لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > سلاسل روايات مصرية للجيب > السلاسل الأخرى
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

السلاسل الأخرى السلاسل الأخرى


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 30-08-10, 08:01 AM   المشاركة رقم: 11
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو راقي


البيانات
التسجيل: Mar 2008
العضوية: 66537
المشاركات: 740
الجنس ذكر
معدل التقييم: amedo_dolaviga عضو على طريق التحسين
نقاط التقييم: 53

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
amedo_dolaviga غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : amedo_dolaviga المنتدى : السلاسل الأخرى
افتراضي

 





الهيئة التي أراها أمامي ليست فضائية (رسوم: فواز)




لما يقرب من دقيقة كاملة، ران على تلك القاعة صمت رهيب، على الأقل في ذلك الجزء منها، و (جو) مع رجل الأمن يحدّقان في وجه (تروتسكي)، الذي لم يبد أقل منهما صدمة وذهولاً، ثم لم يلبث رجل الأمن أن اخترق هذه الصورة الصامتة، وهو يهتف في انزعاج:

- هو ليس فضائياً إذن؟!...

التفت الثلاثة مع قوله إلى (موجال)، الذي تراجع في توتر، وراح ينقل بصره بين ثلاثتهم في عصبية، والروسي يجيب في انفعال:
- الهيئة التي أراها أمامي ليست فضائية... ولكنها ليست أرضية أيضاً... إنه يبدو أشبه بـ... بـ...

اندفع (جو) يكمل عبارته:
- بالإنسان القديم.

استدار إليه (تروتسكي)، وهتف في حماس، مشيراً بسبَّابته:
- بالضبط.

ثم راح يحرك ذراعيه كلهما في انفعال جارف، وهو يكمل:
- إنه أشبه بما يطلق عليه الجيولوجيون اسم (إنسان نايندرثال) وهو أول مخلوق يمشي على قدميه، تمّ العثور على بقاياه، بعد انقراض الديناصورات.

انعقد حاجبا (جو)، وهو يقول، في لهجة شبه حادة:
- التشابه لا يعني أنه ليس فضائياً.

أجابه (تروتسكي) بنفس الانفعال:
- هذا صحيح... ذلك الرداء الذي يرتديه لا يشبه أردية أرضية معروفة... إنه يبدو لي معدنياً؛ ولكنه يتحرك على جسده في مرونة شديدة... أخبرني: هل يحوى أية أسلحة، أو وسائل اتصال متطورة؟!..

انعقد حاجبا رجل الأمن في توتر، والتفت إلى (موجال) بحركة حادة، وحدّق في زيّه اللامع في عصبية، وهو يتساءل:
- أهذا ممكن؟!

أجابه الروسي في سرعة وانفعال:
- ولم لا؟!..

ازداد انعقاد حاجبي رجل الأمن، والتقط جهاز اتصاله في عصبية بالغة، وهو يقول عبره في صرامة:
- كود (ج)

مع قوله، أو بعد ثوان قليلة منه، انبعث غاز من فتحات خاصة، داخل القفص الزجاجي، فانتفض (موجال) في شدة، وتلفّت حوله في ذعر، ثم اندفع نحو الحاجز الزجاجي، وراح يضربه بكفيه في انفعال، وهو يهتف بكلمات واضحة الانزعاج، موجهاً حديثه إلى (جو) مباشرة؛ فاندفع هذا الأخير نحو أجهزته، وهو يهتف برجل الأمن:
- ماذا فعلتم به؟!..

أجابه الرجل في صرامة:
- مجرَّد إجراء وقائي.

ألقى (جو) نظرة عصبية على شاشات الأجهزة، ثم هتف في غضب:
- أهو غاز قاتل؟!

أجابه الرجل بنفس الصرامة:
- بل غاز مخدر... لابد من فحص ذلك الزي، بواسطة خبرائنا.

قال الروسي في حماس:
- إجراء سليم.

رمقه (جو) بنظرة غاضبة، وهو يهتف في مرارة:
- ولماذا لم تطلب منه نزعه فحسب؟!..

أجابه رجل الأمن في حزم صارم:
- وماذا لو استخدم أسلحته عندئذ؟!

التفت إليه (جو) غاضباً:
- أية أسلحة؟!... لو أنه يمتلك أسلحة؛ فلم لم يستخدمها؛ حتى هذه اللحظة، على الرغم من كل ما واجهه؟!

أجابه الروسي في حسم:
- لا يمكنك المخاطرة.

هتف (جو) محتداً:
- وإفقاده الوعي.... أليس مخاطرة؟!... هل نعلم تأثير هذا الغاز على أجهزته الحيوية؟!... هل سيثق في تعاونه معنا بعدها؟!... فليجب أكثركما عبقرية... هل سيفعل؟!..

تبادل الرجلان نظرة متوترة، وغمغم:
- لست أعتقد أن...

قاطعه رجل الأمن في صرامة شديدة:
- كما سمعت من قبل... لا يمكننا المخاطرة... سيتم تجريده من هذا الزي؛ ليتم فحصه بمنتهى الدقة، وبعدها سيعود رهن إشارتك؛ ولكن في زي أرضي آمن.

قال (جو) في مقت:
- هل تعتقد هذا؟!

ولم يجب رجل الأمن...
بل لم يجب أيهما...
ولا حتى بحرف واحد...


لا تحدثني كل مرة عن حرب (كيبور) هذه




لم ينطق الرئيس الأمريكي بحرف واحد، وهو يستمع إلى خبراء المخابرات الأمريكية، الذين يشرحون وجهة نظرهم، بشأن الخدعة المصرية، ويحاولون طرح كافة الأدلة عليها...

وعندما انتهى الشرح، ساد المكان صمت طويل، بدا خلاله الرئيس الأمريكي شديد الاستغراق في التفكير، والكل يتطلَّع إليه؛ حتى تنحنح مدير المخابرات وسأله في خفوت:

- والآن ماذا يا سيادة الرئيس؟!

بدا الرئيس الأمريكي وكأنه يستيقظ من حلم ما، وهو يرفع عينيه إليه، متسائلاً:

- ماذا تقترح أنت؟!

أجابه مدير المخابرات في حماس:
- سننتظر عودة رجالنا، ثم...

قاطعه الرئيس الأمريكي في حزم صارم:
- ثم ماذا؟!

صدمت لهجته مدير مخابراته، فانخفض صوته مرة أخرى، وقال:
- نضرب ضربتنا.

بدا الرئيس الأمريكي شديد العصبية، وهو يقول:
- أية ضربة؟!

بدا لحظة وكأنه سيكتفي بالعبارة؛ إلا أنه انتفض بعدها في غضب، وهبَّ من مقعده، وهو يقول في حدة:

- ما أخبرتموني به لم يتعدّ استنتاجات محضة، ممتزجة بغضب شخصي من انتصار المصريين في الجولة الأولى؛ ولكن القليل مما عرفته وخبرته، عن نظم الأمن الرياسية، في فترة رئاستي، جعلني اندهش من تصوّركم أن المصريين يمكن أن يجازفوا بكشف أخطر أسرارهم الأمنية، فقط من أجل خدعة.

قال مدير مخابراته، محاولاً تهدئته:
- ليست مجرد خدعة، إنها سيطرة على تكنولوجيا حديثة.

صاح الرئيس الأمريكي في غضب:

- وكيف سيمكنهم الإفادة منها، حتى لو بذلوا كل حياتهم، من أجل الاحتفاظ بها؟!... أليست تقاريركم نفسها هي التي أكّدت، منذ شهور قليلة، أن العرب سيعجزون عن استخدام التكنولوجيا، حتى لو توافرت لديهم؛ بسبب غياب القاعدة العلمية في عالمهم، وابتعادهم عن المنطق العلمي في التفكير؟!...

ألم تذكر لي أنت شخصياً، يا مدير المخابرات، أنك تعلم أن المصريين قد حصلوا على ثلاث قنابل ذرية، من الاتحاد السوفيتي المنهار؛ ولكنك لا تخشى شيئاً منها؛ لأنهم لا يمتلكون وسيلة لإطلاقها؟!...

ألم يكن مصدر ثقتك هذه، كما أخبرتني، أنهم انفعاليون، يفتقرون إلى الفكر العلمي المنظّم؟!... كيف تعود فتخبرني بعدها أنهم قد خدعونا بأكثر خدع التاريخ مهارة؟!... كيف؟!

أجابه مدير مخابراته في توتر:

- لا تنسَ يا سيادة الرئيس، أن الخدعة التي استخدموها، في حرب (كيبور) كانت..

قاطعه الرئيس الأمريكي في غضب:
- لا تحدثني كل مرة عن حرب (كيبور) هذه؛ فحديثك عنها يذكرني دوماً بأنك تنتمي إلى قومك، بأكثر مما تنتمي إلينا...

احتقن وجه مدير المخابرات في شدة، وهو يقول:
- سيدي الرئيس... ربما كنت يهودي الديانة، ولكنني أمريكي الجنسية، وانتمائي دوماً لوطني.

مال الرئيس الأمريكي نحوه، وهو يقول في صرامة قاسية:
- أي وطن منهما؟!

ازداد احتقان وجه مدير المخابرات الأمريكية، وانطبقت شفتاه في توتر شديد، في نفس اللحظة التي ارتفع فيها رنين هاتف الرئيس الأمريكي المؤمَّن؛ فالتقطه قائلاً، ولم تفارقه لهجته الصارمة بعد:
- ما الجديد؟

انعقد حاجباه في شدة، وهو يستمع إلى محدِّثه، وانقلبت ملامحه على نحو عجيب، يوحي بأن ما يسمعه أمر خطير...
وربما لأقصى حد.
**********************





لدى حكومتي مطلب خاص يا سيادة الرئيس (رسوم: فواز)




لم يشعر الرئيس المصري بالارتياح على الإطلاق، وهو يستقبل السفير الأمريكي في مكتبه مرة أخرى، ولقد بدا هذا واضحاً، في صوته ولهجته وأسلوبه، وهو يقول في جفاف شديد الوضوح:
- ماذا هناك هذه المرة؟!

بدا السفير واثقاً إلى حد الغرور، وهو يقول:
- لدى حكومتي مطلب خاص يا سيادة الرئيس.

ثم مال نحو الرئيس، مضيفاً بلهجة لا تثير أدنى قدر من الارتياح:
- لتأكيد الصداقة بين حكومتينا.

أجابه الرئيس في صرامة:
- الصداقة التي دفعتكم لمهاجمة بلدنا؟!

اعتدل السفير بحركة حادة، وقال في سرعة:
- الصداقة التي ستعود أقوى مما كانت، يا فخامة الرئيس.

صمت الرئيس بضع لحظات، وتأمله خلالها في صرامة واضحة، قبل أن يقول:
- وما مطلب حكومتك بالضبط؟!..

التقط السفير نفساً عميقاً، قبل أن يجيب في حزم:
- قطعة.

تبادل الرئيس المصري نظرة مع مدير مخابراته، قبل أن يسأل هذا الأخير، وهو يعرف الجواب مسبقاً:
- قطعة من ماذا؟!

أجاب السفير في سرعة، وكأنه كان ينتظر السؤال بالفعل:
- قطعة من مركبة الفضاء التي نسفتموها.

عاد الرئيس ومدير مخابراته يتبادلان النظر، وإن حملت نظراتهما معنى شديد الاختلاف هذه المرة، قبل أن يقول الرئيس في صرامة شديدة:
- أي مطلب هذا؟!

أجابه السفير، بالسرعة نفسها:
- مطلب علمي يا فخامة الرئيس...

والتقط نفساً عميقاً؛ للسيطرة على انفعاله، قبل أن يتابع في رصانة، بذل جهداً كبيراً لتصنّعها:

- تلك المركبة قادمة من الفضاء السحيق على الأرجح؛ وهذا يعني رحلة فضائية طويلة، وطاقة لا حصر لها، ومن أجل القيام برحلة كهذه، لابد من صنع مركبة فضائية، تجمع بين أمرين أساسيين...

متانة هيكلها، وخفة وزنه، وهذا حتماً يحتاج: إما إلى سبيكة معدنية من نوع خاص جداً، أو معدن غير معروف على الأرض، وكلاهما أمر يمكن أن يصنع فارقاً كبيراً، في صناعة الطائرات والصواريخ.
صمت الرئيس لحظات، ثم مال نحوه، متسائلاً في حزم:
- لو أن هذا صحيح؛ فلماذا نسلّمكم قطعة من المركبة؟!

بدا السفير وقحاً إلى حد ما، وهو يجيب:
- لأننا الدولة التي تمنحكم طائراتكم، يا فخامة الرئيس.

انعقد حاجبا مدير المخابرات في غضب، في حين قال الرئيس في صرامة:
- تقصد تبيعوننا إياها.

اعتدل السفير في حركة حادة، مجيباً:
- لا يوجد فارق كبير يا فخامة الرئيس... أنتم تحصلون على طائراتكم منا في كل الأحوال.

قال الرئيس في صرامة أكثر:
- وكذلك الإسرائيليون.

انعقد حاجبا السفير، وهو يقول في عصبية:
- ماذا تعني بالضبط يا فخامة الرئيس؟!

مال الرئيس نحوه هذه المرة، وبدا شديد الحزم والصرامة، وهو يقول:

- أعني أنكم المصدر الوحيد لطائرات الطرفين حتى هذه اللحظة؛ ولكن الأمر المدهش أنكم شديدو الحرص على أن يسبقنا الإسرائيليون دوماً بخطوة أو خطوتين، في مقياس التسلّح، وكأنكم تحرصون على تفوّقهم عسكرياً طوال الوقت.

اندفع مدير المخابرات، يقول في صرامة مماثلة:
- ولعلكم لاحظتم، في هجومهم الأخير هذا، أن قوة السلاح ليست المقياس الوحيد للتفوق العسكري؛ فالرجال خلف السلاح هم المعيار الحقيقي.

ثم انتبه إلى اندفاعه؛ فتراجع مغمغماً:
- معذرة يا فخامة الرئيس.


إنه أشبه بإعلان الحرب على الولايات المتحدة الأمريكية




- ابتسم الرئيس، وأشار بيده، قائلاً:
لا عليك... إنهم يعلمون... حروبنا معهم جعلتهم يدركون هذا، منذ زمن طويل

وهزَّ كتفيه، وهو يشير بيده مرة أخرى، مضيفاً:
- ولعل هذا ما يخيفهم منا.

بدا السفير الأمريكي عصبياً، وهو يقول:
- مازلت عاجزاً عن فهم ما ترمون إليه، يا فخامة الرئيس.

اعتدل الرئيس في مقعده، وقال في صرامة:
- باختصار... أية دولة في العالم مستعدة لمنحنا كل ما نبتغيه من سلاح وطائرات، مقابل تلك القطعة التي تطالبون بها..

احتقن وجه السفير، وهو يقول في حدة:
- أتعلم ما يعنيه أن تفعلوا هذا، يا فخامة الرئيس؟!

أجابه الرئيس بنفس الصرامة:
- بكل تأكيد.

هتف في حدة أكثر:
- إنه أشبه بإعلان الحرب على الولايات المتحدة الأمريكية.

ضرب الرئيس المصري سطح مكتبه براحته في قوة، وهو يقول في غضب:
- أهذا تهديد رسمي أيها السفير؟!


تراجع السفير في سرعة، وهو يقول في توتر:
- بل تحذير غير رسمي فحسب يا فخامة الرئيس.... ولكنني أؤكد لفخامتكم، أن كل حرف قيل هنا، سيتم نقله إلى الرئيس الأمريكي، خلال دقائق قليلة، من مغادرتي مكتب فخامتكم.

أجابه الرئيس في صرامة:
- سأنتظر رد فعله.

وصمت لحظة، وكأنه سيكتفي بالقول؛ إلا أنه أضاف، في صرامة أكثر:
- وأخبِره أن التكنولوجيا، التي تتباهون بها، قد أوجدت وسائل عديدة للاتصال المباشر، وأنني لن أقبل بالاتصال عبر السفراء، في شأن شديد الحيوية والأهمية كهذا.

تمتم السفير، في عصبية واضحة:
- سأفعل...

وعندما غادر مكتب الرئيس، كان وجهه شديد الاحتقان...
إلى أقصى حد...

"إنك لم تتحدث، منذ ما يقرب من الساعة..."

نطقها الروسي في هدوء بارد، وهو يبتسم ابتسامة أكثر بروداً؛ فالتفت إليه (جو) في غضب، قائلاً:
- وماذا تنشد من حديثي؟!

هزَّ (تروتسكي) كتفيه، وقال:
- أن نتشاور علمياً على الأقل.

قال (جو) في غضب:
- علمياً أم أمنياً..

واصل الروسي ابتسامته الباردة، وهو يقول:
- في حالتنا هذه، لا يوجد فارق كبير.

هتف (جو) في حدة:
- من وجهة نظر من؟!

صمت الروسي بضع لحظات، قبل أن يميل نحوه، قائلاً في جدّية:
- اسمع أيها المصري... من الواضح أنك قد قضيت عمرك كله في حياة مدنية خالصة، لم تواجه فيها من المخاطر؛ إلا ما يهدد أمنك الشخصي فحسب، أما أنا؛ فقد نشأت في الاتحاد السوفيتي، قبل انهيار الشيوعية، وتحوَّلنا إلى تابع غير صريح لأمريكا، ومنذ حداثتي، تعاملت مع مشكلات أمنية عديدة...

حتى عندما اتجهت للعلم، كنا نتعامل معه كأمر أمني بحت؛ لأننا كنا دوماً في صراع معلومات لا ينتهي، مع أمريكا، التي كانوا يصفونها لنا باعتبارها رمزاً للإمبريالية العالمية.

سأله (جو) في عصبية:
- وما علاقة كل هذا بما نحن بصدده.

أجابه، في شيء من الصرامة تجاوز بروده التقليدي:
- علاقته أنك عاجز عن رؤية الموقف على نحو كامل أو متكامل؛ على الرغم مما يحدث حولك؛ فحتى هذه اللحظة، مازلت تتعامل مع الموقف، باعتباره أمراً علمياً محضاً.

سأله (جو) بنفس العصبية:
- أوليس كذلك؟!

تراجع الروسي في بطء، وهو يهز رأسه نفياً، قائلاً:
- لا... ليس كذلك.

ثم استطرد في حزم:
- ذلك الكائن، صار سلاحاً تكنولوجياً، يتنافس الجميع للفوز به، وهذا يعني أنه لم يعد مجرَّد لغز علميّ فحسب؛ بل مشكلة أمنية، ينبغي التعامل معها بمنتهى الحذر.

قال (جو) في غضب:
- وهل سيحلّ تخديره المشكلة؟!


هزَّ (تروتسكي) كتفيه، وأجاب:
ربما لا؛ ولكنه سيوضح بعض الأمور فحسب.


" هذا صحيح..."

لم ينطق أيهما العبارة، وإنما جاءت على لسان رجل الأمن، الذي دخل إلى المكان، وملامحه توحي بخطورة وأهمية ما أتى من أجله؛ فالتفت إليه كلاهما، وسأله الروسي في لهفة:

- هل من جديد؟!

لوَّح رجل الأمن بملفّ في يده، وهو يقول في حزم متوتر:
- بل هناك مفاجأة... مفاجأة لن تتوقعاها أبداً... أبداً...
والواقع أنه كان على حق..
فالمفاجأة غير متوقعة...
مطلقاً.

 
 

 

عرض البوم صور amedo_dolaviga   رد مع اقتباس
قديم 30-08-10, 08:04 AM   المشاركة رقم: 12
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو راقي


البيانات
التسجيل: Mar 2008
العضوية: 66537
المشاركات: 740
الجنس ذكر
معدل التقييم: amedo_dolaviga عضو على طريق التحسين
نقاط التقييم: 53

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
amedo_dolaviga غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : amedo_dolaviga المنتدى : السلاسل الأخرى
افتراضي

 


هذا الوغد كان يجمع المعلومات عنا طوال الوقت (رسوم: فواز)




لأكثر من خمس دقائق كاملة، لم يستطع (جو)، أو (تروتسكي) النطق بكلمة واحدة، بعد أنهى رجل الأمن قراءة التقرير، الذي أصدره الخبراء، ثم لم يلبث الأوَّل أن هزَّ رأسه في توتر شديد، وكأنما يحاول أن ينفض عنه ما سمعه منذ لحظات، وقال في شيء من العصبية:

- هل يمكنك أن تعيد ما قلته مرة أخرى؟!...

أزاح رجل الأمن التقرير جانباً، وهو يقول في حزم:


- الأمر واضح، إلى الحد الذي تعجزان معه عن استيعابه... ذلك الزي، الذي كان يرتديه الكائن، يحوي بالفعل أكثر بكثير مما أمكننا أن نكشفه في المرة الأولى...


إنه ليس مجرَّد زي فضائي، يمده بالهواء والغذاء، ويضبط معدلات الضغط وقياساته الحيوية...

إنه يحوى أيضاً شبكة من وسائل الاتصال؛ موزّعة عبر نسيجه غير التقليدي، والذي تم تصنيعه على نحو يصعب حتى أن تتوصَّل إليه أرقى تكنولوجيا، قبل ثلاثين عاماً من العمل الدءوب على الأقل، ثم إنه يقوم بتخزين كل هذا داخل ما يشبه قرص التخزين المعروف لدينا؛ ولكنه رخو ونسيجي؛ بحيث يكون جزءاً من الزي نفسه.

ثم هزَّ رأسه في غضب، مستطرداً:

- هذا الوغد كان يجمع المعلومات عنا طوال الوقت.

همَّ الروسي بقول شيء ما؛ ولكن (جو) اندفع يقول في حدة:

- ليس بالضرورة.

التفت إليه رجل الأمن في غضب شديد، وكاد ينفجر في وجهه، بمحاضرة طويلة قاسية، عن خطأ النظر إلى كل الأمور، من منطلق حسن النوايا، وعن ضرورة وضع الأمن فوق كل اعتبار، و....

ولكن الروسي أجهض المحاضرة قبل أن تبدأ، وهو يقول في صرامة:

- وأنا أتفق معك تماماً.

التفت إليه رجل الأمن في دهشة مستنكرة؛ فأضاف بنفس الصرامة:


- لو أنك رائد فضاء، وتنطلق في مهمة كونية طويلة؛ فمن الطبيعي أن يحوي زيك أو مركبتك وسيلة لتسجيل كلّ ما تمرّ به، وحفظ كل لمحة، يمكن دراستها وتحليلها، والإفادة منها بعد عودته إلى كوكبه الأم.

اندفع (جو) يكمل في انفعال:

- ثم إننا لو افترضنا أنه يرتدي هذا الزي للتجسس علينا؛ فهذا سيعني أن سقوطه في قبضتنا كان متعمداً، حتى يمكنه القيام بمهمته.

بدا رجل الأمن شديد الصرامة والقسوة، وهو يجيب:

- ولا يمكننا استبعاد هذا الاحتمال أيضاً.

تبادل (جو) و(تروتسكي) نظرة مستنكرة، قبل أن يقول (جو) في غضب واضح:

- اسمع يا هذا... أنا كنت طيلة عمري، أكثر تزمتاً منك، في هذه الأمور، ولم أكن أؤمن، ولو لحظة واحدة، باحتمال وجود أية مخلوقات عاقلة غيرنا في الكون، وكنت أستنكر بشدة أية محاولة لإقناعي بالعكس... حتى أفلام الخيال العلمي، التي أشارت إلى هذا، كنت أراها مجرد أفلام هزلية سخيفة؛ ولكن ها أنا ذا أقف في مواجهة كائن من عالم آخر، كائن ذكي، أكثر تطوراً وتقدماً منا، من الناحية التكنولوجية على الأقل، وهذا يعني صدمة عنيفة، لكل ما آمنت به طيلة عمري، ربما لأنني أدركت أنني أمام أعظم كشف علمي، منذ بدء الخليقة، وكان هذا يحتّم علىَّ، أن أطرح أفكاري القديمة جانباً، وأن أتعامل مع الأمور بفكر جديد، وروح جديدة.

هزَّ رجل الأمن رأسه في عناد، قائلاً بنفس الصرامة:

- هذا يتعارض تماماً مع الأمن، والفكر الأمني.

قال الروسي في برود مستفز:


- هراء.

التفت إله الرجل مرة أخرى، على نحو حاد؛ ولكنه استطرد بلا مبالاة:

- الأمن الجامد هو أمن فاشل وعاجز، ويسهل للغاية تحطيمه واختراقه، وإزاحته من الساحة... الأمن الحقيقي هو من التغيير، والتطوير، والتعامل مع كل أمر جديد بمفهوم جديد، وفكر جديد.

هتف به رجل الأمن، في لهجة اكتسبت شيئاً من الشراسة هذه المرة:


- إنك تتحدث عن أمن قومي يا رجل.

جاء دور (جو) ليقول في غضب:

- هراء أيضاً

بدا رجل الأمن شديد العصبية والغضب والاستنكار، وهو ينقل بصره إليه؛ ولكن (جو) تابع بنفس اللهجة:

- لو أن هذا القادم من كوكب آخر، هو جاسوس، قطع ملايين الأميال، عبر فضاء سرمدي لا نهائي، فقط ليتجسس علينا، أو ليجمع معلومات عنا، بغرض الاستعمار أو الاحتلال، أو أياً من تلك الأفكار الخزعبلية، التي ملأت بها قصص الخيال العلمي رؤوسكم؛ فنحن حتماً لسنا أمام مشكلة أمن قومي، أو حتى أمن إقليمي... إننا أمام مشكلة أمن عالمي... أمن يحمي البشرية كلها، وليس مصر أو العالم العربي فحسب.



إنه لا سبيل لكم لبلوغ الحقائق سوى من خلالنا




قال (تروتسكي) مكملاً:

- ولو أن الأمر كذلك؛ فمن واجبكم أن تتعاونوا مع الأمريكيين، ومع كل دولة في العالم؛ لأن الخطر يشملها كلها.

هزَّ رجل الأمن رأسه في عنف، وقال في حدة:

- لم نتيقن من هذا بعد.

سأله (جو) مندفعاً كعادته:

- وكيف ستتيقنون؟!... هل ستستجوبون (موجال)؟!...

انعقد حاجبا رجل الأمن، وهو يجيب في شراسة:
- ولم لا؟!

سأله (تروتسكي):


- وكيف ستفعلونها؟!..

نقل رجل الأمن بصره في عصبية، دون أن يجيب؛ فمال (جو) نحوه، وأجاب بكل صرامة:

- بالعلم.

بدا واضحاً، من خلجات الرجل، أن الموقف كله قد أصابه بتوتر شديد، جعله يقول في عصبية:

- ما الذي ترميان إليه بالضبط؟!

كان الروسي هو من أجابه، ببروده المستفز:

- إنه لا سبيل لكم، لبلوغ الحقائق، سوى من خلالنا.

وأضاف (جو) مندفعاً:


- أم أنكم ستبحثون عن عالم ثالث، يخبركم بما تريدون سماعه بالضبط؟!

كان من الواضح أنها مواجهة صريحة، لم تحدث على نحو مباشر من قبل...

مواجهة بين فكرين...
فكر أمني...
وفكر علمي...
الفكر الأمني، كان يبحث حتماً عن أسلوب السيطرة على الموقف..
أياً كان هذا الموقف...

والفكر العلمي، كان يبحث عن ما هو أرقى...
عن المعرفة...
والحقيقة...
عن العلم...

فكر يسعى للسيطرة...
وفكر يسعى للمعرفة...

والسؤال في مثل هذه المواجهة، لا يكون: مَن الأفضل؟...
ولكن من الأقوى؟!...
من يملك السلطة؟!..
والقرار؟!...
والاتجاه؟!...

لذا؛ فقد اعتدل رجل الأمن، وفرد صدره، وشد قامته، واتخذ وقفة عسكرية صارمة، وهو يقول بكل الغلظة:

- ستؤديان عملكما، كما يطلب منكما.

عقد (تروتسكي) ساعديه أمام صدره، وهو يقول:

- وماذا لو لم نفعل؟!..

ساد الصمت على ثلاثتهم لحظات، تبادلوا خلالها نظرات حادة، ملئوها الصرامة والتحدي، قبل أن يقول رجل الأمن، في لهجة عسكرية، توحي بأنها غير قابلة للنقاش:

- ستنفذان الأوامر؛ لأنكما تجهلان كافة تعقيدات الأمر.

قال (جو)، وهو يعقد ساعديه أمام صدره بدوره:

- المشكلة أننا لكي ننفذها، لابد لنا من معرفة وفهم كافة تعقيدات الأمور.

نطق الجزء الأخير من العبارة، مقلداً أسلوب رجل الأمن ولهجته؛ فاحتقن وجه هذا الأخير في غضب، في حين ابتسم (تروتسكي) ابتسامة باردة، وقال في هدوء مستفز:

- يبدو أننا سنتفق على أمور كثيرة هذا المساء يا صديقي.

نقل رجل الأمن بصره بينهما في غضب بضع لحظات، ثم لم تلبث نظراته أن تحوّلت إلى صرامة شديدة، وهو يقول في تحدّ:

- هل تعلمان إذن، أن كافة الخبراء، يتفقون على أنه من المحتمل، والمحتمل جداً، أن يكون كل هذا مجرد خدعة؟!..

ابتسم (جو) في سخرية عصبية، وقال:


- إذن فقد قطع (موجال) كل هذه الأميال في الفضاء، لكي...

قاطعه في صرامة غاضبة:


- هنا تكمن الخدعة.

انعقد حاجبا (تروتسكي) وهو يسأله في قلق:

- ماذا تعني بالخدعة يا رجل؟!

التقط رجل الأمن نفساً عميقاً، وبدا شديد الثقة والقوة، وهو يجيب في صرامة:


- لقد فحصنا أنسجة هذا المدَّعي، وجاءت النتيجة حاسمة.


ثم مال نحوهما، في لهجة بدت أشبه بالتشفي:

- هذا المخادع بشري... مجرد بشري.


وتراجع الاثنان كالمصعوقين.
لقد كانت بالفعل مفاجأة كبرى...
جداً.
*******************
ران صمت مهيب على حجرة مدير المخابرات العامة المصرية، وهو يتطلع -مع عدد من كبار معاونيه- إلى شاشة كبيرة، تنقل إليه ما التقطته كاميرات المراقبة الثابتة، في صالة الوصول بمطار (القاهرة)، ثم لم يلبث أحد معاونيه أن أشار إلى رجل غربي الملامح، وهو يقول:

- (إيتان كرينهال)... أسترالي، ويعمل سراً لحساب المخابرات المركزية الأمريكية، وصل على متن الطائرة، القادمة من (بلغاريا)، حاملاً جواز سفره الأسترالي، وفحص حقائبه يؤكد أنه لا يحمل أية أسلحة.

ثم أشار إلى آخر، مكملاً:

- (ريكاردو لوبيز)... برازيلي، قاتل محترف لحساب قسم التصفيات، بالمخابرات الإسرائيلية، وصل على متن الطائرة القادمة من (النرويج)...

قال مدير المخابرات، في تفكير عميق:

- هذا يجعلهم خمسة أفراد.

أومأ معاون آخر برأسه، قائلاً:

- بالضبط، وملفاتهم كلهم تشير إلى أنهم يعملون من خلف الستار؛ إما لحساب المخابرات الأمريكية، أو الإسرائيلية، وكلهم لم يحملوا أية أسلحة.

أشار مدير المخابرات بيده، قائلاً:

- الأسلحة ليست مشكلة؛ فكل سفارة تقريباً تنقل إليها بعض الأسلحة للحماية، عبر الحقائب الديبلوماسية، التي لا يجوز تفتيشها... حتى نحن نفعل هذا، ورجالنا في عملياتهم الخارجية، يحصلون على أسلحتهم، عبر هذا السبيل.

قال معاون ثالث في اهتمام:

- وصولهم على هذا النسق المتزامن، يؤكد أنهم هنا لأمر ما.

وافقه مدير المخابرات بإيماءة من رأسه، وقال:

- ووصولهم في هذا التوقيت بالتحديد، يجعلنا نتوقع هذا الأمر.

سأله المعاون الأول:

- ولكن ماذا يستطيعون فعله، في أمر نحيطه بكل هذه السرية، وبكل وسائل الأمن والتأمين الممكنة.


صمت مدير المخابرات بضع لحظات، قبل أن يقول في حزم:

- هم سيحملون الجواب إلينا.

ثم اعتدل في مقعده، واستطرد بلهجة قائد حاسم:

- سنضع خمستهم تحت رقابة دائمة، وسنتبعهم كظلهم... أريد تسجيل كل محادثاتهم، وحواراتهم، وحتى همسات نومهم... والأهم ألا ينتبه أحدهم لحظة واحدة، إلى أننا نفعل هذا.

وعاد يتراجع في مقعده، ويحك ذقنه بأصابعه، مكملاً، وكأنه يحادث نفسه:

- لابد وأن نعلم لماذا أتوا، ولأي شيء يخططون.. لابد.

ولم ينطق أحد معاونيه بحرف واحد...

على الإطلاق...

ساعة كاملة، قضاها (جو) و(تروتسكي)، يفحصان نتائج تلك الفحوص المدهشة...
ساعة كاملة، راجعا فيها كل ما درساه في حياتهما...
وكل ما عرفاه منذ مولدهما...
راجعا الدراسات التشريحية...
والبيولوجية...
وعلوم الإنسان...
وعلم الخلايا...
والجينات...
وحتى أمراض الدم...

وطوال تلك الساعة، لم يتفوه رجل الأمن بحرف واحد...
لقد لاذ بصمت عجيب...
صمت كامل تام، لم ينبس خلاله ببنت شفة...
ولكن عيناه تابعتهما، بمنتهى الدقة...
وأذناه أنصتتا لكل حرف نطقاه...
ولم يحاول مقاطعتهما قط...
ولا حتى بحرف واحد...

وفي النهاية، أطلق (تروتسكي) زفرة طويلة، وهو يقول:

- إنه بشري بالفعل.

وهنا فقط، حلّ رجل الأمن عقدة ساعديه، وهو يسأل متوتراً:

- حقاً؟!...

أشار (جو) بسبابته، قائلاً:

- مع فارق جوهري.

نهض رجل الأمن، يسأله في صرامة:

- أي فارق؟!..

أجابه الروسي في اندفاع:

- إنه لا يتفق مع بشر هذا الزمان.

انعقد حاجبا رجل الأمن في شدة، وهو ينقل بصره بينهما في عصبية، قبل أن يقول في حدة:

- ما الذي يعنيه هذا؟!...



إنه بشري بالفعل




أجابه الروسي في حماس:

- حتى الجينات الوراثية تتطور مع الزمن؛ فهناك صفات تكتسب، وتنتقل إلى الأجيال التالية، بحكم سلسلة التطور الطبيعية، وجينات هذا الكائن بشرية بالفعل؛ ولكنها تبدو أشبه بجينات الإنسان الأول، من حيث سماتها الوراثية.

سأله رجل الأمن، في توتر ملحوظ:

- من أي جانب؟!

تبادلا نظرة صامتة، ثم أجاب (جو) في خفوت:

- نفضّل أن نضع هذا في تقرير رسمي؛ لأنه ليس أمراً سهل الاستيعاب.

بدا الغضب على وجه رجل الأمن، وهو ينقل بصره بينهما مرة أخرى، قبل أن يقول في صرامة، لم تنجح في إخفاء غضبه:

- لن تقولا إنه جاء عبر الزمن، أليس كذلك؟!

تبادل (جو) و(تروتسكي) نظرة أخرى، قبل أن يقول الأخير:

- إنه احتمال ليس مستبعداً، نظراً للتشابه الوراثي، والتشابه الشكلي أيضاً.

همّ رجل الأمن بقول شيء ما، ولكن (جو) اندفع يضيف:

- ولكنه ليس ما نعتقده.

سأله رجل الأمن في عصبية:

- وما الذي تعتقدونه؟!

قال (جو) في حزم:

- الأمر لا يتوقف على ما نعتقده؛ وإنما على ما نريده.

سأله في عصبية أكثر:

- وماذا تريدان؟!..

أجابه (تروتسكي) هذه المرة في حزم:

- خريطة فلكية.

ابتسم (جو) ابتسامة شاحبة؛ في حين احتقن وجه رجل الأمن، بمزيج من الدهشة والغضب والاستنكار، وقال في حدة:

- هل سنعود إلى هذا الحديث؟!

أجابه (جو) في تحد:

- إننا لم نتجاوزه أبداً.

شعر الروسي أن الأمور ستتوتر؛ فضغط على يد (جو)، محاولاً تهدئته، وقال لرجل الأمن:

- مهما كانت تصوراتكم؛ فذلك الكائن، أياً كانت ماهيته، لن يحتاج إلى الخريطة لتحديد موقعنا، ببساطة لأنه هنا بالفعل، وكان يمكنه إرسال إشارة تحديد موقع، عبر زيه شديد التطور، والذي يحوي كل ما أشرت إليه.

بدت علامات التفكير على وجه رجل الأمن؛ في حين أضاف (جو) ولهجته مازالت تحمل تلك الرنة العصبية:

- إنه يحتاج إليها حتماً، ليرشدنا إلى المكان الذي جاء منه.

عاد حاجبا رجل الأمن ينعقدان، في تفكير عميق، و(تروتسكي) يقول:

- وهذا حتماً سيصنع فارقاً كبيراً.

نقل رجل الأمن بصره بينهما، في شك حذر، ثم قال في بطء:

- الأمر يحتاج إلى قرار، من جهة أكبر:

سأله (جو):

- هل ستعود إلى رؤسائك؟!

أجابه في سرعة:

- بالتأكيد.

قال (جو) في بطء:

- عظيم... لديّ في هذه الحالة رسالة، أريدك أن تبلغهم إياها.

سأله رجل الأمن في اهتمام:

- وما هي؟!

مال (جو) نحوه، وقال في حدة:

- أخبرهم أن أفضل وسيلة، لضمان فشل أية دراسة علمية، هي أن تضعها في يد الأمن.

احتقن وجه رجل الأمن، وهو يتراجع بحركة حادة كالمصعوق، وتابع (جو)، وحدّته تتصاعد:

- وأن الولايات المتحدة نفسها، كادت تفقد تفوّقها النووي، عندما وضعت أحد جنرالاتها على رأس المشروع*


ازداد احتقان وجه رجل الأمن، وكاد يهمّ بالهجوم على (جو)، لولا ما حدث ...

لقد ألصق (موجال) وجهه بالزجاج، وقال شيئاً ما، وهو ينقل بصره بين ثلاثتهم...
ونقلت الأجهزة المتطورة ما قاله إلى الشاشات...
واتسعت عينا (جو) في ذهول، وهو يقرأ ما تعنيه الكلمات...
والواقع أن الأمر كان يستحق منه هذا الذهول...
بكل معنى الكلمة.

 
 

 

عرض البوم صور amedo_dolaviga   رد مع اقتباس
قديم 30-08-10, 08:07 AM   المشاركة رقم: 13
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو راقي


البيانات
التسجيل: Mar 2008
العضوية: 66537
المشاركات: 740
الجنس ذكر
معدل التقييم: amedo_dolaviga عضو على طريق التحسين
نقاط التقييم: 53

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
amedo_dolaviga غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : amedo_dolaviga المنتدى : السلاسل الأخرى
افتراضي

 



May 12 2010
سأطلق عليه النار لو اقتضى الأمر (رسوم: فواز)




على الرغم من حالة التوتّر، التي سادت المكان، مع انفعال (جو)، لم يستطع هذا الأخير، لأكثر من دقيقة كاملة، إجابة تساؤلات (تروتسكي) ورجل الأمن، حول ما شاهده على الشاشة...
كان الأمر بالنسبة إليه مذهلاً...
بحق...

وعندما نجح أخيراً، في تجاوز هذه الحالة، التفت إليهما بوجه شاحب، وهو يغمغم:

- لن تصدقا هذا!

زادتهما عبارته انفعالاً؛ فتساءل (تروتسكي) في لهفة:

- ماذا قال بالضبط؟!..

أما رجل الأمن، فقد بدا عصبياً، على نحو يخالف المعتاد منه، وهو يمسك ذراع (جو) في قسوة، قائلاً في عصبية صارمة:

– ما الذي أذهلك إلى هذا الحد؟!.

عاد (جو) يلتفت إلى (موجال)، الذي تراجع في ثقة عجيبة؛ فعاد (جو) بعينيه إلى الرجلين، قائلاً:

- كان يتحدَّث عنا.

انعقد حاجبا رجل الأمن في شراسة، وأمسك مسدسه على نحو غريزي، قائلاً في عصبية:

- عنا؟!

أومأ (جو) برأسه إيجاباً، وقال بصوت متهدج:

- لقد سألني: أأنت رجل أمن، ونحن عالمان؟!

اتسعت عينا الروسي في انبهار، والتفت إلى (موجال) بحركة حادة، مغمغماً في دهشة:

- حقاً؟!

أما رجل الأمن، فقد ازداد انعقاد حاجبيه، وبدا أكثر شراسة، وهو يسحب مسدسه، قائلاً في حدة:

- قال: إنني رجل أمن؟!

بدا (جو) غاضباً، وهو يهتف به:

- هل ستطلق عليه النار؟!..

- صوَّب رجل الأمن مسدسه إلى الحاجز الزجاجي، مجيباً في قسوة:

– لو اقتضى الأمر...

أمسك الروسي معصم رجل الأمن، وهو يقول:


- لست أظنّك سترتكب هذه الحماقة.

ولكن رد فعل رجل الأمن جاء سريعاً..

وعنيفاً...

لقد سحب معصمه من يد (تروتسكي) في عنف، ثم دفع هذا الأخير في صدره بمنتهى القوة، ووثب إلى الخلف، مصوَّباً مسدسه إليه، وصارخاً:

- إياك أن تفعلها مرة أخرى.

سقط الروسي أرضاً، وحدَّق فيه لحظات في دهشة، ثم نهض، قائلاً في غضب:

- إياك أنت أن تكررَّها.

بدا الأمر لحظة، وكأنهما سيشتبكان معاً، لولا أن حدث أمر عجيب...
لقد تحدَّث ذلك الفضائي مرة أخرى...
تحدَّث في هدوء عجيب، وهو يشير إلى مسدس رجل الأمن...
وعلى شفتيه بدت ابتسامة...
أو هو شبح ابتسامة...

وبكل عصبية الدنيا، التفت إليه رجل الأمن...

أما (جو) و(تروتسكي)، فقد اندفعا نحو الشاشات في لهفة...

وبينما يصوَّب رجل الأمن مسدسه إلى الكائن في غضب، ترجم (جو) الرسالة، وهو يقول في انفعال:

- أهذا السلاح البدائي ما يستخدم رجال الأمن هنا؟!..

لم يكد رجل الأمن يسمع العبارة، حتى قال في غضب:

- بدائي؟!... هل يصف مسدسي بأنه بدائي؟!..

لم يبد على (موجال) أدنى تأثّر، من المسدس المصوَّب إليه، في حين قال (جو) في توتر:

- ربما هو كذلك، من حيث أتى!

لوَّح رجل الأمن بالمسدس، وهو يقول في غضب:

- أخبره أن هذا السلاح البدائي، قادر على قتله في لحظة واحدة، برصاصة بدائية بسيطة.

قال (تروتسكي) في قلق، وهو ينقل بصره بين الفضائي ورجل الأمن:

- من المؤكد أنه لا يقصد السخرية منك.

صاح به رجل الأمن في حدة:

- انقل إليه ما قلته.

قال (جو) في عناد:

- اخفض مسدسك أوَّلاً.

صاح رجل الأمن في غضب صارم، وهو يجذب إبرة مسدسه:

- انقل إليه ما قلته... الآن.


جملة قصيرة قالها في حزم صارم ثم تراجع إلى الجدار في بطء




بذل (جو) جهداً حقيقياً؛ للسيطرة على توتره، وهو ينقل العبارة للكائن...
ولدهشة الجميع، ابتسم (موجال)...
ابتسم وكأنه يسخر مما سمعه...

وبنظرة تنافس ابتسامة سخرية، تطلَّع إلى المسدس، ثم رفع بصره إلى رجل الأمن، الذي احتقن وجهه بشدة، وغمغم في غضب:

- أيها الوغد..

نطق (موجال) شيئاً آخر، ترجمه (جو) في سرعة وتوتر:

- هذا حال رجال الأمن دوماً... حتى في وطني كانوا كذلك.

غمغم (تروتسكي) في اهتمام:

- كانوا؟!..

أجاب(موجال)، عبر شاشات الترجمة:

- كانوا مغترّين بقوّتهم، متغطرسين بسطوتهم، متعالين بأسلحتهم، ولكن الشعب طوَّر وسيلة للقضاء على كل هذا.

لم يكد (جو) ينقل العبارة، حتى قال رجل الأمن في غضب حاد:

- أخبره أنني سأطلق النار على فمه، لو نطق بحرف آخر.

قال (جو) في حدة:

- وتخسر كل ما فعله رؤساؤك، للحفاظ عليه؟!

لم يجبه رجل الأمن، ولكنه صوَّب مسدسه إلى (موجال) في إحكام شديد، في حين واصل هذا الأخير نظرته اللا مبالية، وإن بدا بصره شديد التركيز على زناد المسدس...
وفجأة، احتقن وجه رجل الأمن...
احتقن على نحو مباغت...
وراح يحتقن...
ويحتقن...
ويحتقن...

أما يده الممسكة بالمسدس، فقد ارتجفت على نحو عجيب...
ارتجفت مرة...
وثانية...
ثالثة...
وفي كل مرة، كانت الارتجافة أكثر عنفاً....
وقوة...
وسرعة...

ثم أخيراً، أفلت مسدسه، وكأنه لم يعد قادراً على الإمساك به، وهو يهتف في عصبية بالغة:

- أيها الوغد.

سقط مسدسه أرضاً، فتألقت عينا (موجال) لحظة، ثم خبتا، وهو يتراجع في هدوء، مع ابتسامة ظافرة، في حين بدت دهشة عارمة، على وجهي (جو) و(تروتسكي)، قبل أن يهتف الأخير برجل الأمن:

- ماذا حدث؟!..

صرخ رجل الأمن، في عصبية شديدة، وهو ينحني ليلتقط سلاحه:

- أخبرني أنت

كان يلمس سلاحه في حذر شديد، وكأنه يخشى شيئاً ما به، ثم لم يلبث أن اطمئن إليه لسبب ما، فالتقطه بحركة حادة، و(جو) يسأله:

- ماذا أصاب سلاحك؟!...

قال رجل الأمن، وهو يعتدل في تحفز:

- ذلك الوغد فعل به شيئاً ما.

سأله (جو):

- مثل ماذا؟!..

أجابه في حدة:

- أشعله.

تساءل (تروتسكي) مندهشاً:

- أشعله... أشعل ماذا؟!...

بدا رجل الأمن شديد العصبية، وهو يجيب:

- لقد ارتفعت درجة حرارته، حتى لم أعد قادراً على الإمساك به.

ثم هتف مستطرداً:

- لقد فعلها بوسيلة ما.

هتف (جو) مبهوراً:

- كيف؟!..

صرخ رجل الأمن، وهو يلَّوح بمسدسه في وجه (موجال):

- سله.

حدَّق فيه (جو) لحظات في دهشة، ثم أدار عينيه إلى موجال، الذي بدا شديد الصرامة، وهو يقول شيئاً ما...


جملة قصيرة، قالها في حزم صارم، ثم تراجع إلى الجدار في بطء...
وبسرعة، نقل (جو) بصره إلى الشاشات...

ثم ارتجف جسده في عنف...
فقد كانت الترجمة تعني عبارة قصيرة...
ومخيفة...

"سيفنى كوكبكم..."
وكانت العبارة تكفي ليرتجف الثلاثة على الرغم منهم...
في عنف.

****************

May 19 2010
بدا الغضب واضح على وجه رئيس الجمهورية (رسوم: فواز)




بدا الغضب واضح، على وجه رئيس الجمهورية، وهو يتابع تلك الأفلام والصور التي التقطتها كاميرات المخابرات العامة المصرية سراً، ومدير المخابرات إلى جواره، يقول:

- ذلك الذي يسلّمهم الأسلحة، موظف في السفارة الأمريكية في (مصر)، ويحمل جواز سفر ديبلوماسي.

غمغم الرئيس، وصوته مع لهجته يشفان عن ذلك الغضب في أعماقه:

- كلهم كذلك.

ثم اعتدل في مجلسه، وسأل مدير المخابرات في حزم:

- هل تبيّنتم هدفهم؟!..

أومأ مدير المخابرات برأسه مجيباً:

- بالتأكيد يا سيادة الرئيس.

ثم اتخذ وقفة عسكرية، على نحو غريزي، اعتاده من عمله السابق، وهو يضيف في اهتمام:

- إنهم يستهدفون ذلك الفضائي.

انعقد حاجبا الرئيس في شدة، وهو يتساءل في توتر:

- وكيف يمكنهم معرفة مكانه، أو حتى أنه على قيد الحياة؟!..

قال مدير المخابرات في سرعة:

- الأمريكيون ليسوا هيّنين يا سيادة الرئيس.

أومأ الرئيس برأسه، وغمغم في خفوت، شفَّ عن الاستغراق في التفكير:

- نحن أيضاً لسنا كذلك.

استغرق في التفكير بضع لحظات، لاذ خلالها مدير المخابرات بالصمت التام، ثم لم يلبث أن تمتم في حذر:

- إننا نتابع خطواتهم، ونُحكم سيطرتنا عليهم، و...

رفع الرئيس عينيه إليه فجأة، وهو يقول في حزم:

- كلاّ.


تراجع مدير المخابرات خطوة في دهشة، فمال الرئيس نحوه، مكملاً في حزم أكبر:

- لن نسمح لهم بالعمل على أرضنا على هذا النحو.

تردد مدير المخابرات، قبل أن يقول:

- لابد لنا من أدلة كافية يا سيادة الرئيس، قبل أن نوقفهم، فكما يعلم سيادتكم، توجيه الاتهام إلى جهاز مخابرات، يعني توجيه الاتهام بالتبعية إلى دولة كاملة، يعمل جهاز المخابرات عبرها، واتهام دولي كهذا يحتاج إلى أدلة قوية حاسمة.

سأله الرئيس:

- وماذا عن حملهم أسلحة غير شرعية؟!

تردد مدير المخابرات لحظة أخرى، ثم أجاب في حذر:

- ليست بالتهمة الكافية.

أشار الرئيس بسبَّابته، مجيباً:

- يمكننا أن نعتبرها مجرَّد بداية.

غمغم مدير المخابرات:

- بداية؟!

أجابه الرئيس في صرامة:

- عندما يصبحون في قبضتنا، سأجري اتصالي بالرئيس الأمريكي.

ثم انعقد حاجباه في شدة، وهو يضيف في صرامة، امتزجت بالكثير من الغضب:

- وسيكون اتصالاً حاسماً... للغاية.

واعتدل مدير المخابرات مرة أخرى...

وتألقت عيناه...

في شدة...


لدقيقة كاملة أو يزيد، ران على تلك القاعة صمت رهيب، والرجال الثلاثة يحدّقون في ذلك الفضائي، بعيون اتسعت عن آخرها...
عين تحمل ذلك المزيج العجيب من الدهشة...

والفزع...
والخوف...
والتوتر...
وبشدة...

أما (موجال) نفسه، فقد بدا هادئاً أكثر مما ينبغي، وهو ينقل بصره بين ثلاثتهم في هدوء، كما لو أنه قد ألقى عبارة عادية للغاية...


" إنه جاسوس... تماماً كما توقَّعت..."

هتف رجل الأمن بالعبارة، وهو يلَّوح بمسدسه في وجه (موجال) في عصبية شديدة، فقال الروسي في توتر:

- اخفض هذا السلاح... إنك تزيد من توتر الموقف كله.

وهمّ (جو) بقول شيء ما، ولكن الفضائي أشار إلى رجل الأمن، وهو يقول عبارة أخرى صارمة، جعلت (جو) يبقي كلماته في حلقه، ويلتفت في لهفة إلى شاشات الأجهزة، وهو يقول في انفعال، مترجماً العبارة:

- هكذا سيفنى كوكبكم.

قال رجل الأمن في عصبية، وهو يواصل التلويح بمسدسه:

- ماذا يقصد بقوله هذا؟!... ماذا؟!...

لم يبال (جو)، وهو يسأل (موجال)، عبر الأجهزة:

- ماذا تقصد بقولك هذا؟!..

بدا الفضائي صارماً، وهو يشير إلى رجل الأمن، قائلاً:

- أمثاله أفنوا كوكبي.

ثم التفت إلى (جو)، مستطرداً في لهجة، بدت مريرة للغاية:

- وسيُفنون كوكبكم أيضاً.

ترجم (جو) العبارات، فاتسعت عينا (تروتسكي) في انبهار، في حين قال رجل الأمن في عصبية:

- ماذا يعني بأمثالنا؟!... ماذا يعني؟!

غمغم (تروتسكي)، وصوته مازال يحمل ذلك الانبهار:

- رجال الأمن.

التفت إليه رجل الأمن بحركة حادة، وارتفع حاجباه في لحظة، ثم عادا ينخفضان مع مسدسه، وهو يتمتم، وقد انكسر صوته، على نحو ملحوظ:

- نحن... نحن سنفني كوكبنا.

تابع (موجال) حديثه في حزم عجيب، يمتزج برنة غضب، وراح (جو) يترجم كلماته في انفعال:


تابع (موجال) حديثه في حزم عجيب يمتزج برنة غضب




- إنهم يبدءون بفكرة الحفاظ على الأمن، تماماً كما فعلوا في عالمي.

ثم يصابون بعدها بحالة من الوسواس القهري، فيتعاملون مع كل ما حولهم باعتباره مسألة أمنية، ويبالغون في هذا المنظور رويداً رويداً، حتى يصابوا بلوثة أمنية، تجعلهم يسعون لمنع أي شيء وكل شيء، خشية أن يكون فيه خطر ما.

ومع هذه اللوثة تتوقف كل معايير الحياة، أو تسير في بطء قاتل، حتى المشكلات الكبيرة، لا يتم حسمها بالسرعة الكافية؛ لأن الأمن يحكم كل شيء.

صمت ليلتقط أنفاسه، ولهث (جو) بدوره، مع شدة انفعاله، في حين غمغم (تروتسكي)، وانبهاره يتصاعد:

- رباه!... إنه صاحب فكر ثوري.

أدار الفضائي عينيه إلى رجل الأمن في مقت، قبل أن يتابع:

- على كوكبي، تفاقمت لوثتهم الأمنية يوماً بعد يوم، وصار كل شيء بالنسبة لهم عدواً، حتى الهواء الذي نتنفسه، حتى لم يعد قومي يحتملون هذه اللوثة، فبدأت الإضرابات والثورات والانقلابات، وأريقت الدماء أنهاراً، وسادت الفوضى العالم كله، وصار العدو الأول هو رجال الأمن، الذين لم يستوعبوا الموقف كعادتهم، وتعاملوا معه بنفس المنظور الأمني الهستيري، ثم انتبهوا، بعد فوات الأوان، إلى أنهم وفقاً للتعداد، أقلية، مهما كان لديها من وسائل القمع والبطش...


وقبل أن يستوعبوا الدرس، كانوا قد انسحقوا وبادوا، وتصاعدت الفوضى إلى حد يستحيل قمعه أو السيطرة عليه، في غياب الأمن.

صمت (موجال) لحظات أخرى، فهتف الروسي في حماس وانفعال:

- إنه ثوري بحق... رباه!... يا لها من نظرية اجتماعية مدهشة.

أما رجل الأمن، فلم ينطق بحرف واحد، وإن خفض يده أكثر، حتى صار مسدسه محاذياً لامتداد ذراعه وساقيه، وبدا مصدوماً، وهو يغمغم:

- الأمن؟!

بدا (جو) شديد الانفعال، وهو يواصل ترجمة كلمات (موجال)، الذي عاود حديثه، في مرارة واضحة:

- من تبقُوا على كوكبي، أدركوا أنها النهاية، فموَّلوا هذه الرحلة، حتى يعثروا على كوكب آخر، يمكن الحياة على سطحه، وخاصة بعد أن بدأ الفوضويون في استخدام أسلحة شاملة، تدَّمر كل شيء.

سأله (تروتسكي) في انفعال:

- وهل كان هذا الكوكب قريباً؟!..

زفر الفضائي في توتر، عندما ترجم له (جو) العبارة، وأجاب في مرارة شديدة:

- كان المفترض أنه أقرب كوكب إلينا، ولم تنشأ الحياة عليه بعد، وكان المفترض أن نصل إليه خلال شهور قليلة... كنا سبع مركبات، وفور خروجنا من كوكبي، شاهدنا انفجارات رهيبة على سطحه...

وخفض عينيه، وحمل صوته كل مرارة الدنيا، وهو يتابع:

- انفجارات تكفي لإفناء الحياة على سطحه تماماً.

ران على الجميع صمت مهيب بعد أن ترجم (جو) العبارة الأخيرة، وعلى عكس كل التوقعات، كان رجل الأمن هو أوَّل من تحدّث، متمتماً في صوت كسير وكأنما أصابته قصة الفضائي بطعنة مؤلمة:

- ألم تجدوا ذلك الكوكب صالحاً للحياة؟!..

ترجم (جو) العبارة، فهز (موجال) رأسه، وأجاب في أسى:

- لست أدري... لقد كانت مركبتنا الأخيرة في الركب، وذلك الانفجار أحدث ظاهرة عجيبة...

راح يحَّرك كفيه وذراعيه على نحو انفعالي، وكأنه يصف أمراً مخيفاً، ويقول في انفعال شديد:


- فقاعة كبيرة، بدت وكأنها تطارد الركب الفضائي، ولقد حاولنا الفرار منها، ولكنها أحاطت بنا، و...


صمت، ولهث معه الجميع تقريباً، قبل أن يكمل في مرارة:

- ووجدنا أنفسنا هنا... وأنتم تطاردوننا.

غمغم (تروتسكي) في انبهار شديد:

- فجوة زمنية مكانية.

تمتم (جو):


- أو فجوة بين الأبعاد.

لم يستوعب رجل الأمن هذا أو ذاك، فنقل بصره بينهما، قبل أن يسأل في خفوت، لا يتناسب مع شخصيته:

- ما تفسير ما قاله بالضبط؟!

تمتم (تروتسكي) مبهوراً:

- من الصعب حسم الأمر.


وأضاف (جو):


- إلا إذا اتخذنا خطوة حاسمة.

سأله رجل الأمن في اهتمام:

- وما هي؟!

أجابه (جو) في حزم:

- أحضر خريطة فلكية

وفي هذه المرة، لم يعترض رجل الأمن...

على الإطلاق.

 
 

 

عرض البوم صور amedo_dolaviga   رد مع اقتباس
قديم 30-08-10, 08:09 AM   المشاركة رقم: 14
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو راقي


البيانات
التسجيل: Mar 2008
العضوية: 66537
المشاركات: 740
الجنس ذكر
معدل التقييم: amedo_dolaviga عضو على طريق التحسين
نقاط التقييم: 53

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
amedo_dolaviga غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : amedo_dolaviga المنتدى : السلاسل الأخرى
افتراضي

 



أخبروني أين نحن وماذا تفعلون بنا بالضبط؟! (رسوم: فواز)




فركت (إيناس) كفيها بمنتهى التوتر، وهي تتحرَّك في عصبية داخل تلك الحجرة، التي وضعوها داخلها، منذ انتقلت إلى هذا المكان...

كانت الحجرة شديدة الأناقة، جيّدة التهوية والتأثيث، وعلى الرغم من هذا لم تشعر داخلها بأدنى قدر من الارتياح...

هذا لأنها، من وجهة نظرها، مجرّد محبس...

سجن...

وبالنسبة لامرأة مثلها؛ فالسجن، حتى ولو كان من ذهب خالص، هو سجن...

مكان لا يمكنها أن تغادره...
أو تتجاوز حدوده...
أضف إلى هذا أنه مكان مجهول تماماً...
بالنسبة إليها على الأقل...
مكان لا تدري أين هو بالضبط؟!...
أين يقع، على خارطة (مصر)؟!..
بل وهل يقع بالفعل، ضمن حدودها؟!..

كان هذا الغموض يزيدها عصبية؛ حتى أنها توَّقفت بحركة حادة، وصرخت وسط الحجرة:

- ماذا تفعلون بنا؟!

لم تتلق جواباً بالطبع، فكررَّت في عصبية شديدة:

- أخبروني أين نحن، وماذا تفعلون بنا بالضبط؟!

لم يمض على تكرار صرختها دقيقة واحدة، حتى انفتح الباب، ودخل منه ذلك الهادئ، وهو يقول:

- ماذا أصابك سيدتي؟!

صرخت في وجهه بكل عصبيتها:

- لماذا تسجنوننا هنا؟!

ارتفع حاجباه في دهشة حقيقية، وهو يقول:

- نسجنكم؟!... من أعطاك هذه الفكرة العجيبة؟!

هتفت في عصبية أكثر:

- أية فكرة عجيبة؟!... إنني محتجزة هنا؛ فماذا تسمي هذا، إن لم يكن سجناً؟!

استمرت دهشته تغمر ملامحه، وهو يجلس على مقعد مجاور للباب، قائلاً:

- أسمّيه أسلوب حماية.

صرخت:

- من ماذا؟!..

تطلَّع إليها الرجل لحظات في صمت، دون أن يفارق هدوءه، ثم قال:

- سيدتي... هل يمكنك الجلوس قليلاً؟!

أجابته في عناد، وهي تعقد ساعديها أمام صدرها:

- ليس قبل أن تشرح لي ما يحدث.

أشار بيده، قائلاً بنفس الهدوء:

- ليس بإمكاني أن أشرح لك كافة التفاصيل يا سيدتي؛ فمعظمها يندرج تحت قائمة "سري للغاية"، وهي سرّية مطلقة؛ لأنها تتعلَّق بالأمن القومي المصري.

صرخت وتوترها يتضاعف:

- لقد سئمت هذه العبارات.

انعقد حاجباه فجأة، وهو يقول في صرامة شديدة:

- اجلسي يا سيدتي.

وعلى الرغم من توتّرها الشديد، وجدت نفسها تطيعه بلا مناقشة، وتجلس على مقعد في مواجهته، وأدهشها أن انخفض صوتها، واكتسب نبرة أشبه بالضراعة، وهي تقول:

- أخبرني... أرجوك.

ابتسم الرجل ابتسامة هادئة، أزالت الكثير من صرامته، واستعادت ملامحه هدوء صوته، وهو يقول:


- سأخبرك يا سيدتي... سأخبرك كل ما في استطاعتي.

التقطت أنفاسها، محاولة السيطرة على مشاعرها؛ في حين مال نحوها، وراح يخبرها...
بكل ما في استطاعته...


بدا الرئيس الأمريكي شديد التوتر والعصبية، وهو يستقبل مدير مخابراته في مكتبه البيضاوي في البيت الأبيض، ويشير إليه، قائلاً:

- لقد أنهيت لِتَوّي محادثة سرّية خاصة، مع الرئيس المصري، ولم يرُق لي معظم ما تبادلناه خلالها.

انعقد حاجبا مدير المخابرات الأمريكي، وهو يقول في صرامة:

- كيف يجرءون؟!... يمكننا أن نوقف صفقات الأسلحة الجديدة لهم، و...

قاطعه الرئيس الأمريكي، في عصبية أكثر:

- لقد ألقوا القبض على فريقك.


يبدو أنه من الضروري أن تراجعوا ما لديكم من معلومات





احتقن وجه مدير المخابرات، وارتجفت الكلمات على شفتيه، وهو يهتف في صوت مختنق:

- ماذا؟!... مستحيل؟!... ومتى حدث هذا؟!... لقد أرسلوا تقريراً عبر الأقمار الصناعية، منذ أقل من...


قاطعه الرئيس الأمريكي، مكملاً:

- اثنتي عشرة دقيقة.

غمغم مدير المخابرات الأمريكية، وقد عقدت الدهشة لسانه:

- بالضبط.

مال الرئيس الأمريكي نحوه، وقال في غضب:

- يبدو أنه من الضروري أن تراجعوا ما لديكم من معلومات، عن قدرات المصريين، وعن قدراتكم أيضاً؛ ففي الأيام الأخيرة، بدا لي أن (مصر) أشبه بفخ جرذان كبير، كلما أرسلنا إليها رجالنا، وحتى أفضل العناصر منهم، كان علينا أن نتفاوض ونتنازل لاستعادتهم.

لم تحتمل ساقا مدير المخابرات الأمريكي حمله؛ فترك جسده يسقط على أقرب مقعد إليه، وهو يسأل في صوت مختنق:

- ماذا طلب المصريون؟!

أجابه الرئيس الأمريكي في عصبية:


- أن نكفّ عن التدخّل في شئونهم.

غمغم مدير المخابرات:

- فقط؟!..

هتف الرئيس الأمريكي في حدة:

- أكنت تريد ما هو أكثر من هذا.

صمت مدير المخابرات الأمريكي لحظات، ثم غمغم في توتر:

- لو أننا في مكانهم لفعلنا.

غمغم الرئيس الأمريكي في إحباط:

- بالتأكيد.

حاول مدير المخابرات الأمريكية أن يستعيد حبل الثقة، وهو يقول:

- مازال بإمكاننا أن نمنع صفقات الأسلحة الجديدة عنهم.

أشار الرئيس الأمريكي بيده، قائلاً في حدة:

- هراء.

احتقن وجه مدير المخابرات، وهو يقول:

- ولمَ لا؟!..

أجابه الرئيس في حدة:

- لأن الصينيين ينتظرون هذه الفرصة، ويطمحون لها، ولو توقّفنا مرة واحدة عن تزويد (مصر) بصفقات الأسلحة المتّفق عليها، سيُهرع الصينيون لمنحهم أضعافها، وربما بلا مقابل أيضاً، فقط ليربحوا ما سنخسره نحن بحركة حمقاء كهذه.

تراجع مدير المخابرات الأمريكي كالمصعوق، وهو يقول:

- حمقاء؟!


أجابه الرئيس الأمريكي في صرامة غاضبة:

- بالتأكيد... فعلناها مرة، عندما سحبنا تمويل مشروع السد العالي؛ فانقضّ السوفيت متلهّفين، وغاصوا في المجتمع المصري لسنوات، ربحوا خلالها المنطقة كلها تقريباً. *

وانعقد حاجباه في شدة، وهو يميل نحو مدير المخابرات، مستطرداً:

- هل ترغب في تكرار هذا مع الصينيين؟!

أجابه مدير مخابراته في عصبية:

- مطلقاً بالتأكيد.

صمت لحظات في إحباط، ثم عاد يرفع عينيه إلى الرئيس، قائلاً:

- لكن، أيعني هذا أننا سنتخلى عن تلك العملية.

زفر الرئيس الأمريكي في ضيق، وقال:

- يبدو أننا قد أسأنا التصرّف في هذا الموقف كله منذ البداية.

سأله مدير مخابراته في دهشة:

- وكيف هذا؟!

لوَّح الرئيس الأمريكي بيده، مجيباً:

- لقد استخدمنا غطرسة القوة، منذ اللحظة الأولى، ولم نحاول استخدام لغة العقل والتفاهم لحظة واحدة... المصريون لا خبرة لديهم بشئون الفضاء؛ ولكن تلك المركبة سقطت عندهم، ونحن خبراء في هذا المضمار، ولكن المركبة لم تسقط عندنا، وفي موقف كهذا، كان ينبغي أن نلجأ إلى وسيلة واحدة.

ومال نحو مدير مخابراته أكثر، وهو يضيف في حزم:

- التعاون... التعاون السلمي الإيجابي.

مضت لحظات من التعنٌت، قبل أن يومئ مدير المخابرات الأمريكي برأسه موافقاً، وهو يغمغم:

- هذا صحيح.

تراجع الرئيس الأمريكي في ضيق، في حين تمتم مدير مخابراته مكملاً:

- ولكن السؤال الآن هو: ماذا يفعل المصريون الآن بما لديهم؟!

وكان هذا هو السؤال بالفعل...
ماذا يفعلون الآن؟!...
ماذا؟!

يتبع



* السد العالي: أكبر سدود (إفريقيا) يوجد جنوبي (أسوان)؛ لتخزين الماء، وموازنة الفيضانات المرتفعة والمنخفضة، وتوليد الكهرباء، وتحسين الملاحة فى النيل، وضع الرئيس (جمال عبد الناصر) حجر الأساس له في 9 يناير 1960م، وبلغت تكاليف بنائه 213 مليون جنيه، والتكاليف الإجمالية لما يترتب عليه 415 مليون جنيه.

******************



إنه حتماً لا يفهم أجهزة الكمبيوتر في عالمنا فكيف سيتعامل معها?!




لم يتمالك (جو) نفسه من الارتجاف في انفعال، عندما أحضر رجل الأمن تلك الأسطوانة، التي تحوي الخريطة الفلكية الرقمية...

كانت خريطة ثلاثية الأبعاد، يمكنك أن تتجوَّل عبرها، باستخدام منظار خاص، وكأنك داخل مركبة فضائية، تجوب عُباب الكون...

والأهم، أنك تستطيع رؤية كل ما فيها، من أية زاوية تشاء...

وفي حالتهم هذه، كان هذا شديد الأهمية...
إلى حد لا يمكن تصوّره...
فذلك الفضائي جاء من كوكب آخر...
وربما من مجرّة أخرى...

ووفقاً لما رواه، هناك احتمال أن يكون قد أتى من بُعد آخر...
أو ربما حتى من زمن آخر!!..
والوسيلة الوحيدة، لحسم هذا الأمر، هي تلك الخريطة...

وفي انفعال، هتف (جو):

- دعنا نريه إياها فوراً.

غمغم (تروتسكي):

- لست أظن هذا سهلاً.

التفت إليه (جو)، يسأله في انفعال:

- ولم لا؟!

أجابه في حزم بارد:

- لأنه حتماً لا يفهم أجهزة الكمبيوتر في عالمنا، فكيف سيمكنه التعامل معها.

انعقد حاجبا رجل الأمن، وهو يقول في عصبية:

- ولم تنتبها إلى هذا سوى الآن؟!..

غمغم (جو) في توتر:

- هناك حتماً وسيلة ما.

قال رجل الأمن، وعصبيته تتزايد:

- اسمعا... لقد اتخذت هذا الإجراء على مسئوليتي الخاصة، و...

قبل أن يكمل عبارته، قاطعه (موجال) بعبارة ما...
عبارة بدت هادئة...
حاسمة...
وحازمة...
وفي عصبية، هتف رجل الأمن:

- ماذا يريد هذا الشيء؟!

انتقل (جو) في سرعة إلى الشاشات، وترجم في دهشة:

- لماذا لا تشركونني فيما تتجادلون فيه؟!..

هتف (تروتسكي)، في دهشة وانفعال:

- هل يريد أن يشترك معنا؟!

وهتف رجل الأمن في حدة:

- مستحيل!

أحنقه أن تجاهله (جو) و(تروتسكي) تماماً، والأوَّل يقول، عبر الأجهزة المتطوَّرة:

- لدينا مشكلة خاصة بنُظم التشغيل.

أشار الفضائي إلى الأسطوانة، التي يحملها (جو)، وتساءل في اهتمام:

- أهذه الأسطوانة البدائية، تحوي المعلومات المطلوبة.

قال (تروتسكي) في دهشة:

- بدائية؟!

ثم بدا شديد اللهفة والحماس، وهو يستطرد:

- ما الذي يستخدمونه إذن في كوكبه؟!

نقل (جو) السؤال إلى (موجال)، الذي أجاب في سرعة:

- نوع من الجيلاتين الحيوي... علماؤنا كشفوا أن سرعة انتقال البيانات، عبر الخلايا الحيوية، أسرع بألفي ضعف على الأقل، من انتقالها عبر الجوامد.

كان الانبهار يبدو واضحاً، على وجهي (جو) و (تروتسكي)، فهتف رجل الأمن في توتر غاضب:

- هل سيستخدم البرنامج الفلكي أم لا؟!

لا توجد أية حياة عاقلة على ذلك الكوكب





لم يترجم (جو) هذه العبارة، أو لم يمهله (موجال) وقتاً لترجمتها، وهو ينظر إلى رجل الأمن، قائلاً:

- أخبر رجل أمنك أنني قد درست كيفية التعامل مع تلك الأشياء البدائية.

ثم استطرد، وملامحه تحمل لمحة ساخرة:

- رجال الأمن لا يختلفون في طبيعتهم، مهما اختلفت عوالمهم.

لم يحاول (جو) ترجمة العبارة، وهو يعاون بعض الرجال في المكان، على نقل شاشة كبيرة، مع جهاز كمبيوتر حديث، إلى قفص (موجال) الزجاجي، وترك الأسطوانة أمامه، وهو يقول:

- أتعشّم أن تفيدنا.

ربما لم يفهم الفضائي العبارة جيداً...
أو لم يستوعبها...
أو ربما تجاهلها تماماً...

ولكنه، وفي كل الأحوال، تحسَّس الأسطوانة في حذر، ثم التقطها، ووقف يتأمَّل جهاز الكمبيوتر قليلاً، في شيء من الامتعاض، قبل أن يسأل:

- أيها زرّ التشغيل بالضبط؟!

أرشده (جو) إلى كيفية ومكان وضع الأسطوانة، وهو يغمغم:

- بعد إدخالها، سيقوم الكمبيوتر بالعمل كله.

بدأ البرنامج عمله تلقائياً بالفعل، وارتسمت الخريطة الفلكية الرقمية على شاشة الكمبيوتر الكبيرة...

ولثوان، بدا الفضائي مندهشاَ لرؤيتها، ثم لم يلبث أن تحسَّس أزرار الكمبيوتر في حذر، ثم راح يستخدمها لتحريك المشهد، والغوص عبره...

ولقد بدا، في تلك اللحظات، شديد الذكاء بالفعل...

فعلى الرغم من أنه يتعامل مع جهاز ينتمي إلى كوكب آخر، وحضارة أخرى؛ فقد نجح في فهمه واستيعابه، في سرعة كبيرة

وبسرعة، اكتسبت أصابعه الثقة...
والمهارة...

وفي صمت تام، راح الرجال الثلاثة يتابعونه، ويتابعون شاشة الكمبيوتر الكبيرة، وحركة الفضائي عبر الكواكب...
والمجرّات...
والفضاء...

ولقد بدا، وهو يفعل هذا، شديد التوتر...
شديد الارتباك...
وشديد العصبية...|

ثم فجأة، وبكل انفعاله، التفت إلى (جو)، متسائلاً:

- أين كوكبك هنا؟!

ترجم (جو) العبارة، فهتف رجل الأمن في صرامة:

- إياك أن تخبره.

ولكن (تروتسكي) قال في سرعة:

- هل ترى ذلك النجم في الركن؟!... إننا ثالث كوكب يدور حوله

هتف رجل الأمن في غضب:

- أيها الأحمق!

قال (جو) في عصبية:

- أتظنه يجهل هذا؟!

صاح رجل الأمن في حدة:

- لقد سأل أيها العبقريان.

كانت صيحته مثيرة للاهتمام بالفعل...

لقد سأل (موجال) عن موضع الأرض، وكأنه يجهله...
أو كأنه يريد التيقّن من شيء ما...
وهذا بالفعل مثير للاهتمام...
إلى أقصى حد...

ولكن المثير للاهتمام أكثر، هو ردّ فعل الفضائي...

لقد حدَّق في الأرض، على تلك الخريطة الرقمية الفضائية، لبضع لحظات، حملت ملامحه خلالها مزيجاً عجيباً، من الدهشة والاستنكار، قبل أن يهزَّ رأسه في قوة، هاتفاً:

- مستحيل!

بدا (تروتسكي) شديد الاهتمام، وهو يسأل:

- ولماذا مستحيل؟!

واصل الفضائي دهشته واستنكاره لبضع لحظات، قبل أن يقول في عصبية واضحة:

- إنني أحفظ تلك الخريطة عن ظهر قلب.

سأله (جو):

- وماذا في هذا؟!

عاد (موجال) يهزَّ رأسه في حدة، وهو يقول:

- لا توجد أية حياة عاقلة على ذلك الكوكب الذي تشيرون إليه.

قال (جو) في دهشة:

- بمَ تصفنا إذن؟!


التفت إليه الفضائي في اضطراب شديد، وعاد يحدَّق في الخريطة الفلكية على الشاشة، ويقول، وكأنما يحادث نفسه:

- إنني أعرفه جيداً... أعرفه منذ طفولتي... هناك فقط مخلوقات ضخمة، وطبيعة ثائرة غير مستقرة.

غمغم رجل الأمن، في عصبية شديدة:

- أي قول أحمق هذا؟!

أجاب (جو)، ما بين الدهشة والانبهار:

- إنه يصف كوكب الأرض، كما كان منذ ملايين السنين!

قال رجل الأمن، في عصبية أشد:

- هذا مستحيل!

وهنا قال (تروتسكي):

- بل إنه منطقي تماماً... ولديّ تفسير علمي له أيضاً.

والتفت إليه (جو) ورجل الأمن في سرعة...
فقد كانت عبارته مدهشة...
بكل الحق

 
 

 

عرض البوم صور amedo_dolaviga   رد مع اقتباس
قديم 30-08-10, 08:12 AM   المشاركة رقم: 15
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو راقي


البيانات
التسجيل: Mar 2008
العضوية: 66537
المشاركات: 740
الجنس ذكر
معدل التقييم: amedo_dolaviga عضو على طريق التحسين
نقاط التقييم: 53

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
amedo_dolaviga غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : amedo_dolaviga المنتدى : السلاسل الأخرى
افتراضي

 



يبدو أننا نوشك على تلقي مفاجأة يا سيادة الرئيس




علت ابتسامة واثقة شفتي مدير المخابرات المصرية، وهو يقول لرئيس الجمهورية:

- أظنّها أسرع عملية كبيرة في تاريخنا، يا سيادة الرئيس.

وافقه الرئيس المصري بإيماءة من رأسه، وأشار بيده، قائلاً:

- لم يكن ذلك سهلاً.

ابتسم مدير المخابرات، وقال:

- يالتأكيد يا سيادة الرئيس... أحداث عديدة توالت، في وقت قصير للغاية، حتى أن معظم المواطنين قد لا يشعرون حتى بحدوثها، ولقد أصدرنا بيانات رسمية، تتوافق مع الأحداث، وعلى نحو قادر على خداع الصحافة نفسها.

سأله الرئيس في اهتمام:

- وماذا عن الهجوم الإسرائيلي؟!

أجابه مدير المخابرات في سرعة:

- البيان الرسمي قال إنها تحرّكات إسرائيلية محدودة؛ لمطاردة بعض الفدائيين الفلسطينيين، وحدث خلالها تجاوز للحدود المصرية الفاصلة.

قال الرئيس:

- ولقد أرسلنا برقية احتجاج رسمية للإسرائيليين.

أومأ مدير المخابرات برأسه، قائلاً:

- هذ ا ما تضمنّه البيان الرسمي أيضاً يا سيادة الرئيس.

هزَّ الرئيس رأسه في ارتياح، ثم استعاد شيئاً من توتره، وهو يقول:

- في حديثي مع الرئيس الأمريكي، أخبرني أن مخابراته قد أبلغته معلومة مؤكّدة، تقول: إننا لم نتخلص من الفضائي والمركبة الفضائية حقاً، ولكننا مازلنا نحتفظ بهما.

سأله مدير المخابرات في قلق:

- وبم أجبته يا سيادة الرئيس؟!

أجابه الرئيس، مشيراً بيده:

- لم أُجب بأي شيء... فقط طلبت منه في غضب أن يكفوا عن دسّ أنفهم في شئوننا.

قال مدير المخابرات:

- هذا قد يعني رداً بالإيجاب.

أجابه الرئيس في صرامة:

- أو رداً بالسلب أيضاً.

غمغم مدير المخابرات:

- بالتأكيد.

ثم شدّ قامته، وهو يضيف في حزم:

- ولكن هذا يعني إغلاق الموقف... مؤقتاً على الأقل.


اعتدل الرئيس، ومال نحوه، يسأله:

- ولكن ماذا عن رجالنا؟!... ما الذي توصلوا إليه، بشأن تلك المشكلة الفضائية؟!..

التقط مدير المخابرات نفساً عميقاً، وأجاب:

- وفقاً لآخر ما بلغني من معلومات، يبدو أننا نوشك على تلقي مفاجأة يا سيادة الرئيس... مفاجأة لم نتوقعها... أبداً.

لقد أخبرك زميلي أنه من المفترض ألا يوجد خصوم هنا





"هذا الفضائي أتى إلينا، من كوكب يبعد عنا ملايين السنوات الضوئية...".

ألقى (تروتسكي) العبارة في ثقة، في تلك اللحظة نفسها، فحدَّق فيه (جو) ورجل الأمن في دهشة، وقال الأوَّل:

- أي قول عجيب هذا؟!... السنة الضوئية هي مقدار ما يقطعه الضوء في سنة كاملة، ولو عَلِمنا أن المسافة التي يقطعها الضوء، في الدقيقة الواحدة هي 299792458 متراً؛ فما بالك بما يقطعه في الساعة الواحدة، أو اليوم الواحد... هل يمكنك والحال هكذا، أن تتخيل المسافة التي يقطعها خلال عام كامل؟!

أجابه (تروتسكي)، في لهجة تفوح برائحة التحدَّي:

- وهل يمكنك أنت أن تتخيل، أن تلك الفقاعة، التي تحدَّث عنها هذا الكائن، قد نقلته عبر الزمان والمكان إلينا.

قال (جو)، في تحدّ مماثل:

- وحتى لو افترضنا هذا؛ فكيف تفسر رصده لكوكبنا، ووصفه له على نحو، انتهى منذ ملايين السنين؟!

هزَّ (تروتسكي) رأسه في وقار، وقال:

- لاحظ أنهم على كوكبه، كانوا يرصدون الصور التي تصلهم، عبر عدة سنولت ضوئية، أي أنهم في الواقع، يرون عندهم ما خرج من الأرض منذ ملايين السنين، ومن الطبيعي أن هذا ما يرصدونه، في هذه الحالة.

كان التفسير علمياً تماماً، ولكن رجل الأمن عجز عن استيعابه؛ فقال في عصبية:

- أريد تفسيراً يمكنني أن أورده في تقريري.

التفت إليه الاثنان في آن واحد، وهتفا في حدة:

- هذا ما ينبغي أن تورده في تقريرك.

قال رجل الأمن في صرامة:

- تقاريرنا لا تحوي استنباطات واستنتاجات... إنها تحوي الحقائق فقط.

أشار (جو) بسبابته، قائلاً:

- وهذا ما نحاول التوَّصل إليه.

عقد (تروتسكي) كفيه خلف ظهره، وقال في حزم:

- إنه الحقيقة... خذها مني واثقاً.

كان الفضائي ينقل بصره بينهما طوال حديثهما، في توتر ملحوظ، ثم لم يلبث أن تدخّل قائلاً في حزم:

- لماذا لا تشركونني في محاوراتكم؟!..


ترجم (جو) العبارة، ثم قال في توتر:

- أظنّه على حق.

بدا رجل الأمن شديد التوتر والعصبية، وهو يقول:

- هل سنستعين به؟!

سأله (تروتسكي):

-ولم لا؟!

أجابه في سرعة:

- لأنه الـ...


بتر عبارته دفعة واحدة، وانعقد حاجباه في شدة، فأكمل (جو) في عصبية وضيق:

- لأنه الخصم... أليس كذلك؟!


أشاح رجل الأمن بوجهه في عصبية، في حين قال (تروتسكي) في دهشة:

- خصم؟!... المفترض أنه لا خصوم هنا.

أجابه (جو)، وهو يرمق رجل الأمن بنظرة مقت:

- هكذا رجال الأمن دوماً... من لا يعمل لحسابهم فهو خصم، فما بالك بكائن قادم من الفضاء الخارجي.


قال (تروتسكي) في حدة:

- هذا تفكير مرضي.


بدا رجل الأمن محنقاً، وهو يلتفت إليهما، قائلاً في حدة:

- هل سنواصل الحديث فحسب، أم سنفعل شيئاً في هذا الشأن؟!


تبادل (جو) و(تروتسكي) نظرة صامتة، ثم قال الأوَّل في حزم:

- لقد أخبرك زميلي أنه من المفترض ألا يوجد خصوم هنا.

سأله رجل الأمن في توتر:

- ماذا تعني بهذا؟!

أجابه بنفس الحزم:

- أن نستعين بصديق.

وقبل أن يستوعب الرجل ما يعنيه (جو)، كان هذا الأخير يقول للفضائي، عبر وسائل الاتصال:

- زميلي لديه تفسير لموقفك، أردت أن أعرضه عليك.

والعجيب أن رجل الأمن لم يعترض، و(جو) يشرح للفضائي نظرية (تروتسكي)، و(موجال) يستمع إليه في انتباه واهتمام شديدين، ثم لم يلبث أن هزّ رأسه نفياً، في قوة وعصبية؛ فغمغم رجل الأمن، في لهجة أقرب إلى الشماتة والسخرية:

- يبدو أنه يرفض نظريتك.

قال الروسى في عصبية:

- إنها التفسير الوحيد.

ولكن (موجال) كان يتحدث على نحو عجيب في هذه اللحظة...
كان يتحدث في انفعال...
وفي عصبية...

وكان من الواضح أن ما سمعه قد أثاره بشدة...
وأنه ينفيه أيضاً...
وبمنتهي الشدة...

وفي اهتمام قلق، سأله (جو):

- ما تفسير ما رصدته في كوكبك البعيد إذن؟!

هزَّ الفضائي رأسه نفياً في قوة، وهتف:

- كوكبى ليس بعيداً كما تتصورون.

انعقد حاجبا (تروتسكي) في شدة، وتساءل في شيء من العصبية:

- هل تعني أن كوكبك قريب منا؟!


ترجم (جو) الكلمات للفضائي، فأجاب في عصبية:

- لقد أثارني هذا وأدهشني، مثلما أثاركم وأدهشكم؛ فقد كنت مثلكم، أتصور أن كوكبي بعيد للغاية عنكم؛ خاصة وأنكم أول وجود عاقل نرصده، ولكن تلك الخريطة أصابتني بارتباك شديد، فكوكبي في الواقع هو هذا.

قالها، وهو يشير بسبابته إلى كوكب ما...

وبمنتهي اللهفة، اتجهت كل العيون إلى حيث أشار...
ثم اتسعت عن آخرها في ذهول...

فقد كان من المستحيل تماما أن يأتي من ذلك الكوكب، الذي أشار إليه...
من المستحيل تماماً...
تماماً...

**************



هتف (تروتسكي) بالعبارة في ذهول مستنكر




هتف (تروتسكي) بالعبارة في ذهول مستنكر، وهو يحدَّق في ذلك الكوكب، الذي أشار إليه (موجال)، في حين اتّسعت عينا (جو) عن آخرهما، وهو يغمغم في انبهار:

- المريخ؟!..

هزَّ رجل الأمن رأسه نفياً في عصبية، وهو يقول:

- كاذب... لا توجد حياة عاقلة على المريخ... هذا ما أثبتته كل الدراسات.

غمغم (تروتسكي)، ولم يفارقه ذهوله بعد:

- في أي زمن؟!..

التفت إليه رجل الأمن في حركة حادة، ولكن (جو) قال، وكأنه يحدّث نفسه الذاهلة:

- المريخ... "مارس" كما يسميه القدامى... أو (ميروز) كما أسماه هو... المريخ الذي رصدوا تمثالاً لوجه شبه بشري على سطحه، والذي تشير قنواته إلى أنه كان يوماً مأهولاً بمخلوقات عاقلة، لم يكتب لها الاستمرار.
. *حقيقة علمية*

غمغم (تروتسكي) مضيفاً:

- أقرب الكواكب إلينا، في مجموعتنا الشمسية.

كان من الواضح أن (موجال) يتابع حديثهما، ويستوعب جزءاً كبيراً منه، فقد قال عبر أجهزة الاتصال:

- عندما خرجت بعثة الإعمار من كوكبي، كانت تستهدف كوكبكم، باعتباره أقرب الكواكب إلينا، وكانت لدينا خطة لجعله صالحاً لحياتنا؛ خاصة وأنه كان يبرد تدريجياً، ويحوي غلافاً جوياً مناسباً.


قال (تروتسكي) يحاوره:

- ولكن تلك الفقاعة الزمنية المكانية، قفزت بكم ملايين السنين إلى المستقبل.

تمتم (جو) مضيفاً:

- إلى حاضرنا.

أشار (تروتسكي) بيده مكملاً:

- ولكن المركبات الباقية وصلت إلى الأرض.

بدا (جو) محتقن الوجه، وراح عرق بارد يتصبب على وجهه، وهو يقول، في كلمات مرتجفة:

- من هنا كان التشابه، بينك وبين ما وصفناه بالإنسان الأوَّل على الأرض... وتشابه صفاتك الجينية، مع الصفات البشرية القديمة.

بدا رجل الأمن شديد الاضطراب، وهو يقول:

- مستحيل!... ما تقولانه مستحيل!... الحياة على الأرض لم تأت من كواكب أخرى.


أجابه (جو) كالحالم:

- ولكنها امتزجت بحياة من كواكب أخرى.

هتف رجل الأمن في عصبية:

- لا يوجد دليل واحد على هذا.

أشار (تروتسكي) إلى (موجال)، وقال:

- وماذا عن هذا الواقف أمامك؟!

تضاعف اضطراب رجل الأمن وتوتره، وهو يحدَّق في (موجال)، قائلاً:

- لا يمكنني أن أورد هذا في تقريري.

قال (جو) في خفوت:

- أهذا كل ما يهمّك؟!..


تمتم رجل الأمن، وقد بدا كرجل بائس ضائع:

- لن يصدّقني أحد.

غمغم (تروتسكي):

- هذه مشكلتهم.

ولم يجب رجل الأمن هذه المرة...
فقط اتسعت عيناه عن آخرهما...
وجفّ حلقه في شدة...
وسرت برودة قاسية في أطرافه...

ولما يزيد عن دقيقة كاملة، بدا كالتمثال الرخامي البارد، وهو يحدّق في (موجال)، ويتساءل في أعماقه:

- أهذا ممكن؟!...

وظل تساؤله حائراً في أعماقه طويلاً...
بلا جواب...

* * *

من الواضح أن الحياة لن تكُفّ عن إدهاشنا أبداً يا سيادة الرئيس





" ومن يمكن أن يصدق هذا..."

غمغم بها مدير المخابرات المصرية، في حضرة رئيس الجمهورية، الذي هزَّ رأسه، قائلاً:

- وأنا الذي كنت أتصوَّر أنني قد واجهت كل عجائب الحياة.

أشار مدير المخابرات بيده، قائلاً:

- من الواضح أن الحياة لن تكُفّ عن إدهاشنا أبداً يا سيادة الرئيس.

أومأ الرئيس برأسه إيجاباً، وقال:

- هذا صحيح.

ثم اعتدل يسأل مدير المخابرات في اهتمام:

- ولكن ماذا سنفعل بذلك الفضائي؟!

أجابه مدير المخابرات في سرعة، وكأنه أعدّ الجواب مسبقاً:

- من الواضح، شئنا أم أبينا، أنه أحد أسلافنا، وعلى الرغم من هذا؛ فنحن مضطرون إلى إخفاء هذه الحقيقة، وكتمانها عن الجميع بلا استثناء.

قال الرئيس في حزم:

- هذا لا يجيب سؤالي... ماذا سنفعل به؟!..

صمت مدير المخابرات لحظة، ثم أجاب في بطء:

- سنحتفظ به.

اعتدل الرئيس، يسأله في صرامة:

- أتعني أن نعتقله؟!..

تردد مدير المخابرات لحظة، ثم قال:

- ليس اعتقالاً بالمعنى المعروف؛ ولكنه سيتعاون مع فريق من كبار العلماء؛ لينقل إليهم كل معلوماته، وكل ما يعرفه عن زمنه، وتاريخه، وتكنولوجيا عصره... وحتى عن كوكبه، قبل أن يصيبه ما أصابه.

لوَّح الرئيس بيده، قائلاً:

- وما سيصيبنا، لو واصلنا التفكير بهذا الأسلوب.

ثم مال إلى الأمام، مضيفاً في صرامة:

- أليس هذا ما حذّرنا منه؟!..

صمت مدير المخابرات طويلاً، قبل أن يجيب في بطء:

- حتى لو علمنا يا سيادة الرئيس؛ فمع التحدّيات والمخاطر، التي تحيط بنا، لست أظننا نمتلك الخيار... لا سبيل أمامنا سوى مواصلة أسلوبنا، بغضّ النظر عما قد يقودنا إليه.

زفر الرئيس في توتر، وهزَّ رأسه، وكأنه مضطر لقبول هذا الجواب، ثم عاد يسأل في اهتمام:

- وماذا عن أولئك المدنيّين الذين استعنّا بهم؟!..

أجابه مدير المخابرات في حسم:

- لقد وقّعوا إقراراً، يمنعهم من البوح بحرف واحد يا سيادة الرئيس.

قال الرئيس في ضيق:

- المدنيّون لا يُجيدون كتمان الأسرار.

قال مدير المخابرات في حزم:

- وحتى لو باحوا يا سيادة الرئيس.

صمت لحظة، ثم أضاف بابتسامة هادئة واثقة:

- فمن سيصدقهم؟!..


قالها، واتسعت ابتسامته...
كثيراً...

* * *

ثلاثة شهور مرّت على ذلك اليوم، عندما سارت (إيناس) مع (جو) في شوارع مدينة (الرحاب)، وهي تتأبّط ذراعه، وتتشبث به في قوة، وكأنها تخشى أن تفقده، ولاذ هو بصمت تام، وهو يسير معها إلى منطقة المطاعم؛ حيث جلس لفيف من أصدقائهما يتسامرون...

وفور رؤيتهما، هتف أحد الأصدقاء في ترحاب:

- (جو)...(إيناس)... أين انتما؟!... افتقدناكما كثيراً في الفترة الماضية... هل سافرتما إلى مكان ما أم ماذا؟!...

لم تُجِب (ايناس)، وهي تزداد تشبّثاً بـ(جو) الذي غمغم:

- تقريباً.


كانت أوَّل مرة ينضمّان فيها إلى أصدقائهما، في تلك النزهات الليلية، منذ عادا من ذلك الموقف، ولقد لاذ كلاهما بصمت تام، حتى بعد حضور (عماد) و(أشرف)، اللذيْن شاركاهما صمتهما، في حين راح الآخرون يضحكون ويتسامرون كالمعتاد، حتى هتفت إحدى الصديقات في حماس:

- انظروا... إنه شهاب كبير... والدتي أخبرتني أن أتمنى أمنية، كلما رأيت واحداً.

أطلق صديق آخر ضحكة كبيرة، وقال:

-وماذا لو أنهم غزاة من كوكب آخر؟!... ألم تشاهدي فيلم "يوم الاستقلال"... أو "حرب الكواكب".

انفجر الجميع ضاحكين لدعابته؛ فيما عدا (جو) و(ايناس)، و(عماد) و(أشرف).

فقط أربعتهم تبادلوا نظرة صامتة متوتّرة، وفي عقل كل منهم يدور سؤال واحد في إلحاح...
تُرى هل هناك من يمكن أن يصدّق روايتهم؟!...
هل؟!...


تمت بحمد الله



 
 

 

عرض البوم صور amedo_dolaviga   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
القادم, د.نبيل, فاروق, نبيل, قصة, قصيرة
facebook




جديد مواضيع قسم السلاسل الأخرى
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 03:51 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية