5- من يلعب بالنار يحترق
عندما عاد المركب من التجوال حول الجزر الألف , كان المساء أقبل , فبّدل كريس وسامنتا ثيابهما أستعدادا لتناول طعام العشاء.
وكانت سامنتا لا تزال منشغلة البال وتتساءل لماذا لم يقبل كريس بتلبية طلبها أن يتوقف المركب ولو لوقت قصير.
وكان كريس جالسا أمامها ألى الطاولة , فراحت تتأمله لعلها تجد الجواب ,ولاحظ كريس أنها تتأمله , فأخذ هو أيضا يتأملها , وبعد فترة من الصمت قال لها:
" الهدوء رائع هنا".منتديات ليلاس
فأجابت في الحال:
" نعم , هو رائع حقا!".
ومع أن كريس كان واسع الغنى ألا أنه كان يرتدي ثيابا بسيطة لا تبرز قامته الممشوقة و وخصوصا كتفيه , غير أن تلك الثياب كانت ,مع ذلك, جذابة.
وتأوهت سامنتا وهي تنهض عن كرسيها , فقال لها كريس وقد نهض هو الآخر عن كرسيه:
" أما زلت قلقة كليلة أمس".
فأعترفت له بذلك , فقال لها:
" أذا كان الأمر كذلك فأنا أقترح أن نتمشى بعض الوقت قبل منتصف الليل , لئلا يحدث لك كما حدث الليلة الماضية".
فأجابته سامنتا :
" فكرة حسنة".
ولما خرجا ألى الشرفة , تطلّع كريس حوله وقال لها:
" أتفضلين أن تسيري فقط , أم أن هنالك مكانا تريدين أن نذهب أليه؟".
وترددت سامنتا قليلا في الجواب ثم قالت:
" دعنا نذهب ألى الشرفة ذات الشبابيك".منتديات ليلاس
فوضع كريس يده برفق حول خصرها وقادها في اممر الذي سارت فيه ليلة البارحة , فلم تحاول أن تبتعد عنه لأنها شعرت بدفء يده يسري في عمود ظهرها.
وحين وصلا ألى الشرفة أختارت سامنتا المكان الأقرب ألى حافة النهر , كانت مياه النهر رائعة وهي تستعد لأستقبال الظلام , فأخذت تتأملها بصمت وشرود ذهن.
ولاحظ كريس شيئا من الكآبة على وجهها , فقال لها:
" هل هناك ما يزعجك يا سامنتا؟".
فأجابته :
" لماذا تسألني هذا السؤال؟".
فقال لها بجدّ وأهتمام:
" يبدو لي كأن شيئا ما يشغل بالك".
فهزت سامنتا كتفيها كمن يستخف بأهمية الموضوع , وقالت:
" هل هناك أحد في العالم خالي البال؟".
ووجدت سامنتا أن من الصعب عليها أن تفكر تفكيرا سليما وهو ألى قربها , وأصبح هذا الأمر أكثر عوبة حين قوّم ظهره كمن يريد أن يلقي نظرة تشمل جميع تفاصيل وجهها .
وتظاهرت سامنتا بعدم المبالاة , فمالت برأسها ألى الوراء وأخذت تحدق ألى السماء عبر ظلام الليل , وكانت النجوم بدأت تسطع حول القمر البهي , فبعث هذا المشهد في نفسها توقا ألى المناجاة , فتأوهت عن غير أرادة منها , فقال لها كريس:
" هل قضيت وقتا ممتعا اليوم؟".
فأجابته بحماسة مفتعلة :
" نعم , كيف لا وهذه الجزر جميلة للغاية".
وهبّ من النهر نسيم داعب شعرها وأسقط منه خصلات فوق خديها , فرفعت يدها لتزيحها , ولكن أصابع كريس كانت قد سبقتها وبدأ تزيح تلك الخصلات ألى ما وراء أذنيها وفوق عنقها, وأستسلمت أليه سامنتا بادىء الأمر , ولكنها خافت أن يكون في سرعة أستسلامها ما يحمله على الظن بخفتها وطيشها , فقالت له:
" عندما قبلت بالمجيء معك ألى هنا لم أكن أريد أكثر من التنزه والتمتع بسحر الليل والهواء المنعش".
فأجابها كريس:
" ما فعلته لم يكن نزوة عابرة".منتديات ليلاس
وأطبق مرة أخرى يطوقها بذراعيه القويتين وهو يقول:
" يجب أن نعود ألى البيت , قبل أن...........".
فلم تدعه سامنتا يكمل كلامه , بل أفلتت منه بلطف .
وفي طريق عودتهما ألى البيت , أحست سامنتا وهو يلقي ذراعه فوق كتفيها أن شيئا ما صلب تحت سترته , ولكنها تذكرت أنها رأته في الليلة الفائتة يخبىء مسدسا هناك, فتساءلت في نفسها عنا يحمله على عدم مفارقة هذا السلاح , أيكون لحماية البيت من اللصوص ؟ كلا, فهيلم تجد أن خطر اللصوص مداهما ألى هذا الحد , أذن , لماذا ؟
وأقتربا من البيت وكان مضيئا , ولكن سامنتا تعثرت وسقطت عند المدخل فأمسك كريس بها ورفعها وهي تطلق آهة ألم , ثم أتجها نحو غرفة الأستقبال حيث وقفت سامنتا أمام المدفأة وظهرها ألى كريس , ومع أنه كان بعيدا عنها ألا أن حضوره في تلك الغرفة لم يكن أقل وطأة على عواطفها مما كان عليه حين طوّقها بذراعيه.