وبعد أن مضى جيمس , سأل آدم سامنتا وقد بدا عليه التفكير العميق :
" مسكين جيمس , يبدو كالأرنب المذعور , هل هو جديد في المدرسة؟".
" لا , أنه ليس جديدا , فقد حضر في الفترة الدراسية السابقة , ولكنني أعتقد أنه لم يتأقلم بعد , فهو تلميذ حسّاس للغاية , وهو أبن كريستين حكيمة المدرسة , أعتقد أنك تعرف ذلك".
" نعم , أعرف ذلك , وأعرف أيضا أن والدته على وشك لزواج من شخص آخر غير والده , أنني أقدّر شعوره فلا بد أنه يشعر بالأضطراب".
ثم أضاف آدم وهو يبتسم:
" الآن بدأت أفهم الوضع , أليست لدى هذا الصغير المسكين أية هوايات , ألا يحب الألعاب الرياضية؟".
" لقد فهمت من كريستين والدته أنه لا يحب الألعاب الرياضية على الأطلاق , ولكنه يهتم كثيرا بكل ما يتصل بعلم الكيمياء , ولكنه كما ترى ما زال طفلا صغيرا لا يمكنه دراسة الكيمياء , حتى ينتقل ألى الفصل الثاني".
ووقف آدم يحدّق من النافذة لبعض الوقت وقد وضع يديه في جيبي بنطلونه ثم ألتفت ألى سامنتا قائلا:
" سأحاول التحدث مع السيد جونز مدرّس العلوم عن جيمس فقد يمكننا السماح له بقضاء وقت فراغه في الملعب لمشاهدة بعض التجارب".
ثم أضاف آدم وقد بدا الحزن على وجهه :
" أنني لا أحب رؤية الأطفال يبدو تعيسا كما يبدو هذا المسكين الآن".
وكان آدم يتحدث في لهجة من يعرف تماما معنى أن يكون الطفل تعيسا , ولأول مرة وجدت سامنتا نفسها تتساءل عن طفولة آدم رويل وعلاقته بأسرته.
وبعد فترة قصيرة , أستعاد آدم طبيعته كمدير للمدرسة , وسأل سامنتا :
"أعتقد أنه ليست لديّ فصول دراسية بعد ظهر اليوم , فهل هناك شيء ملح يحتاج ألى أخذ رأيي فيه , أو أي أرتباطات أخرى أو مقابلات؟".
ونظرت سامنتا في المفكرة الموضوعة على المكتب قبل أن تجيب بالنفي .
فقال آدم في سخرية:
" يبدو واضحا أن مؤامرتك قد نجحت بالفعل".
منتديات ليلاس
ولم تعجب سامنتا بهذه اللهجة الساخرة التي يتحدث بها آدم , ولكنها لم تهتم فقد كانت تدرك أن آدم يعتقد أن جميع النساء متآمرات , وما هي بالنسبة أليه ألا أمرأة كغيرها من النساء , ولا بد أنه يعتقد أن فكرة أيهام الجميع بأرتباطه بها , لم تكن آنية بل ربما تكون قد خططت لها من قبل , فأغلقت المفكرة ووضعتها في مكانها على المكتب وهي تقول في برود:
" حسنا , هذا ما كنا نسعى أليه أليس كذلك؟".
فأبتسم آدم أبتسامة غامضة وهو ينظر أليها قائلا:
" حقا هذا ما كنا نريده تماما , والآن سأكافئك على نجاح مؤامرتك , فأدعوك ألى الخروج معي بعد ظهر اليوم ,و فأنا بحاجة ألى بعض الأوراق الخاصة بأبحاثي , وأعتقد أنني سأجدها مع أوراق الأخرى التي تركتها في كوخي , فهل توافقين على الذهاب معي ألى كوست وولدز يا سامنتا؟".
ونظرت سامنتا عبر النافذة , كان الجو جميلا وقد أزدهرت الأشجار , وبدت السماء صافية وأحست برغبة في الخروج فوافقت على الذهاب معه.
فقال:
" حسنا , هل تقومين بتوصيلي في سيارتك , فأن سيارتي بالكاراج حيث تجرى بها بعض الأصلاحات".
وشعرت سامنتا بنوع من الأحباط وهو يقول ذلك فقالت:
" يمكنك أن تستخدم السيارة بدون الحاجة ألى صحبتي".
ونظر أليها آدم لحظة ثم ردّد في صوت هادىء:
"لقد طلبت منك أن توصليني بالسيارة , هل يمكنك ذلك؟".
" بالطبع يمكنني ذلك أذا كنت تثق في قيادتي ".
فنظر أليها طويلا قبل أن يقول :
" ربما أريد أن أعرف ما أذا كانت مهارتك في القيادة على مستوى مهاراتك الأخرى , والآن بلّغي السيد جونز بأن يتولى الأشراف بدلا مني ألى حين عودتنا , وسنذهب فور أستعدادك , وقد نتناول غداءنا على الطريق".
وبعد أن أبلغت السيد جونز برسالة آدم أسرعت ألى غرفتها , وبدّلت ثيابها ووضعت ثوبا رقيقا للصباح أزرق اللون , كان آدم ينتظر ألى جانب السيارة عندما غادرت سامنتا المدرسة وقد بدّل ملابسه أيضا وتساءل وهما يركبان السيارة:
" أي طريق تفضلين أن نسلك ؟ ربما كان الطريق عبر برودواي على التلال أطول قليلا ولكننا لسنا على أستعجال".
وجلسا في السيارة الصغيرة , وكانت تشعر بجسد آدم قريبا منها نظرا لضيق المقعد , وكانت يدها تلمس ركبته عند كل أنحناءة للسيارة ,وعلى الرغم من أنها كانت تشعر أن عيني آدم تتفحصانها , ألا أنها حاولت التركيز على القيادة وهي تشعر بنوع من الأسترخاء , وكانت أشعة الشمس الدافئة تنعكس على ذراعها العاري وشعرها يتطاير مع النسيم الخفيف الذي يدخل عبر النافذة , وقد أمتلأت السيارة بشذى الأزهار المتفتحة.
وتنهدت سامنتا بأرتياح وهي تنطلق بالسيارة وقالت في سعادة:
" أليس الجو جميلا اليوم؟".
ورد آدم موافقا على كلامها ولكنه لم يكن ينظر من النافذة , فقد كان يثبت عينيه السوداوين على وجه سامنتا .
وسألها آدم :
" هل تحبين القيادة؟".
" نعم ,كان شيئا مثيرا للغاية أن أحصل على سيارة خاصة بي , وقد درّبني ريتشارد بارنز على القيادة خلال وجوده هنا في العطلة الماضية , فهو مدرب ممتاز".
ورد آدم في صوت بدا جافا:
" حقا؟".
وساد الصمت بينهما بعد ذلك حتى بداية الطريق ألى بروداوي , فنزلا من السيارة ليتناولا بعض الشطائر وأقترحت سامنتا وهما يعودان ألى السيارة أن يتبادلا مقعد القيادة.