وأستيقظت ليا من نومها المتقطع لتكتشف أن الصبح قد أنبلج , فتذمرت من قلة نومها المريح , ووضعت رأسها على ذراع رايلي لتتطلع بأشمئزاز ألى السماء الزرقاء المتألقة نورا , ونبضت ذراعها اليسرى بألم شديد , فأستدارت نحوه محاولة أ تضع ذراعها في وضع أكثر راحة وأقل أيلاما.
ولما أنقلبت ألى جنبها , ركزت نظراتها على وجهه , وأنتابها شعور بالكراهية للطريقة الهادئة التي ينام بها , وشعرت برغبة في أيقاظه وحرمانه لذة النوم التي لم تتمتع بها , وبينما فكرت جديا في تنفيذ رغبتها , أنفتحت أهدابه الكثيفة جزئيا , وقال بصوت نشيط وهادىء أثار أشمئزاز ليا:
" صباح الخير ".
ألتمع الغضب في عينيها , وقالت وهي تشد طرف البطانية لتخلصها من قبضته:
" هل هو صباح خير فعلا؟ أنني لا أجد فيه أي علامة على الخير".منتديات ليلاس
ولما أرخى قبضته , رمت بالبطانية جانبا وأندفعت واقفة بأرتباك , ووقف بجانبها بهدوء وسهولة لم يظهر معها أي أثر لوجع أو ألم في عضلاته أو مفاصله , وقال مازحا:
" أرى أنك لم تنامي جيدا".
تمتمت متهكمة:
"أن قولك لا يعبر عن الحقيقة , ولكنك , في أي حال , نمت نوما عميقا يكفي لأراحتنا نحن الأثنين".
أجاب مبتسما:
" لا أظن ذلك , فقد أحسست شيئا يتذبذب في فراشي طوال الليل".
فحدقت أليه رافعة شعرها الكستنائي المجعد عن وجهها , وبدت مستاءة تصب جام غضبها , ولم تتمالك نفسها رغم أدراكها بأنها أجحفت في حقه , وأجابت:
" من حسن حظك أن ذلك الشيء لم يعضك".
ثم ربضت بجانب حقيبتها تنقب فيها عن بلوزة نظيفة تبدل بها بلوزتها المتجعدة , وأقسمت في سرها أن ترميه بأي شيء أذا ضحك علانية من جوابها الفظ.
لم يعلق رايلي على الموضوع أذ أحس بأن صبرها كاد ينفد ,وقال :
" هل يمكن أن نغلي بعض الماء كي أحلق ذقني؟".
غلبت لهجته الآمرة على كلامه ,وجاء رد فعل ليا أزاء لهجته متسرعا أذ قالت:
" أغل ماءك بنفسك".
ثم لامت سوء تصرفها أتجاهه لأنه ليس مسؤولا عن عدم نومها , وألتقت نظراتها المليئة بالندم بنظراته الحادة اللائمة , فتمتمت :
" لا بأس , سأفعل".
ولم تستطع أن تكبت أنفعالها أذ أضافت:
" فهذا في أي حال عمل الزوجة , أليس كذلك؟".
وأوحت لها قسمات وجهه بأنها تستفزه أذ سأل :
" هل تحاولين الدخول في شجار؟".
تنهدت ليا بغيظ :
" كلا".
وأستدار في مكانه , ثم سار نحو الأجمة وهو يقول:
"سنا تفعلين".
أنتزعت بضع جمرات بعد أن أضافت مزيدا من الحطب ألى النار , ووضعت قدر الماء على أربع صخور صغيرة فوق الجمرات المتفرقة , وبعد أن أنهت عملها , خلعت بلوزتها وهي تشعر بألم شديد ومحرق في ذراعها اليسرى , وأدخلتها بعناية في كم البلوزة الصفراء , النظيفة ,وكانت تزرر آخر زر عندما رجع رايلي , فألقت نظرة على القدر , فوجدت الماء يغلي , وقالت ببرودة:
" لقد غلا ماؤك".
رد بالبروج نفسها:
"أشكرك".
ورفع القدر عن النار وهو يمسكها بمنديل أخرجه من حقيبته , ثم توقف ليسألها :
" هل ترغبين في أن تغتسلي أولا؟".
هزت ليا رأسها سلبا , ثم فتحت حقيبة زينتها وأخرجت قارورة تحوي مسحوقا منظفا للوجه لتنظف به وجهها , وأستقرأت المرآة الملصقة على غطاء الحقيبة على زاوية ملائمة بحيث تمكنت ليا من مشاهدة طيفها وطيف رايلي معا.
كان مشهد رجل يحلق ذقنه مثيرا للفضول , فقد قبضت أصابع لوحتها الشمس على الموسى التي أخترق نصلها رغوة الصابون وقطع شعر الذقن ,ومع كل ضربة نصل ظهر مزيد من الجلد الأسمر تحت سالفيه ألى أن تغيرت ملامحه المغرية , وفيما غسل الصابون علن وجهه قالت ليا:
" أعتقد أن الهنود لم يكونوا يحلقون ذقونهم".
رد رايلي بنبرة جفاء وعدم أكتراث وهو يجفف الموسى ويضعها في حقيبته:
" لم يكونوا يحلقون فعلا أذ كانوا ينزعون شعور وجوههم".
فصاحت ليا من األألم لدى سماع كلامه , وأـضاف باللهجة نفسها :
" هل تؤلمك ذراعك اليوم؟".منتديات ليلاس
ردت وهي تهز أحدى كتفيها متحاشية أيذاء جرحها المحرق في الذراع الأخرى:
" قليلا".
فتقدم منها قائلا:
" دعيني أفحصها ".
رفضت ليا أقتراحه فورا بسبب جفائه ونتيجة غضبها من قلة النوم:
" لا داعي لأن آلامها تدل أنها ستبرأ".
وتردد رايلي قليلا وهو يفكر:
" في أي حال , لم يبق لدينا كثير من الضمادات في الصندوق ,ولذلك أفضل أن تغيري كل يومين أذا كان جرحك لا يؤلمك كثيرا".
فكررت عبارتها:
" لقد قلت أنها آلام الشفاء".
وقبل تعليلها بأبتسامة خفيفة :
" حسنا , أنني ذاهب لأجمع بعض الحطب , كلي حتى أعود".
" لست جائعة ".
أجابها بصامة:
" سيجعلك الطعام تشعرين بالتحسن".