3- مشاعر غريبة
جلست سامنتا وآدم يتناولان العشاء , وقال آدم وهو يلتهم الطعام بشهية :
" أن الشخص الأعزب هو وحده الذي يدرك مدى جودة الطعام المنزلي".
وسألته سامنتا عن مكان أقامته وهي تأمل ألا يكون سؤالها شخصيا فأجاب آدم :
" ليس بعيدا عن المدرسة و أنني أقيم في كوخ صغير في كوستولدز".
ثم أستطرد يقول :
" لقد تركته لفترة خلال وجودي في باريس , حيث كنت أقوم بأبحاث خاصة بالكتاب الذي أقوم بتأليفه".
وسألته سامنتا عن موضوع الكتاب بعد أن بدا الود واضحا بينهما , كما بدا على آدم وكأنه أعجبه تجاوبها معه فردّ قائلا:
" الموضوع قد لا يعجبك , أنه عن التعليم".
كانت سامنتا بالفعل لا تهتم كثيرا بهذا الموضوع , ولكنها ردّت بأدب :
" لا بد أنه موضوع مسل".
منتديات ليلاس
" أنه كذلك بالنسبة أليّ , فأنا أهتم دائما بالبحث عن نشأة الأشياء ,وهذا ما يتناوله كتابي , أذ يدور حول نشاة التعليم في أوروبا".
أنتبهت سامنتا ألى حديثه فقد كانت تهتم بالتاريخ وتواصل الحديث بطريقة طبيعية , وأنطلقت سامنتا تتحدث على سجيتها ولم تكن تدري هل كان ذلك بسبب الشراب أو لأن الموضوع أعجبها .
وبدا آدم وكأنه يشعر بالراحة , وكانت عيناه تبرقان تحت رموشه الكثيفة , وتذكرت سامنتا في هذه اللحظة ما قالته ليزا في أحدى المرات من أن أتاحة الفرصة للرجل ليتحدث في الموضوع الذي يفضله , هي أحدى وسائل التقرب أليه , أن ليزا تهتم بالحديث عن العلاقة بين الجنسين , وكانت دائما ومنذ صغرها جديرة بهذه الأمور , ولم تكن سامنتا تود التقرب ألى آدم ,ولكنها كانت تريد أن تقيم معه علاقات طيبة لمصلحة العمل.
وأستطردت سامنتا تسأل:
" هل تسمح لي بقراءة بعض ما كتبت , ألا أذا كنت تكتب لمتخصصين فقط".
" بالطبع لا , أن هدفي هو أتاحة فرصة المعرفة للجميع , وكم أود أن أجرّب مدى نجاحي في ذلك معك يا سامنتا".
أهتزت سامنتا قليلا لدى سماعها آدم وهو ينطق بأسمها مجردا لأول مرة , وفي هذه اللحظة دخلت السيدة كمبل الغرفة وبدأت في رفع بقايا الطعام , وبعد أن شكرها آدم أستدار ألى سامنتا مستأذنا في الأنصراف ليرتب أمتعته ز
وقالت وهي تودعه :
" لقد أسعدني حديثك عن الأمبراطور شارلمان , وأنا على يقين من أن كتابك سيكون رائعا".
ونظر أليها آدم بطريقة ذكّرتها بما قاله من قبل , من أنه لا يحب المجاملات النسائية , وحاولت أن تقول شيئا آخر ولكن الكلام لم يسعفها فسكتت وودّعت آدم على أن يلتقيا في الصباح.
وأتجهت سامنتا ألى غرفتها وقد أقتنعت تماما بأن آدم ذو شخصية مزدوجة , فقد كانت شخصية آدم الذي جلس يتجاذب معها أطراف الحديث في ود على العشاء , غير شخصية آدم الأخرى التي تتسم بالبرود أحيانا ألى درجة الوقاحة.
وفي الصباح رافقت سامنتا آدم في جولة بأنحاء المدرسة , ولاحظت أنه دقيق جدا في محاولته معرفة كل التفصيلات , وبدا لها بالفعل بمظهر المدير الشاب .
وبعد الأنتهاء من هذه الجولة وقفا معا في الشرفة الملحقة بغرفة المدرسين وقالت سامنتا وهي تشير ألى ملاعب التنس :
" سيتم قريبا أعداد هذه الملاعب , لقد كانت السيدة بارنز تقيم أحيانا مباريات للتنس في أيام العطلات".
قالت سامنتا ذلك ونظرت ألى وجه آدم , لترى ما أذا كان يذكر تلك المباراة التي حضرها منذ أربع سنوات , وقد تأكد لها ذلك بالفعل ,فقد أكتسى وجهه بجمود مفاجىء لا يمكن تجاهله وقال:
" دعينا ندخل الآن فأنا أريد معرفة المزيد عن الجداول".
وقاطعته سامنتا لأنها كانت تعرف أنهما لم يبحثا هذا الموضوع من قبل ,, ولكنه لم يستمع أليها , فقد أندفع ألى داخل الغرفة , وهزّت سامنتا كتفيها وتبعته ألى الداخل.
حان وقت الغداء وتناولاه معا في المكتبة وكان أشبع بغداء عمل , فقد عكف آدم على دراسة الأوراق التي أمامه وبدا وجهه مقطبا وهو منكب على المكتب , وأستجمعت سامنتا شجاعتها وقاطعته قائلة:
" سيد رويل".
منتديات ليلاس
ورفع آدم رأسه بدون أن تفارق وجهه التقطيبة وأستمرت تقول :
" آسفة لمقاطعتي , ولكنني أنوي الذهاب ألى المستشفى بعد الظهر ولا أدري ......".
ولم يدعها تكمل حديثها أذ رد عليها فورا:
" حسنا يمكنك الذهاب".
ونظر ألى سعته وقال :
" لماذا لم تخبريني من قبل , هل لديك سيارة ؟".
" نعم لدي سيارة صغيرة".
" حسنا أذهبي الآن , وآمل أن تكون صحته قد تحسنت ".
وأستطرد وهي تتجه ألى الباب كأنما تذكر شيئا :
" سامنتا".
وأستدارت أليه بسرعة وقد أنتابها الشعور الغريب , الذي ساورها من قبل عندما ناداها بأسمها وقالت :
" نعم يا سيد رويل".
" أرجو أن تعرفي منه أذا كان بأمكاني رؤيته ".
ومضت سامنتا بسيارتها في طرقات البلدة التي تحف بها الأشجار , وقد بدأت الخضرة تكسوها مع قدوم الربيع , ووجدت نفسها تفكر في آدم رويل لقد بدا لطيفا وهو يتحدث عن العم أدوارد , لا يمكن أن يكون مثل هذا الشخص عديم المشاعر كما وصفته ليزا , لا بدأن هناك حلقة مفقودة في قصة ليزا عليها أن تبحث عنها.