لم يطل أنتظار جانيت في اليوم التالي أذ سرعان ما أطلت سيارة تولو ترافقها عاصفة من الغبار الكثيف , فتح لها الباب دون أن يغادر مقعده , فجلست ألى جانبه بصمت ..... ثم أقلعا بأتجاه المدينة .
وصلا ألى المدينة في الوقت المحدد , فتركها تولو متجها ألى عمله , في حين أتخذت هي أحد المقاعد في مقهى رصيف يطل على الساحة وراحت تتصفح مجلة نسائية قديمة , بعد ذلك أمضت حوالي نصف ساعة تتجول أمام واجهات المحلات , أحست جانيت بالتعب والحرارة بعد أن أنهت جولتها , ولم يساعدها أنتظار تولو على التخلص من أحاسيسها تلك , لذلك عرضت عليه عندما وصل أخيرا أن يتناولا كأسا من المرطبات لأنها تكاد تموت عطشا ......... وبالطبع لم يمانع الأسباني الشاب , وحول كأسين من عصير الليمون , راحا يتأملان الناس والوجوه والسيارات في تلك الساحة المزدحمة , ومن حيث لا تدري , شاهدت جانيت مجموعة الشبان الذين تحلقوا قبل أيام حول سيارة تولو , وهو يتوجهون ألى المقهى مثيرين الجو الأحتفالي نفسه الذي أثاروه من قبل , ولم تكن جانيت مهتمة بوجود تولو والشلة , فعيناها , منذ جلست في المقهى و تبحثان عن شخص محدد وسط الزحام والوجوه المختلفة , كانت مشاعرها متضاربة , فهي خائفة من رؤية بروس لهما ومن ناحية أخرى تريد أن يرى كيف تتحداه في هذه المسألة بالذات , وبينما هي تدلف ألى سيارة تولو بعد حيل الشلة على وشك أن تفقد الأمل برؤية بروس أذ بها تفاجأ به على بعد أمتار قليلة منها .
ولم تتمكن جانيت من معرفة الأشخاص الذين كان بروس معهم , ألا أنها متأكدة أنه لم يسحب نظره الحاد عنها , وحتى من هذه المسافة , كان من الواضح أن الغضب يلتمع في عينيه الزرقاوين الباردتين , وأمعانا في التحدي , أندمجت جانيت في الضحك مع تولو....... مما يؤسف له أن بروس لا يحب أن يراها برفقة أحد , لكنها تحب ذلك وستستمر فيه!
وكم كانت راحتها كبيرة عندما أنهى مرافقها الأسباني أستعداداته , وأطلق العنان لسيارته في شوارع المدينة المزدحمة عائدا ألى القرية , وكما توقعت ما أن وصلا ألى ضواحي سان غبرييل حتى ظهرت السيارة الزرقاء خلفهما تماما , كانت متأكدة أن تولو لم يلمحها , فهو غير مهتم بالطريق الذي أجتازه با بالمسافة الباقية أمامه.منتديات ليلاس
ظلت السيارة الفاخرة خلفهما تماما بدون أن تحاول تجاوزهما مع أنها قادرة على ذلك بسهولة , وبعد قليل بدأت جانيت تحس بأن يروس يقود سيارته على أعصابها , لذلك طلبت من تولو أن ينعطف في ممر فرعي ويتوقف للحظات بحجة أنها تريد بعض الهواء النقي........ وكم كانت راحتها كبيرة عندما رأت السيارة الأخرى تواصل طريقها بأتجاه الفيللا.
ولشدة أستغرابها , أحست جانيت أن أعصابها ما زالت متوترة ومتعبة ...... ومع ذلك تواعدت على لقاء تولو في اليوم التالي أيضا , وطيلة المساء ظلت تفكر في ما سيكون عليه رد فعل بروس أتجاه تولو , هل تراه يتوجه ألى القرية لمعاقبته على عصيانه أمره؟ مهما كان الموقف , فأن تولو لم يظهر أي تغيير في اليوم التالي , وفكرت جانيت بأنه أبلغ بروس الرسالة التي كلفته بنقلها , وتوقعت أن تولو كان صلبا مثلها تماما.
وهكذا مرت الأيام , وبات من المعتاد أن تذهب جانيت وتولو بعد كل ظهر ألى المدينة , ويعودان ألى القرية عند العصر تقريبا , وقد كانت جانيت تلاحظ أن العينين الزرقاوين تراقبانها دائما..... لكنها حاولت أن تقنع نفسها بأن صاحبها هو مجرد شخص بين آلاف الأشخاص في المدينة.
كما أعتادت جانيت على رؤية سيارته ترافقهما كظلهما في طريق العودة ألى البيت ... بل ولاحظت في بعض المرات أن بروس كان يحاول مجاورة سيارة تولو عند المنعطفات الواسعة.
كانت تعتقد في أحيان كثيرة أن خيالها يزين لها هذه التصورات , خاصة وأن أعصابها صارت متعبة للغاية أخيرا و وعلى عكس ما توقعت باتت الرحلات اليومية ألى المدينة تزيدها توترا وأحتراقا , ومع أن التظاهر بقضاء وقت ممتع من أجل تحدي بروس كان يعطيها بعض الأرتياح , لكن أن تراه يوميا فهذا فوق الأحتمال , ولم تعد تدري ألى متى ستظل قادرة على ممارسة هذه اللعبة الخطيرة جدا .
ةالغريب أن ملامح وجه بروس كانت تشير ألى أنه يمر بالحالة نفسها المتوترة التي تمر بها جانيت و وفجأة حدث أمر غير متوقع أوصل الأمور ألى نقطة الصفر ..... والسبب في ذلك قيادة تولو المجنونة قبل كيلومترات قليلة من سان غبرييل .
كانت جانيت مسترخية في مقعدها تستمع ألى تعليقات تولو على فيلم سينمائي شاهده بالأمس , وقد دبّ الحماس في عروقه وباتت السيارة بين يديه الحصان الفائز الذي كان يمتطيه بطل الفيلم , وفي محاولة لأخفاء خوفها من القيادة المجنونة , ركزت جانيت كل أنتباها على التفاصيل التي كان يرويها تولو .