5- لن يحدث هذا لي
بدأ اليوم الدراسي الأول كالمعتاد مكدسا بالعمل, وأستمر توافد التلاميذ وأولياء الأمور ألى المدرسة وأزدحم البهو بالأمتعة .
وأنشغل الجميع بالعمل وكان آدم لا يكاد يجد الوقت الكافي ليشرب فنجان القهوة الذي كانت سامنتا تقدمه له في مكتبه بين آونة وأخرى.
كانت كريستين تتولّى أمور التلاميذ والأمتعة , وسامنتا تنظم لقاءات أولياء الأمور بالمدير الجديد , وتتدخل بلباقة أذا لزم لأنهاء بعض هذه المقابلات , وأظهر آدم خلال لقاءاته مع أولياء الأمور قدرة فائقة على أقناعهم بأن كل شيء سيمضي في المدرسة في طريقه الطبيعي كما كانت تسير الأمور بأدارة السيد بارنز.
وبعد أنتهاء اليوم الدراسي توجهت سامنتا ألى مكتب آدم , تحمل له فنجانا من الشاي وهي تقول:
" يمكنك الآن أن تسترخي , فقد أمكن ترتيب كل شيء والتلاميذ في غرفهم الآن يفرغون أمتعتهم ,وقد غادر أولياء الأمور المدرسة".
ورجع آدم بمقعده ألى الخلف قائلا:
" هذه أنباء طيبة , أن أصعب شيء بالنسبة لأدارة مثل هذه المدارس الصغيرة الخاصة , هو اللقاءات مع أولياء الأمور وبخلاف ذلك , كل شيء يبدو سهلا للغاية".
قال آدم ذلك بلهجة متعجرفة جعلت سامنتا تشعر بأن نواياها الطيبة أتجاه آدم تنهار فقالت ببرود:
" هل تعني بقولك أن هذه المدرسة حقيرة ؟".
وألتفت آدم ناحيتها حيث وقفت على المكتب وهو يقول:
" هل ستنفعلين من جديد ؟ أنت تعرفين ما حدث في المرة السابقة ".
وشعرت سامنتا بالدماء تصعد ألى وجهها , وتذكرت في هذه اللحظة قبضة يده القوية وهي تمسك برسغها لتهدئتها , ولكنها عندما نظرت أليه لم تر أي أثر للغضب على وجهه هذه المرة , ولكنها لمحت بدلا من ذلك الضحكات وهي تتراقص داخل عينيه.
وقال آدم وهو يشرب الشاي :
" شكرا لأحضارك الشاي ,والآن يمكنك أن تطلبي من السيد جونز الحضور ألى المكتب في أي وقت , فأنني أريد التحدث معه قليلا".
وأتجهت سامنتا ألى الباب وهي ترد في برود:
" نعم يا سيد رويل".منتديات ليلاس
وقبل أن تصل سامنتا ألى الباب ناداها آدم وكأنه تذكر فجأة شيئا هاما.
" سامنتا ماذا عن هذا المساء , متى تحضرين ألى المكتب؟".
ووقفت سامنتا تفكر قليلا قبل أن تجيب :
" ربما يتأخر العشاء الليلة أكثر من المعتاد , وقد لا ننتهي منه قبل الثامنة".
" ولكن هل لديك أرتباط بعد ذلك , أقصد بالنسبة للتلاميذ؟".
"لا , فأن هذا لا يدخل في نطاق واجباتي , ولكنني أقدم مساعدتي فقط أذا لزم الأمر ".
كانت سامنتا تقف في منتصف الباب الذي كان مفتوحا وأنعكس الضوء عليها , فبدت صورتها وهي تلبس بلوزة بيضاء وعقصت شعرها الأشقر خلف أذنيها وأنسدل ليصل قرب كتفيها وألتفتت فجأة , فرأت آدم وقد ثبت عينيه عليها فأنتابها شعور بالخجل , وحوّلت نظرها بسرعة ألى الجهة الأخرى وساد بينهما فترة صمت حرج قطعته سامنتا قائلة:
" هل يناسبك الساعة الثامنة والنصف؟".
" نعم , هذا مناسب جدا ولن أعطلك طويلا".
وبعد أن خرجت سامنتا وأغلقت الباب وراءها , بدا آدم شارد الذهن تماما ولزمه بعض الوقت , ليمكنه العودة من جديد ألى تصفح الأوراق أمامه .
وعادت سامنتا ألى غرفتها وكانت تجمع بين النوم والجلوس على مقعد مريح ووضع مكتب صغير بجانب النافذة الكبيرة التي تطل على الحديقة الخلفية.
جلست سامنتا ألى المكتب وقد شعرت برغبة طاغية في الكتابة لريتشارد ,ولكنها وجدت صعوبة في ذلك هذه المرة , فقد كان عليها أن تحدثه عن أخبارها وأخبار المدرسة وحضور آدم , ولم يكن من السهل عليها التعرض لهذه الأحداث بدون التورط في الحديث عن مرض العم أدوارد.
ووضعت سامنتا الورق جانبا بعد أن أقنعت نفسها أنها ستكتب له في اليوم التالي.
وأقترب موعد العشاء , فأخذت سامنتا تستعد له , وأختارت ثوبا جديدا من الحرير الأزرق الباهت , أظهر بوضوح جمال عينيها الزرقاوين , ووقفت طويلا أمام المرآة تعدل من زينتها , وترددت قليلا قبل أن تضع بضع نقاط من العطر الرقيق الذي أهدته لها كريستين في عيد الميلاد , وبعد أن نسّقت شعرها بعناية , وقفت طويلا أمام المرآة لتطمئن على مظهرها , ولكنها أفاقت فجأة وهي تسائل نفسها لماذا كل هذا الأهتمام بمظهرها الليلة.
وكانت سامنتا تعرف الأجابة على هذا التساؤل , أنه نفس السبب الذي دعا السيدة كمبل ألى أرتداء ثوبها الوردي والذي أشاع شعورا بالمرح بين المدرسات الشابات في الحفل , أنه وجود آدم رويل هذا الساحر محطم القلوب .
وأنتبهت سامنتا من أفكارها وهي تردد بصوت عال:
" لا لن يحدث هذا لي".
وبعصبية واضحة نزعت عنها ثوبها الأزرق الجديد , وقذفت به على السرير وأرتدت ثوبا قديما , كانت سامنتا ترفض أن تخضع مثل غيرها من النساء لهذا السحر العجيب الذي يشع من عيني آدم وشخصيته , وتحب طبيعتها كما هي وتريد أن تطل الفتاة الباردة المشاعر المستقلة كما كانت ليزا تصفها دائما.