كاتب الموضوع :
الكبد الاسود
المنتدى :
الارشيف
-2
بعد أن ركبا في السيارة أدار المحرك ثم انطلق..لكن إلى أين؟..لا يعلم إلى أين يأخذها؟؟
-اخبريني بعنوانك ؟
أجابت وهي تنظر من النافذة:
-ليس لدي عنوان
-لا يعقل ..إذن من أين اتيتي؟
-لا يهم!
-أين تريدين أقلك ؟
-إلى حيث تريد.أو أوقف السيارة ودعني انزل.؟
-هنا.لن أتركك في وسط الطريق حيث لا مكان.
-.........
دار بسيارته في عدة شوارع...ليقطع الوقت فربما تعطيه عنوانها..طال الصمت ..ومضى الليل ..وتذكر اختبار الغد..وانه يجب أن ينام..فكر سيأخذها إلى أي مكان إلى الصباح على الأقل..تذكر نزل قديم كان يستخدمه مع أصدقائه وقرر الذهاب إليه مؤقتا..
عندما وصل فتح حقيبة السيارة واخذ يبحث ..
-ارجوا أن يكون هنا
وأخيرا وجده..مفتاح النزل وقد تغير لونه..نزلوا من السيارة وتقدم نحو الباب وفتحه...
-ادخلي قبل أن تطير بك الرياح
كان النزل عبارة عن غرفة نوم واحدة بسرير وصالة صغيرة بها أريكتين ومنضدة..وحمام ومطبخ ضيق..
خلع المعطف عنها..
-تفضلي ..سأحاول أن أجد لك ملابس جافة
جلست على الأريكة وفي قلبها شعور حزين مؤلم..ودموعها قاب قوسين أو أدنى..
اختفى الشاب برهة ثم عاد وفي يديه بعض الملابس الجافة وقدمها اليها
- أرجو أن تجدي فيها ما يناسبك
ثم مضى نحو المطبخ
بحثت في الملابس سريعا-تبدو كلها ملابس رجل ..ولكن لا يهم.. قطن وصوف ..إنها كل ما ترجو.. ارتدته سريعا وجلست على الأريكة من جديد
مضت دقائق قبل أن يعود السيد الشاب وفي يديه صينية وقطعة من الخبز وكاس من الحليب الذي يتصاعد البخار منها..وضعها أمامها على المنضدة..
-اعتذر عن التدفئة تبدو عديمة النفع في هذا الجو القاسي..لكني سأشعل نارا
سحب صندوقا معدنيا متفحما يبدو وكأنه مخصصا للنار وأشعل نارا صغيرة وقربها إليها..
ثم جلس على الأريكة المقابلة.
ساد الصمت مدة بدت طويلة..
-يجب أن تأكلي..
ولكنها لم تجيب..بدت كمن بداخلها عاصفة توشك على الانفجار..كان ذلك واضحا على وجهها..
-كلي من اجلي..فقد أعددته لك
ولم تجيب..
- من أين أنتي..وأين كنتى تسكنين؟؟
-.........
-ألن تخبريني اسمك على الأقل..بما أناديك؟؟
-سمني ما شئت.
ثم أخذت تشهق في صمت..ارتبك الشاب ولم يدر ماذا يجب أن يفعل.
-آسف ..آسف ..لا تبكي..لا تخبريني باسمك إذا لم تريدي
أنا حقا آسف
-لا أريدك تعرف عني شيء.
وأخيرا ساد الصمت ..لم تأكل شيئا من الطعام..ولكنها بدأت تشعر بالدفء ..لقد افتقدت الدفء.. بدأت تنسى كيف هو الشعور بالدفء..انه النعيم..ركزت أنظارها إلى سقف الغرفة..وغرقت في تفكير كئيب..وفرقعة النار تزيد من الدفء والكسل..بدأت تسمع طيور السحر..برغم من قسوة البرد..لا تزال تغرد ..لا ينطفئ أملها..تمنت لو كانت عصفرا ..يطير بكل حرية ..ينام مع حلول الظلام قرير العين هانئ البال ..لا يحمل هما ولا يعرف القلق من الحياة..ويصحو مع الشروق ويحلق في سماء الله ويجد رزقه في الأرض..
ولكنها بشر..تمضي الحياة في كبد ..
بدا الضوء الشاحب لذلك الصباح البارد يتسلل من النافذة الوحيدة في الغرفة..رفعت رأسها..وأخيرا منذ أن وصلت إلى هذا المكان نظرت نحو مضيفها..لقد نام في مكانه على الأريكة..
أمعنت النظر إليه وهو نائم..تأملت قسماته ..ليس بتلك الوسامة..تبدو ملامح وجهه عادية..لكن ما الذي يجعله يبدو جميلا..إنها بلا شك عيناه المغمضتين..أن لها انطباعا جميلا وهي مغلقة..كيف لو فتحهما..لا لا انه مثل غيره ..ما يميزه حقا هو الطول والقوة العضلية...
لا يهم..يجب ان اخرج قبل أن يستيقظ.
مدت قدميها بهدوء كي تقف ..ارتطمت بصندوق النار المتفحم فاصدر صريرا مزعجا لاحتكاكه بأرضية الغرفة..استيقظ السيد الشاب ونظر إليها..ثم وقف على قدميه وغادر الغرفة
عاد بعد مدة قصيرة ..
-سأذهب الآن..لدي امتحان نهائي ويجب أن لا اتاخر..هل تريدين شيئا؟
لم تنظر إليه ولم تجيب.
خرج وأغلق الباب وراءه بهدوء...
هبت مسرعة نحو الباب وفتحته ولكن ..انه لا ينفتح..نظرت بتمعن..انه مغلق بالمفتاح ..هزت الباب بعنف..خبطت عليه بكلتا يديها..هزته مجددا وهي تنادي كي يسمعها احد..ولكن لا مجيب..
-اللعين..لقد حبسني هنا.
|