فجلست وجلس آدم ألى جانبها وهو ما زال محتفظا بقبضته على رسغها كأنها طفلة ثائرة يحاول تهدئتها .
وفي هذه اللحظة أناب سامنتا شعور بالخجل الشديد , لأن الموقف وصل بينهما ألى هذا الحد , وشعرت يعيني أدم تتفحصان وجهها ,ولكنها لم تستطع أن ترفع عينيها ألى وجهه , كانت تشعر أن تصرفها هو الذي أوقعها في هذا الموقف , وكان عليها منذ البداية أن تدرك أن آدم ليس من طراز الرجال الذي يمكن التعامل معه بسهولة , وأدركت في هذه اللحظة أن ليزا كانت على حق عندما وصفته بالقسوة.
وعندما بدأ آدم الحديث من جديد , بدا صوته هادئا وهو يقول:
" والآن يا آنسة غولد نريد أن نوضح بعض الأمور منذ البداية , عندما قابلتك لأول مرة كان أنطباعي هنك أنك فتاة على جانب من الفطنة , ولعلّ هذا ما دفعني لأن أتبسّط معك في الحديث , ولكن لا داعي أبدا لأن تتمادي في مثل هذا الموقف الذي لا يمكن أن أقبله من أي شخص".
منتديات ليلاس
وأستطرد يقول :
" لقد أوضحت في أكثر من مناسبة أنك لا تميلين أليّ , ولكن لا داعي لأن تنتهزي الفرص لتؤكدي لي هذا الموقف ,في الحقيقة أفضّل هذا الشعور من النساء اللواتي يعملن معي".
وسكت قليلا ثم قال :
" والآن هل أوضحت موقفي ؟".
وشعرت سامنتا بدمائها تغلي في عروقها , ولكن كان عليها أن تحاول التعامل مع آدم بأي طريقة خلال الشهور القادمة , أكراما للعم أدوارد , وعليها أن تكون على الأقل مهذبة معه.
ورفعت سامنتا عينيها فألتقتا بعيني آدم ومّرة أخرى أنتابها الشعور بالضعف الشديد أزاء نظراته النفاذة العجيبة.
وردّت في لهجة حاولت أن تخلو تماما من أي تهكم :
" نعم يا سيد آدم أعتقد أن كل شيء واضح تماما".
وأبتسم آدم وترك رسغها وهو يقول :
" حسنا , أعتقد أن الأمور ستمضي بيننا على ما يرام , والآن هل يمكك أن ترشديني ألى جناحي؟".
وصحبته سامنتا وهي تقول أن العشاء سيكون معدا في تمام السابعة وأشارت ألى خزانة بالغرفة وهي تقول:
" ستجد هنا ما يلزمك من مشروبات".
وأتجه آدم ألى حيث أشارت سامنتا , وأخرج زجاجة وهو يقول:
"والآن فلنشرب نخب تسلّمي العمل".
" شكرا يا سيد آدم , أعتقد أن الوقت ما زال مبكرا بالنسبة أليّ لتناول الشراب".
ونظر آدم ألى ساعته , ثم رفع عينيه ونظر أليها وأبتسامته تتراقص على شفتيه ثم قال:
"حسنا , في أي حال لن أعتبر هذا موقفا منك ".
وبعد تفكير قليل وجدت سامنتا أنه ليس من حقها التعامل معه بهذه الطريقة , فعادت ألى الطاولة حيث أخذت الكأس التي ملأها ,وقال آدم وهو يرفع كأسه وينظر في عينيها :
" نخب المزيد من التفاهم بيننا ".
وردّت سامنتا النخب بصوت خافت , وأسرعت بشرب كأسها , وغادرت الغرفة وهي تفكر فيما حدث , كانت المرة الأولى التي تفقد فيها سامنتا أعصابها , ولكنها تعتقد أن آدم من الطراز الأستفزازي من الرجال.
وأتجهت سامنتا ألى مكتبها , حيث حاولت الأتصال بليزا هاتفيا , ولمّا لم تتلق ردا صعدت ألى غرفتها لتعدّل من منظرها قبل الجلوس ألى العشاء , لم يكن من عادة سامنتا أن تبدّل ملابسها قبل العشاء في أوقات العطلات , ألا أذا حضر أحد الضيوف , ولكن الأمر يختلف الليلة مع وجود آدم رويل , وداخلها شعور بالتحدي وهي تنتقي أجمل ثيابها , لا بد أن تبدو جذابة فأن هذا الشعور سيمنحها الثقة في نفسها لمواجهة آدم , وأطمأنت سامنتا ألى مظهرها في المرآة قبل أن تغادر غرفتها وشعرت أنها على أستعداد لمواجهة آدم وأبتسامته الساخرة .
وأتجهت سامنتا ألى المطبخ , كانت رائحة الطعام لذيذة تفوح منه وكانت السيدة كمبل تقف وقد أرتدت ثوبا وردي الليل , بدلا من الثوب الأزرق الداكن الذي أعتادت أرتداءه , وأظهرت سامنتا للسيدة كمبل أستحسانها لثوبها فردّت قائلة :
" أنه مجرد تغيير".
ثم أنشغلت في أعداد الطعام وهي تسأل سامنتا عما أذا كانت ستقوم بأبلاغ آدم بأن العشاء معد , وطلبت سامنتا منها أن تبلغه ذلك بنفسها , وعلى الرغم من أنه كان هناك أتصال بين المطبخ وجناح العم أدوارد , فأن كمبل فضلت الذهاب بنفسها قائلة:
" سأبلغه ذلك بنفسي فهذه هي المرة الأولى التي يبدو فيها لطيفا".
وأتجّهت سامنتا ألى غرفة الطعام التي تطل على ملاعب التنس , كان المكان معدا لشخصين وأطمأنت ألى أن كل شيء في مكانه , وأخذت تتساءل ما أذا كان من الواجب تقديم الشراب لآدام على العشاء , في هذه اللحظة سمعت وقع أقدامه وهو يدخل ألى الغرفة.
لاحظت سامنتا أنه بدّل ملابسه , وأرتدى حلّة داكنة اللون مع رباط عنق زاهي , وبدا جذابا للغاية , وقال آدم وهو يتجه أليها .
" تبدين كمضيفة , هل تنتظرين أحدا على العشاء؟".
منتديات ليلاس
وتحركت سامنتا ألى الطاولة وهي تقول:
" لا يوجد غيرنا الليلة".
ولم تدر ماذا تقول بعد ذلك , كانت تشعر بالتردد في مواجهة آدم , فقد تعوّدت الصراحة في تعاملها مع الناس ولكنها شعرت أن الوضع يختلف مع آدم ثم قالت وهي تحاول أن تكون لطيفة:
" كنت أتساءل أذا كان من الواجب أن أقدّم لك الشراب؟".
وظهرت الدهشة على وجهه وبدا وكأنه يفكر وهو يلتفت أليها قائلا:
" هذا شيء جميل , ويجب أن أعترف بذلك , ولكن ما هي المناسبات التقليدية في المدرسة لتقديم الشراب؟".
" أعياد الميلاد ورأس السنة والمناسبات الخاصة".
" حسنا , أنه ليس عيد ميلادي ولا أعتقد أيضا أنه عيد ميلادك ولهذا أقترح أعتبارا من الليلة مناسبة خاصة أذا كنت تتفقين معي في ذلك".
" هذا شيء عليك أنت أن تقرّره".
" لا هذا من أختصاصك كسيدة ".
قال آدم ذلك ونظر أليها بطريقة عابثة , فشعرت بدقات قلبها تسرع وبذلت جهدا كبيرا وهي تحاول أبعاد عينيها عن عينيه الآسرتين وقالت:
" أنا على يقين من أنّ العم أدوارد كان سيقدم لك الشراب طيلة بقائك في المدرسة".
ورفع آدم حاجبيه في دهشة قائلا:
" العم أدوارد ! لم أكن أعرف أن هناك صلة قرابة بينكما".
فردّت سامنتا بسرعة :
" لم أقصد ذلك تماما , أن أدوارد بارنز كان صديقا حميما لوالدي الذي تولّى فجأة بضع سنوات".
ولاحظت سامنتا لمحة من الحزن تكسو وجه آدم , فأستطردت تشرح له العلاقة بين العم أدوارد ووالدها.
وبعد فترة من الصمت هز! آدم رأسه بأسف وهو يقول:
" أذكر أن السيد بارنز قصّ عليّ شيئا من هذا القبيل , أنه شخص عظيم ".
ولفهما الصمت من جديد وليست سامنتا في هذه اللحظة تماما وجود آدم , فقد كانت تسترجع صورة العم أدوارد وهو على سريره بالمستشفى.