وعندما وصلت الى الفندق , كان الصداع قد وصل الى درجة لا تحتمل , وكانت غرفتها في الفندق ,بما تحتويه من تكييف الهواء , والنوافذ الخضراء الهادئة والفراش المريح , هل الأمل الذي ترجو أن تصل اليه في هذه اللحظة....... وعندما أغلقت عليها الباب , نظرت الى حذائها الصغير القذر , قبل أن تتمدد على الفراش وأغمض عينيها طلبا للنوم , لكن النوم رفض أن يستجيب لها , وحاولت أن تزيح كل الأفكار الكئيبة من ذهنها , لكنها , وبرغم كل محاولاتها , وجدت نفسها تتوه مع أفكارها مسترجعة أسعد يوم من أيام حياتها , تلك الليلة الخيالية في قلب غابات الأمازون ورامون يروي لها بصوته الجذاب كل شيء عن حياته , عن آماله وأحلامه وطار بها الخيال ليتركز على اللحظات التي دعاها فيها الى أن تقص عليه حياتها وطفولتها وكل ما يحيط بها , وكيف كذبت عليه , رغبة منها في أن تبعد عن نفسه أي شك في حقيقتها , ترى كيف كان رامون يستقبل منها الحقيقة لو أنها صارحته بها في تلك اللحظات ؟ هل من المعقول أنه كان يعرف أنها ليست كريستينا دونيللي الحقيقية , وأنه أنما كان يستدرجها ليقودها الى الأعتراف , ولكن , لا , وقاومت هذه الفكرة بشدة , لم يكن ذلك معقولا أنه كذب على أنيز فمن أين كان له أن يعرف السبب الحقيقي , أنه حاول أن يظهر أمام أنيز بمظهر الرجلالواثق من نفسه الذي يعرف كل شيء وليس الشخص الذي يمكن لأحد أن يخدعه , ما من رجل على الأطلاق يرضى لنفسه بأن يظهر في صورة من كان غبيا , ولا سيما أمام المرأة التي ينوي أن يتزوجها.
وشعرت بالضيق من نفسها , فهي تحن الى رجل لا يكاد يشعر بوجودها , وقررت أن تهرب من أحزانها بأن تشغل نفسها بأي عمل أيجابي , أن تأخذ حماما لعله يساعدها على النوم.
لكن بدلا من أن يجلب لها هذا الحمام الفاخر الدافىء النوم , أذ به يكفل لها درجة من الراحة لا يمكن بعدها أن تطلب المزيد فأخذت تدور في غرفته ثم عبرت الغرفة لتقف أمام الخزانة التي تضم ثوب السهرة الوحيد الذي أحضرته معها , والذي أصرت عمتها كريس على أن تأخذه في رحلتها مع ملابسها , كان ثوبها فاخرا جميلا , يصلح لحفلات الكوكتيل والسهرة.
منتديات ليلاس
وذهلت عندما سمعت نفسها تضحك , لقد كان الصوت غريبا , بحيث شعرت بأنها لم تسمع هذا الصوت يتردد في داخلها منذ مدة , أن منظر رامون مع أنيز , وطريقته في رعايتها ومداعبتها , وضع حجرا ثقيلا على قلبها , وقتل المرح في روحها لكنها كانت ما زالت في العشرين من عمرها , في عنفوان الشباب , وبدأت طبيعة هذه الرحلة المرحة من العمر تعاودها , الآن ذهبت عنها آلام الصداع وذهبت معه رغبتها في النوم ,والى جانب هذا بدأ نداء غامض في أعماقها يجذبها لتقضي الليلة الأخيرة- ليلتها الوحيدة الباقية , في صحبته فستكون ذخيرتها في ذكرياتها الى آخر العمر وغمرتها الفرحة , يجب أن تجعل هذه الليلة ليلتها الأخيرة حقا , مع الرجل الوحيد الذي أحبته , يجب أن تذهب وأن تترك كل شيء للقدر.
قبل الساعة الثامنة , وهو الموعد المحدد لعشاء , كانت تينا مستعد تماما لكنها لم تستطع أن تواجه المجتمعين , وتنزل وحدها الى القاعة لتتناول المرطبات قبل العشاء , ثم سمعت طرقا على الباب ,وصوتا يقول:
" تينا ,هل أنت مستعدة ؟ أسرعي الجميع في أنتظارك".
وبسرعة أمسكت حقيبة السهرة في يدها , وأسرعت تفتح باب غرفتها فوجدت فيلكس كريللي واقفا وقد أمسك في يده صندوقا صغيرا فيه بعض الورود ولكن عندما مد يده بحرارة اليها مقدما الباقة , تدلى فمه من الدهشة وحتى الكلمات التي كان قد أعدها ليحييها ويرحب بها , أبتلعها وسط دهشته بينما وقفت تينا صامتة حتى تتبدد دهشته وأحست بالرضى الآن ,فقد تأكدت أن تأثيرها سيكون كما تريد تماما , ولم تشعر بالقلق للدهشة التي أصابت فيلكس كما تريد تماما , فمن الطبيعي أن يحدث له هذا وقد أعتاد أن يراها في ملابس الرجال الخشنة , طوال الأسابيع الماضية , ثم بدأ ينتقل بعينيه من شعرها الى جسمها الرشيق وثوبها الرقيق , حتى أستقر على حذائها الذهبي , وسألته منفعلة:
" ما رأيك , هل أبدو جميلة؟".
" عزيزتي تينا , أنك ساحرة أنني أموت شوقا للنزول معك الى السهرة لأرى الرجال جميعا وهم يرتمون تحت قدميك".