وأختنق صوتها من فرط السعادة وهي تنادي شقيقها , فصرخت ثانية:
" لوني".
وتقدمت منه خطوة , ورأت خلفه عن بعيد والدها وقد أرتدى بزة السلاح الجوي الزرقاء ويجلس بجانب والدتها , ثم طوقت خصرها يدا لوني الذي رفعها معانقا , وقبل أن يتأكد من صحة ما يرى خبأ رأسه في شعرها الذي لونته الشمس وهو يردد:
" أنك ما زلت بخير , أنك ما زلت بخير , أليس كذلك؟".
أجابت ليا مبتهجة :
" أجل , أجل, أنني بخير".
وأخيرا أوقفها على الأرض ليحدق أليها , وأمتلأت عيناه البنيتان بالدموع كالنساء , وقال بلهجة عززت الرباط المتين بينهما :
"أيتها الطفلة الحمقاء , ما الذي فعلته؟".
أنفجرت باكية :
" كنت قادمة لأفاجئك في عيد ميلادك".
" ليا يا حبيبتي".
ولدى سماع لوني صوت أمه , التي بكت من شدة فرحها , أرخى قبضته عن شقيقته لتتمكن من رؤية والديهما .
وما لبثت والدتها أن ضمتها , فطوقت ليا والدتها بذراعيها وهي تشعر بالفرح والطمأنينة يغمرانها , وكررت أمها هامسة :
" يا حبيبتي , يا حبيبتي , قلقنا عليك كثيرا حتى حسبوك في عداد الموتى , كنا.......".
" أنا بخير يا أماه".
منتديات ليلاس
وأفلتت ليا أحدى يديها لتلف خصر والدها الذي أنتصب بجانبها وهو لا يستطيع التعبير عن سعادته ونشوته ,ومرغت وجهها بأزرار بزته فيما راح يربت شعرها بيده:
" لقد خفنا عليك كثيرا يا بنيتي".
همست ليا:
" أعرف يا أبي".
ردّت رأسها ألى الوراء لتنظر وجهه , فلمحت في عينيه أشراقة حب عظيم لم يسبق التعبير عن بالكلام , وبعد أن مسحت والدة ليا الدموع من عينيها , حاولت أن تمسح دموع أبنتها.
" يا ألهي , كيف أصبحت؟ أكاد أقول أن هذا طيفك يا ليا , فثيابك ممزقة ولا بد أن وزنك قد نقص بضعة كيلوغرامات , وأنت تبدين سمراء كالهنود ".
أبتعدت ليا عن والديها لتنظر خلفها بجنون , لم تجد رايلي قرب السيارة حيث تركته , فتملكها الخوف , ثم لمحته على مقربة من مدخل البناية , ولحقت به بعد أن تحررت من عناق والديها متجاهلة أرتباكهما.
" رايلي".
وأسرعت نحوه وهي تنادي ثانية:
" رايلي".
ولاحظت أنقباض عضلات كتفيه وهو يتردد ثم يقف, وأستدار في مكانه مرغما وقد بدت عليه علامات الأنزعاج , وأدركت رغبته بأن يتسلل بدون أن يلاحظه أحد فيما أجتمع شمل الأسرة , وصاحت :
" لا تتركني يا رايلي .....".
وحاولت أن تخفي كبرياءها :
" أود أن تتعرف على أسرتي".
أجتاز رايلي المسافة التي تفصله عنهم بخطوات عريضة تنم رغبة شديدة في أنهاء هذا الوضع , لا بد أن ملامح هذا التمثال الجامد قد قدّت من صوان , وأن عينيه لا تعكسان أحاسيس البشر , لقد بدا نبيلا ومتعجرفا وخاليا من الشعور , وخشيتليا أن تصير حجرا مثله أن هي لمسته , فعرّفته بأسرتها سريعا , فيما تجمد قلبها أمام بسمته المهذبة ومجاملته الجافة , وقالت بتشنج:
" هذا هو رايلي سميث الذي تقاسمت معه أجرة الطائرة".
وأضافت بأرتباك وعصبية:
" لولاه لما كنت هنا".
ثم تبادلوا معه بضع مجاملات قبل أن يتراجع معتذرا :
" تشرفت بمعرفتكم جميعا , ولكن . أرجو أن تعذروني لأن لدي عملا أنجزه , خصوصا أنكم ترغبون بالأنفراد بأبنتكم".