وأخيرا قالت بأبتسامة ماكرة :
"أذا كنما متأكدين من أنني لا أسبب أزعاجا فسوف أنزل عندكما لأسبوع أو أثنين ".
هز روبرت رأسه مرحبا ثم عاد ألى المطبخ لأكمال القهوة وهو يقول :
" هذا قرار عاقل تماما".
سرت نونا لأنها أستطاعت أن تساعد صديقتها ألى حد ما , وقالت بفرح :
" سوف أساعدك على حزم أغراضك في الشقة القديمة , والآن لنرى , اليوم الخميس , غدا أنا مشغولة جدا , أما السبت فليس عندي سوى التسوق , أذن سأحضر السبت بعد الظهر لننظف الشقة سوية ثم يتولى روبرت أستئجار شاحنة صغيرة لنقل الأغراض عندما ننتهي من حزمها".
أعترضت جانيت قائلة :
" هذا لطف زائد منك , ولكن لا ضرورة لأن تتعبي نفسك معي في تنظيف الشقة!".
ردت عليها نونا بهدوء:
" ولم لا؟ مسؤوليتي أتجاه الشقة توازي مسؤوليتك تماما ..... أم هل نسيت أنني كنت أعيش فيها أيضا؟".
ووافقت جانيت مرغمة بعد أن لاحظت أصرار صديقتها على تقديم كل مساعدة ممكنة في هذا الشأن , ثم دخل الزوج بالقهوة , فجلس الثلاثة يتسامرون في مواضيع مختلفة ألى أن حان موعد عودة جانيت ألى البيت , وقد أضر الزوجان على مرافقتها حتى محطة الباصرغم أعتراضها الشديد على ذلك.
طوال الطريق كانت جانيت تفكر بملامح السعادة التي كانت ترتسم على وجه صديقتها نونا , لقد ذاقت هي نفسها جزءا من طعم السعادة الحقيقية ... لكن الحب الذي وقعت فيه كان محكوما عليه بالفشل سلفا , غرقت جانيت في أحزانها العميقة وراحت تتساءل عن الأوضاع في أبييزا , لقد مضى عليها أسبوع في لندن , ترى كيف سيكون الأمر بعد أسبوعين ؟ بعد شهر ؟ بعد سنة ؟ هل ستظل مشاعرها كما هي الآن بعد عشرين سنة؟
أضطرت جانيت للتأخر في عملها نهار السبت بسبب بعض الأمور المستعجلة , وعندما وصلت أخيرا ألى الشقة وجدت أن نونا سبقتها قبل لحظات قليلة فقط , وسرعان ما غرقتا في أعمال التنظيف والترتيب وحزم الأغراض , كانت جانيت قد عمدت في الليلة السابقة ألى حزم أغراضها الخاصة في مجموعة من الحقائب والعلب الكرتونية , بحيث لم يعد هناك سوى تنظيف كل غرفة على حدة , ثم ترتيبها تمهيدا لتسليم الشقة ألى أصحابها .
حل الظلام في الخارج , وكانت الصديقتان قد أنتهتا تقريبا ولم يعد أمامهما سوى قاعة الجلوس والمطبخ , أتجهت جانيت لأضاءة النور لكن المصباح بقي مظلما قالت بهدوء :
" لقد أحترق هذا المصباح , وعلينا أن نتدبر أمرنا بدونه".
منتديات ليلاس
أطلت نونا من أحدى الغرف المجاورة وحاولت أضاءة النور هناك , لكن بدون جدوى , فقالت :
" غريب , لا ضوء هنا أيضا".
ثم راحت تدور على كل الغرف , لتعود أخيرا وتقول :
" الكهرباء كلها مقطوعة ".
وبعد تردد أضافت :
" هل يمكن أن تكون أنجيلا قد نسيت دفع الفواتير , مع أنني تركت لها المال في المطبخ فوق علبة البسكويت؟".
أسرعت الصديقتان ألى المطبخ فوجدتا أن الأوراق ما زالت في مكانها , فأنفجرت نونا غاضبة:
" يا لها من فتاة حمقاء , لقد ذكرتها أكثر من عشر مرات كي تدفع الفاتورة !".
علقت جانيت قائلة :
" لا شك أن صاحب البيت سمح لموظف الكهرباء بالدخول هذا الصباح لقطع التيار ".
وقفتا في القاعة لحظات تفكران في ما يجب عمله الآن , وأخيرا قالت نونا بهدوء :
" في أي حال , نحن أنتهينا تقريبا , وهناك بعض الشموع الصغيرة التي يمكننا أستعمالها لأنجاز العمل في المطبخ".
وهكذا كان , فعلى ضوء الشموع حاولتا جهدهما تنظيف وترتيب المطبخ , وقبل أن تنتهيا قرع جرس الهاتف , فأسرعت جانيت لترد عليه وحدسها يؤكد لها أن أمها على الطرف الآخر من الخط .
وبالفعل كانت السيدة كيندال على الطرف الآخر :
سألتها جانيت بقلق ممزوج بالفرح :
" أمي هل أنت على ما يرام؟".
أجابت الآم بصوت ضاحك :
"طبعا .. طبعا يا حبيبتي , أنني في أحسن حلالاتي هذا الأسبوع , لقد تم تمهيد وتزفيت الممر كله فصاء جزءا من حديقة البيت الأمامية , كما تم وضع بوابة كبيرة على الطراز الأسباني عند مدخل البيت , وسألني العمال أذا كنت أريد أن أطلق أسما على البيت كي ينقش على لوحة تعلق في البوابة فأسميته( كازا كونتنت ) هل تحبين الأسم يا جانيت ؟ أعتقد أن له رنة خاصة.....".
قاطعتها جانيت وقد طغت عليها الدهشة:
"أمي , أنني لا أفهم شيئا مما تقولين , هل تقصدين أن الممر أصبح ملكك؟ أنني لا أفهم كيف يكون ذلك بعد أن أشتراه بروس لصالح الفيللا؟".
راحت السيدة كيندال تشرح الموضوع بتؤدة :
" هذا صحيح يا أبنتي , لقد تم شراء الممر لصالح الفيللا , لكن من هو صاحب الفيللا؟ كنت أعتقد أن السيد والسيدة فورد يملكانها , لكنني أكتشفت أنهما أستأجراها هذا الصيف فقط".