكل من حضر الحفلة أكد نجاحها المنقطع النظير.
منتديات ليلاس
بعد الحفلة عادت ترينا والأولاد بصحبة أندرو الى براكيه , كان الأولاد معجبين بها اعجابا خالصا , صعدت غرفتها ولبست ثوبها الجديد ونزلت الى مكتب أندرو , المكان الذي كان محرما عليها دخوله سابقا بدون دعوة خاصة من رب البيت , أبتسم أندرو بمحبة وهو ينظر اليها
كان فخره بها كبيرا فهي ملكه , أعجابه يشع بريقا من عينيه السوداوين
مشى لا شعوريا نحوها ثم أمسك بكتفيها العاريتين وتساءل بمكر وعبث:
" هل يتجعد الفستان بسهولة؟".
" قيل لي أنه مضمون ضد التجعد ولكنني لا أصدق أقوال الآخرين".
" أوافقك الرأي , علينا أن نجرب بأنفسنا لنتأكد من هذا القول".
ثم جذبها الى ذراعيه بحنان.
ركبا السيارة وذهبا الى باتنغا , ألتقتهما جيرالدين في القاعة , كانت ترتدي ثوبا رماديا من الحرير الشفاف الذي يناسب شكلها ونضوجها .
" أنتما كعصفورين يطيران في الهواء".
قالت جيرالدين ترحب بهما , ضحكت ترينا ونظرت الى حذائها ذي الكعب العالي وقالت مازحة:
" لا أستطيع أن أرى الأرض من فوق!".
بدأت الموسيقى تعزف , حمل أندرو ترينا الى حلبة الرقص , أنهما منسجمان حتى في رقصهما.
تمتم أندرو:
" أنت خفيفة كالريشة".
أجابته:
" هل يمكنك أن تتصور راقصة باليه ضخمة؟".