غابت المتعة من عينيه وهو يتطلع أليها من فوق , وأذهلها البريق الذي أضاء عينيه , فتوقفت عن محاولة التحرر من قبضته , وزاد خفقان قلبها عندما لمحته يتأمل ثغرها.
وفرك رسغها بأبهامه بينما دفع الشعر عن وجهها بهدوء قبل أن يحتضن عنقها بيده , ثم تعانقا عناقا قصيرا.......
وفيما تقطعت زفراتها , أنفتحت عيناها جزئيا لتنظر أليه بتردد , فألفت عيناه تلتمعان لطفا ومودة رغم القناع الذي غطاهما , وقال رايلي بهدوء:
" ليا , لقد كنا معا في كل ما حدث , وسنرحل معا صباح غد".
وأطرقت وهي تقول :
" أجل!".
ورفع يده عن عنقها بينما مرّر أصبعه بلطف على وجنتها , ولم تدرك ليا أذا كان يقصد بمعانقته أياها أقناعها بالموافقة من دون جدال , ومشى رايلي خطوة ألى الأمام , ومد يده ألى جيب قميصه , فأخرج علبة تبغ سحب منها سيكارتين أشعلهما الواحدة تلو الأخرى ,وأعطى لليا واحدة وهو يقول مبتسما :
" لندخن أحتفالا بالسلام كالهنود".
بادلته ليا الأأبتسام وهي تهز رأسها بسخرية متمنية لو تشعر مثله بالهدوء بعد العناق .
كانت يدها لا تزال ترتعش أرتعاشة بسيطة كشفت عن أضطرابها عندما أعطاها السيكارة .وأرتاحت لقرار رحيلهما في صباح اليوم التالي أذ خشيت الوقوع في التجربة أذا أستمرا في العيش بضعة أيام أخرى في المخيّم , وأذا تعانقا مرات أخرى , ولا شك أن أن تعب الرحلة سيضعف أحساسها بوجود رفيق مكتمل الرجولة.
أرتفعت بينهما سحابة رقيقة من دخان سيكارة رايلي الذي قال :
" عندما ننتهي من التدخين يمكن أن تتابعي تهيئة العشاء فيما أنظم الأمتعة التي سنأخذها معنا صباح غد".
حفلت ساعات النهار الباقية بالنشاط , ولم يكد القمر غير المكتمل يظهر , حتى أعلن رايلي ضرورة ذهابهما ألى الفراش باكرا أستعدادا للرحلة الطويلة أمامهما.
وعندما أستلقيا , أستغربت ليا عدم مداعبة رايلي لها كما توقعت , وتساءلت أي نوع من الرجال هو , فهو لم يعانقها سوى مرة في ثلاثة أيام رغم جاذبيتها .
ومع أنها لم تعاشر رجالا أشرارا , فأن أيا من أصدقائها كان سينتهز الفرصة , خصوصا أن مثل هذه الظروف تسهّل عليه تحقيق رغبته , أما رايلي , فظل هادئا برغم عزلتهما في الصحراء الجبلية.
لم يتحفظ رايلي في مراودتها عن نفسها بسبب قلة خبرته , فالطريقة التي عانقها بها تدحض هذا الرأي , وهي تذكر أنها لمحت أعجابا في عينيه عندما ألتقيا في قاعة الأنتظار في شركة الطيران , وأن تجاوبها مع رغبته في العناق أظهر أهتمامها به , أذن , لماذا لم يلب رغبتها؟منتديات ليلاس
تنهدت ليا وهي تلقي ذراعها الجريحة على صدره , وشعرت بسخافتها أذ كان عليها أن تفرح لأنها لا تصد مداعباته المتتالية عوض التمني بأن يداعبها ولو مرة.
وأمرت ليا نفسها بالخلود ألى الراحة , فأغمضت جفنيها وسرعان ما غلبها النعاس نظرا ألى تقطّع نومها في الليلة الماضية , وأحست بأصابع قوية تزيح الشعر عن جانبي رأسها , وسمعت رايلي يهتف بأصرار:
" قومي , لقد حان الوقت".
رفع رايلي الغطاء عنهما , فأرتجفت ليا من البرد القارس , وأقتربت من كتف رايلي طلبا للدفء فضغطت الأصابع نفسها على ذقنها , وقال رايلي ممازحا:
" قلت أن الوقت حان للنهوض".
وتأوهت معترضة فيما نظرت أهدابها ألى العالم الخارجي حيث ساد الصمت الذي قطعه صوت النار , وشاهدت ألوف النجوم تشع بوهج عظيم في حلكة الليل , فقالت متظلمة :
"ما زال الليل مخيما ".
فطوق رايلي خصرها بذراعه ورفعها فيما حاولت الجلوس , وقال:
" هيا , فأن الصباح سيطلع قريبا".
وأطلقت ليا أعتراضها وهي تتثاءب:
" هل تريدنا حقا أن ننهض في هذه الساعة؟".
وأمرها رايلي وهو يرفعها عن الفراش:
" أوشك أن يطلع الصباح , وعليك أن تغلي الماء حتى نتناول وجبة الشوفان السريعة الباقية".
وتمتمت :
" من يشعر بالجوع ".
" أذا لم تتناولي شيئا الآن , فأنك ستشعرين بالجوع عندما نهبط الجبل".
وأقرّت ليا في سرها أنه كان مصيبا , لكنها لم ترغب في الطعام أنما في بضع ساعات أخرى من النوم , ورغم ذلك أمسكت القنينة وصبت بعض الماء في القدر المعدني , وثبتتها على الصخور قرب النار لتغلي.
وشق الأجواء صوت عواء ثعلب بعيد , وشدّت الصيحة الغريبة نظر ليا , التي دنت من النار ألتماسا للدفء , ألى الأرض , ورأت القمر قد غمر القفر بأشعته الفضية .