ورفضت أن تعترف بصدق أية كلمة قالها بليك , وحاولت جاهدة أن تحتفظ بشعور العداء نحوه , فبدون هذا العداء كانت بدون دفاع أمامه , وعبّرت عن أفكارها بصوت مرتفع وقالت شاكية:
" أن الوضع على هذه الحال منذ عدت".
" كنت أعرف عندما أكتشف الجميع عودتي الى الحياة أنها ستكون صدمة , ولم أتصوّرها صدمة سارة".
وتنهد بليك بدعابة ساخرة وأضاف قائلا:
" وفي حالتك كنت مخطئا , كانت صدمة قبيحة ولم تفيقي منها حتى الآن!".
ولمست دينا المرارة الكائنة في نبرة صوته وأحسّت بالذنب , وحاولت أن تشرح الوضع فقالت:
" كيف تصوّرت شعوري؟ كنت سيدة نفسي , وفجأة عدت أنت , وحاولت أن تبتلعني في شخصيتك".
" وكيف تريدين أن أتصرف عندما حرصت على أن تتحديني كل دقيقة منذ عدت!".
كان ردّه سريعا , وقد أثار دفاعها عن نفسها غضبه الشديد , ولكنه لم يلبث أن سيطر على أعصابه وقال :
" يبدو أننا تعثرنا فوق قلب مشكلتنا ,فلنحاول أن نجري نقاشا متحضرا ونجد حلا".
منتدى ليلاس
" متحضرا".
قالت دينا هذا وضحكت بمرارة , ثم أضافت :
" أنك لا تعرف معنى الكلمة , لقد قضيت وقتا طويلا جدا في الأدغال , ولست متحضرا حتى بالطريقة التي تطارحني بها الحب!".
ولاح الشرر في عيني بليك , وأبيضّت العضلات فوق فكه من محاولة السيطرة على أعصابه:
" أنت تلمسين الوتر الحساس كل مرة!".
قال هذا وهبّ واقفا في حركة قوية واحدة , وقفز قلب دينا الى حلقها , كانت قد أثارت حيوانا لا تستطيع السيطرة عليه , وخطت خطوة الى الوراء , ثم أستدارت وأتجهت نحو الباب , ولكن بليك أعترض طريقها وأدارها نحوه , وأحاطها بذراعيه ,وضمّها بقوة الى جسده الطويل.
وسرت لمسته في جسمها وكأنها صدمة كهربائية , ولم تعد تستطيع الحركة , أو أبداء ذرّة من المقاومة عندما عانقها طويلا وبشدة وكأنه يعاقبها! وبدت بلا حياة ولا أنفاس ألا ما أعطاها من غضب.
أن الغضب يحتاج الى وقود حتى يظل مشتعلا , ولم تعطه دينا أي وقود ,وشيئا وشيئا خفف الضغط الوحشي ورفع رأسه قليلا , وفتحت عينيها وحملقت في عينيه القاتمتين المتألقتين وهي تكتم أنفاسها , كانت أنفاسه الدافئة تلفح وجهها وأخذ يتحسس بيده شعرها الذهبي , ويزيحه بعيدا عن خدها , وسـألها بصوت أجش :
" لماذا تكشفين دائما عن أسوأ شيء فيّ؟".
وهمست دينا قائلة :
" لأنني لن أدعك تسيطر عليّ بالطريقة التي تسيطر على أي شخص آخر".
وشعرت برجفة جسمه القوي وأحست بنفس الرجفة في جسمها , وقبّل طرف شعرها ثم قال :
"هل تشعرين بشعور القوة عندما تعرفين أنني أفقد السيطرة على أعصابي معك؟".
وعانقها مرة أخرى وقال :
" أنك الشخص الوحيد الذي يستطيع أن يجعلني أنسى العقل !".
" صحيح؟".
هكذا قالت دينا وقد بدأ الشك في صوتها لأنه بدا مسيطرا تماما على أعصابه في تلك اللحظة , وهي التي كادت تفقد عقلها!
" كان لديّ وقت طويل للتفكير وأنا أحاول أن أشق طريقي وأخرج من جحيم الغابة , وكنت دائما أتذكر مشاجراتنا العنيفة التي تبدأ من أشياء تافهة , وقلت لنفسي أذا نجحت وعدت فأن هذه المشاجرات ستكون شيئا من الماضي , ومع ذلك بعد أن رأيتك بساعات قليلة فقط بدأ كل منا يمسك بتلابيب الآخر !".
" نعم......".
وأومأت دينا برأسها , وكأنها تعتقد أن حركتها محاولة لتهرب منه , ولكن بليك أمسك ذقنها حتى يظل رأسها في مكانه , وأطبق عليها ببطء....... كانت مشاعرها أشبه بشعلة تتوهج وتزداد حرارة شيئا فشيئا , وذابت دينا أمام حرارتها , وسمعت دقات قلبها تدوّي في أذنيها بينما بدأ وهج الشعلة يسري في جسمها .
منتدى ليلاس
وقبل أن تستسلم تماما لرغبتها حاولت أن تتخلص من قبضته , كانت تعرف ماذا يريد هو وماذا تريد هي ولكن كان لا بد أن تنكر ذلك , وقالت:
" كلا يا بليك , لن تفلح محاولاتك بعد المرة الأخيرة!".
وكرر كلماتها :
" المرة الأخيرة؟".
وأبتعد قليلا , وأرتجفت بضعف , ولم تجد القوة لتبتعد عنه , ومضى بليك يقول :
" كنت أكرهك لأنك خطبت لشت , معتقدة أنني مت , وأكره نفسي لأنني لم أستطع أن أتركك بعد أن طلبت مني أن أبتعد ,ولكن هذه المرة مختلفة".
" كلا .......... لا أستطيع".
ومع ذلك أحست بالسعادة من لمسة يديه.