وبمجهود خارق نجحت في أن تبتسم ردا على أبتسامات تينا وأن تطلق ضحكة صغيرة مغرية , أستطاعت أن تخدع بها رامون.
" رامون ......طبعا نحن صديقتان , كف يمكن أن تتصور شيئا آخر".
" في هذه الحالة , هيا لنرى كل منكما المكان المخصص لها , قبل أن نجلس للعشاء".
طوال فترة العشاء , تغيرت أحوال تينا تماما , للمرة الأولى تسير الأمور كما تشتهي , والأنتصار الرائع الذي شعرت بأنها قد حققته في مواجهة أنيز أعطاها ثقة قوية قوية للحديث مع الرجال كما لم تجرؤ من قبل وحين جلسوا حول نيران المعسكر , في دائرة واسعة , يأكلون ( الكاري) الذي أعدّه لهم فيلكس كريللي الذي كان مسؤولا عن الطبخ في ذلك المساء , أستطاعت أن تشق طريقها وسط الأحاديث الدائرة , بسهولة أدهشت زملاءها الذين كانوا جميعا سعداء بها , ما عدا ثيو الذي كان متضايقا من هذا الأنطلاق الجديد فيها , والذي تمثل أنتقاصا من أهتمامها الخاص به , أنه لا يستطيع أن يشكة من تجاهلها له فقد أعطته من أهتمامها قدر ما أعطت الباقين ,ولكنه كان شعور من يملك شيئا , وفجأة , وجد كثيرين غيره يشاركونه فيه.
وقام ثيو , بأصطحاب تينا الى سريرها المعلق ,ولكن قبل أن تستدير لتتركه , جذبها من كتفيها , وأخطرها الى مواجهته , قاومت عنفه بحدة وهي تهتف به:
" ثيو أنك تسبب لي الألم".
وأجتاحتها موجة من الخوف , وهي ترى عينيه تلمعان في الظلام , وحاولت التملص لكنه أنقض عليها وحاول أن يطوقها بذراعيه , فأنتفضت مذعورة وقالت:
" أياك أن تلمسني ثانية , هل تسمعني , أذا حاولت أن تقترب خطوة احدة فسأصرخ طالبة النجدة".
"أعتقد أنك تفضلين جذب أنتباه هذا الرجل البرازيلي , هل تعتقدين أنني لم ألاحظ الطريقة التي تنظرين اليه في اللحظات التي تصورت فيها أن أحدا لا يراقبك والطريقة التي تلمع بها عيناك عندما تلتقيان بنظراته؟".
" لا تكن غبيا , أنك تترك خيالك...".
وقاطعها بعنف :
" أذن لماذا كنت تهتمين بكل كلماته وحركاته ؟".
منتديات ليلاس
وفكرت بسرعة في أن تجد عذرا وتمتمت:
" ذكرت لي بنفسك أن رامون قد عقد خطبته على أنيز , فلماذا أضيع وقتي مع رجل هو خطيب أمرأة أخرى؟".
وضاقت عيناه , وترددت أبتسامة على شفتيه ولدهشتها الشديدة , أذا هو يتنهد من أعماقه , ثم راح يضحك بسعادة واضحة:
" ماذا أنت أيتها الشيطانة الصغيرة الماكرة , تفعلين ذلك لتضايقي أنيز , أنك تكرهينها , وتحاولين الحصول على صديقها لتلقينها درسا".
وشعرت بصدمة ,أن ثيو وحده في هذا العالم يمكن أن يتصور هذا التصور , ولكن أذا كان ذلك سيسعده عن متابعة ما يحدث بينها وبين فيغاس فلتدعه يعتقد بصحته وأبتلعت ريقها بصعوبة , وأحنت رأسها بالموافقة , وشعرت براحة يصاحبها الأحساس بالعار وهو يطلق ضحكتين , معبرا عن فهمه , ثم أستدار عائدا الى سريره.
وعندما أختفى في الظلام , شعرت تينا بالتوتر والأرق , قررت أن تتجول حول المعسكر , الى أن تسترد هدوءها ونزلت الى شاطىء النهر وأستندت الى شجرة.
كان النهر رائقا وناعما تحت غلالة من الظلام , تخترقها أشعة الشمس المتلألئة , والموج الرقيق يهمس للشاطئين , وركعت على ركبتيها لتدلي أصابعها في الماء بحثا عن بعض الترويح في مياهه المنعشة الباردة , وفجأة سمعت صوتا يدوي في أذنيها بغضب:
" هل أنت مجنونة ؟هل أنت معتوهة تماما!".
ولدهشتها الشديدة , شعرت به يهزها هزة جعلت أسنانها تصطك , ورأسها يتحرك الى الأمام والى الخلف في مقاومة ضعيفة وكأنها دمية من القماش , كان الهجوم سريعا , وعندما أستطاع أخيرا أن يسيطر على أعصابه لدرجة تسمح له بالكلام , وجه رامون فيغاس اليها الحديث بصوت حاول بكل طاقته أن يسيطر عليه:
" حسنا , دافهي أذا أستطعت , عن جريمتك الخرقاء".
وأفاقت فجأة وتراجعت الى الخلف , وحملقت في وجهه غير واعية بما حدث , كانت نظراتها الخانقة تحدق في وجهه الغاضب الوحشي , وكأنها طفل عوقب لغير سبب , وأرتعدت يداها وهي ترفعهما لتعيد تثبيت المشابك في شعرها , وقالت :
" أنا لا أفهم شيئا ما هو الخطأ الذي ارتكبته؟".
" تتساءلين عن الخطأ الذي أرتكبته؟ هل تقصدين أنك نسيت كل شيء عن البيراناس؟".
" قرأت طبعا وسمعت أيضا عن هذه الأسماك الصغيرة الرهيبة , آكلة لحوم البشر , التي تستطيع أن تحول الرجل الى هيكل في لحظات , وجعلها رد الفعل ترفع يديها الى أعلى أمام عينيها , وكأنها تبحث عن أصابعها لترى ما أذا كانت لا تزال في مكانها.
وقال بضيق وغضب:
" كنت محظوظة يا آنسة دونللي فمن المعروف الرجل أذا وضع يده في هذه المياه , فأنه عادة يخرجها بلا أصابعه , ما الذي جعلك بحق السماء تقدمين على هذا التصرف؟ لو كان في يدك جرح صغير جدا , لأندفعت اليك جماعات الأسماك المتوحشة- وقد جذبتها رائحة الدماء – لتخلص لحمك من عظمك".
وأرتعدت , ومادت الأرض تحت قدميها , وهي تتصور لو أن هذا حدث بالفعل وكان من المستحيل أن تشرح له أنها كانت تحاول نسيان مخاوفها وسط هذا الجمال الذي يحيط بها ,ولم يكن ممكنا أن تقول له أن الأسماك لا تهاجم شخصا ليس فيه أي جرح بدليل هؤلاء الزنوج الذين يسبحون وسطها دون أن يحدث لهم أي ضرر.