وتوخت سامنتا , في باديء الأمر , أن تجد لها رجلا ثريا ووجيها كوالدها , وبذلك لا تعود تعاني مشكلة كونها أبنة روبن غنتري , وبالفعل ,فأنها خطبت رجلا كهذا وهي في الثامنة عشرة من عمرها , ولكن خطبتها لم تدم أكثر من شهر واحد , وذلك لسببين : الأول هو أنها أكتشفت أن امال يطلب مزيدا من المال , فكان خطيبها يعتبر علاقته بها علاقة تجارية بوالدها , والسبب الثاني هو أنها لم تكن تحبه.منتديات ليلاس
ومكان من تأثير فسخ خطبتها تلك أنها وصعت حدا لأي خطة ترمي الى أيجاد رجل في حياتها , حتى أنها أخذت تقنع نفسها بمحاسن حياة ( العزوبية) في عصر لم تعد فيه حياة من هذا النوع فضيحة وعارا.
وكان روبن غنتري يعي العبء الثقيل الذي تحمله سامنتا لكونها أبنته ,ولكنه لم يذكر ذلك سوى مرة واحدة , حين فسخت خطبتها وشرحت له السبب , فأقترح عليها آنذاك أن تختار رجلا مغمورا , كما أنه ألمح الى كونه لا يمانع أذا هي غيرت أسمها.
على أن سامنتا رفضت في الحال وقالت لأبيها:
" أنا لا أخجل أن أكون أبنتك".
وأذا كانت في ذلك الصيف لم تعلن عن هويتها , فلأنها أرادت أن تعمل في جزيرة صغيرة من دون أن تلحقها الشهرة كالمعتاد.
وفيما هي غارقة في مثل هذه الأفكار , أخذت تبتسم حين تذكرت أن أهم خبر يمكن أن يحتويه عمود ( أخبار المجتمع) الذي تطبعه هو أنها لم تكن سامنتا جونز كما أعلنت , بل سامنا غنتري دون سواها.
ولاحظت بيث أبتسامتها فأرادت أن تعرف لماذا كانت تبتسم , فأجابتها:
" لأنني أتخيل ردة فعل القراء أذا أنا نشرت الحقيقة!".
قالت هذا الكلام من دون أن تشرح ما تعنيه بالضبط .منتديات ليلاس
ولكن بيث لم تستوضحها , وأنما تابعت تقلبات صفحات المجلة التي على الطاولة أمامها , ألى أن وقع نظرها على مقال أسترعى أهتمامها , فقالت لسامنتا:
" أسمعي , سأقرأ ما جاء في برجي لهذا الشهر: سيكون شهر حزيران ( يونيو ) هادئا ومليئا بالدفء والضحك , ستقضين العطلات الأسبوعية في رحلات ممتعة , ولكن غير بعيدة , أصدقاؤك المخلصون سيكونون مصدر فرح لك".
وتأوهت بيث لأنه لم يرد شيء عن الزواج , ثم سألت سامنتا أذا كانت تريد أن تقرأ لها برجها و فأجابتها بأنها لا تبالي بالأبراج ,ولا تأخذها بعين الأعتبار والجد .
غير أن بيث قرأته , وهذا ما ورد فيه:
" حزيران سيكون شهرا محيرا , حذار من غرباء يدخلون حياتك , قد لا يكونون كما يظهرون , تحققي من الوقائع قبل أن تثقي بحدسك ,السفر غير محمود العاقبة".
فضحكت سامنتا وقالت:
" سأخبر صاحب العمل بالأمر ..... أقنعته بعد جهد جهيدأن يسمح لي بكتابة مقال عن تلك السيدة في المدينة المجاورة لمناسبة ذكرى ميلادها المئة , والآن يجب أن أعلمه أنني لن أكتبه لأن برجي يقول أن السفر غير محمود العاقبة!".
فقالت بيث :
" هذا يغضبه غضبا شديدا".
فصاحت بها سامنتا:
" لا أظنك تصدقين كلام الأبراج , فهو هذر بهذر!".
فلم يرق لبيث هذا الرأي الجازم فقالت:
" هذه التنبؤات صحيحة كل الصحة!".منتديات ليلاس
فتعجبت سامنتا لهذا الأصرار على تصديق مثل تلك الخزعبلات , ولكنها لم تكن مستعدة للدخول في نقاش حول هذا الموضوع , فما كان منها ألا أن ألتفتت الى الورقة الموضوعة في الآلة الكاتبة , وراحت تضرب المفاتيح بعزم وعناد.
وحين أنتهت من طبع عمود ( أخبار المجتمع) , أخذت تدقق في سلامته من الأخطاء المطبعية , وفيما هي تفعل ذلك , فتح الباب الخارجي ودخل رجل طويل القامة, قاتم شعر الرأس , فلما رأته سامنتا أسترعى أنتباهها وأهتمامها جدا.
وعلى الرغم من أنها لم تقض في تلك المدينة أكثر من شهر , ألا أنها عرفت بالحدس أن ذلك الرجل كان غريبا.
ومشى الرجل بخطوات ثابتة الى حيث تجلس بيث وراء طاولة كانت , الى جانب كونها طاولة أستقبال , مخصصة لقسم الأعلان , وخيل لسامنتا أن وراء ثبات خطواته عافية جسدية رائعة.
وتوقف الرجل أمام الطاولة وقال لبيث:
" أنا أبحث عن سامنتا...".
فقاطعته سامنتا قائلة:
" أنا سامنتا جونز ".
فأستدار الرجل بسرعة نحوها عند سماع صوتها , وكانت غريزته قد دلته على أنها كانت تراقبه منذ اللحظة التي دخل فيها الى الغرفة.منتديات ليلاس
ونهضت سامنتا من وراء طاولتها , فأبتسم لها الرجل وسار في أتجاهها وهو يقول:
" صورتك التي على طاولة والدك لا تعطيك حقك , يا آنسة جونز".
وأدركت سامنتا من نبرة صوته أنه جاء لمقابلتها بصفتها أبنة روبن غنتري لا بصفتها محررة في الصحيفة , كما أدركت أنه لا بد أن يكون من معارف والدها.