توقف بروس للحظات مع بعض الأصدقاء , ثم طلب كوبا من العصير البارد قبل أن يتابع سيره بأتجاه جانيت , التي ما أن رأته مقبلا حتى حولت عينيها ألى الساحة وأنفاسها تكاد تنقطع .
عرفت أن بروس أصبح خلفها , فشعرت على الفور بأن قدميها غير قادرتين على حملها , وأن نبضاتها تسارعت بشكل جنوني ..... ثم لامست يده ذراعها وأدارها نحوه , وعلى الفور حلّت السكينة في نفسها , ومع أنهما وقفا يراقبان حلقات الرقص التي تتسع لحظة بعد أخرى , ألا أن جانيت لم تكن ترى ألا سعادتها الخاصة طاغية على كل شيء , وبالطبع لم يكن حال برو بأفضل من حالها , أذ وقف ألى جانبها واضعا رأسها على كتفه وسرح في البعيد البعيد.
بعد دقائق معدودة همس في أذنها قائلا :
" هناك مكان جميل أريدك أن تريه , فهل عندك مانع ؟".
هزت جانيت رأسها موافقة , وسارت معه بعيدا عن الساحة ,وصخبها , وما هي ألا لحظات قليلة حتى كانا معا في سيارته الداكنة يغادران ساحة مارغاريتا متوجهين ألى ظلمة الريف في ذلك المساء الساحر .
ولم يطل الأمر حتى بدت أمامهما أضواء خافتة , وسرعان ما ظهر الشاطىء بوضوح , وبالقرب منه مبان متفرقة تشعشع فيها الأنوار , أحد هذه المباني كان فندقا حديثا يضم مرقصا ومقهى وبركة سباحة , وألى هناك توجه بروس وجانيت , وبعد راحة قصيرة في المقهى قاما ألى الرقص على أنغام عاطفية هادئة تغنيها فرقة أسبانية مختلطة .منتديات ليلاس
شعرت جانيت أن السعادة تحيط بها من كل جانب وهي تراقص بروس في الحلبة وكانت تصرف كأنها تعرفه منذ زمن بعيد , حتى أنها فقدت الأحساس بالوقت , ولم تدر ألا وهو يقودها بأتجاه الشاطىء الرملي الحالم , وهناك , حيث لا أحد على الأطلاق , وقفا يدا بيد يتأملان حركة الموج الأزلية ويرقبان النجوم التي أزدادت تألقا وكأنها تشاركهما سعادتهما الطاغية , وسط هذه الطبيعة الساحرة , أحاط بروس خصرها بذراعيه القويتين وغيّبها في عناق طويل ورائع , أحست جانيت أن الدنيا كلها ترقص , والزمن توقف عن الدوران , وأن الحياة مجرد لحظات تقضيها مع هذا الرجل الجذاب , لكن صوته أعادها ألى دنيا الواقع قائلا :
" الأفضل أن نعود ألى الشلة الآن , فلا شك أنهم يستعدون لمغادرة القرية في مثل هذا الوقت !".
أذعنت جانيت بهدوء وسارت معه عائدة ألى الفندق ومن هناك ألى السيارة .
وعندما وصلا ألى ساحة سانتا مارغريتا , كان المكان ما يزال مزدحما بالساهرين والراقصين , فالألعاب النارية والرقصات الشعبية ستستمر حتى الثانية أو الثالثة بعد منتصف الليل ...ولكن , كماتوقّع بروس , كانت شلة الفيللا تعد نفسها للعودة .
ولاحظت جانيت بأرتياح أن المجموعة أنقسمت ألى مجموعات , كل منها منهمكة في نشاط ما , وهذا يعني أن أحدا لم يلحظ غيابها هي وبروس.
وفور وصولهما ألى المقهى , وجد بروس نفسه منشغلا بمساعدة السيد فورد على أصلاح الكاميرا السينمائية التي أستعملها لتصوير الحفلات , في حين أنضمت جانيت أليهما وعدد من النسوة الأخريات اللواتي كن رفيقات الطريق هذا المساء , وأخيرا , غادرت المجموعة المقهى , على أن يعود كل شخص في السيارة التي أقلته ألى السهرة , وأضطر بروس ألى أخذ عدد من الأشخاص بسيارته , أما جانيت فقد أحتلت مقعدها في السيارة البيضاء الفاخرة والدنيا لا تكاد تسعها من الفرح والسعادة .
ومع أنها تظاهرت بالأصغاء ألى أحاديث رفقة الطريق ومن بينهم أمها , ألا أن شيئا لم يسرق منها أحلامها الوردية التي صورتها هي وبروس في عناقهما .
أستيقظت جانيت في صباح اليوم التالي وهي تشعر بالأنزعاج لأن اليوم هو موعد رحلة التسوق الأسبوعية التي تقوم بها أمها ألى مدينة أبييزا , فهي لم تكن راغبة في تمضية وقتها أمام محلات بيع السمك والخضار واللحوم , لكنها تعرف أن أمها تحب رفقتها ألى السوق وترغب بوجودها معها كي تساعدها في حمل الأكياس والأغراض.منتديات ليلاس
وعلى طاولة الأفطار تحدثتا عما سترتديانه في رحلتهما ألى المدينة , فلقد أصبح أيلول ( سبتمبر ) على الأبواب , وهذا يعني أن الطقس بات غير ثابت , بعد الأفطار بقليل أخذت جانيت الكلب دال في نزهة قصيرة كي لا يشعر بالوحدة عندما تتركانه ظهرا.
أعدت السيدة كيندال غداء خفيفا , ثم أخذت وأبنتها بعضا من الراحة قبل أن تتجها ألى المحطة لأخذ الباص ألى المدينة , وعند الباب الخارجي ترددت جانيت قليلا عندما شاهدت سيارة بروس متوقفة أمام الفيللا , لكن أمها حثتها على السرعة كي لا تتأخر عن الباص.
وكالعادة , كانت المدينة مزدحمة بالمتسوقين والسياح والمصطافين , ولحسن حظهما , لم تأخذ عملية شراء اللحوم والخضار وقتا طويلا مقارنة مع الأيام السابقة , وعندما أصبحت كل طلباتهما في الأكياس , ألقت السيدة كيندال وأبنتها نفسيهما في أقرب مقهى للتمتع بشراب منعش , وفي الوقت نفسه مراقبة الناس في الساحة المزدحمة , وظلت السيدتان في مقعديهما ألى أن حان موعد عودة الباص ألى القرية الساعة السادسة والنصف مساء , ووصلتا ألى البيت في تمام الساعة لسابعة والربع , وحتى قبل أن تصلا ألى الممر المؤدي ألى البيت , راح عواء دال يعلو وكأنه يرحب بهما , فأسرعت جانيت لتفتح له الباب وتطلقه في الحديقة المجاورة.