وأسودت عيناها الزرقاوان من الغضب , وأستدارت بسرعة وسارت نحو الغرفة الخاصة , ولم تحاول أن تطرق الباب ولكنها دفعته فقط فأنفتح ودخلت الغرفة .
كان بليك جالسا خلف المكتب الكبير المصنوع من خشب الجوز , وأن هذا مكتبها هي , ورفع وجهه عندما دخلت , وفقدت أعصابها عندما رفع حاجبيه بطريقة متغطرسة متسائلة !
وسألته:
" ماذا تفعل هنا؟".
وأجاب بليك بهدوء مثير:
" كنت على وشك أن أوجه لك السؤال نفسه!".
وردت دينا بغضب:
" أعتقد أن هذا مكتبي , وهذه الفتاة في الخارج سكرتيرتي أنا!".
ولمحت بعينيها الثائرتين الأوراق بين يديه , وأدركت أنها تشمل الملاحظات التي كانت ستراجعها بشأن أجتماع المسؤولين بعد ظهر اليوم , وأستطردت قائلة:
" وهذه أوراقي أنا".
وأتكأ الى الوراء في المقعد الدائري وهو يتابع نوبة غضبها بأنفعال قليل , ولوّح بيده في حركة شاملة وقال:
" كان أعتقادي أن كل هذا يخص الشركة".منتدى ليلاس
وقالت تذكره :
" والواقع أنني أنا المسؤولة عن الشركة".
وصحّح بليك كلامها بقوله:
" كنت مسؤولة عن الشركة , أما الآن فأتولى أمورها".
كانت ترتجف بعنف الآن ولم تعد تستطيع السيطرة على غضبها , وحاولت جاهدة أن يظل صوتها خفيضا حتى لا تكشف له مدى ما سببه لها من ضيق , وقالت مكررة :
" أنت تتولى أمورها؟ هكذا بكل سهولة؟".
وطرقعت أصابعها:
وهزّ بليك كتفيه وأمسك بعض الأوراق على المكتب وقال:
" لقد أنتهت مهمتك , وقد قمت بها على نحو رائع , وهذا واضح من كل ما رأيته هذا الصباح".
كان هذا هو المديح الذي أرادت أن تسمعه ولكنه لم ينقل اليها بالطريقة التي كانت تريدها , ولذلك لم يبعث السعادة أو الرضى في نفسها و وهكذا لم تشعر ببهجة نجاحها , وسألته:
" وما المفروض مني أن أفعل؟".
" تذهبين الى البيتوتعودين الى مكانك , زوجتي".
كان العبوس يبدو على ملامحه الخشنة التي لفحتها الشمس وكأنه لا يفهم سبب غضبها.
وقالت دينا متحدية:
" وماذا أفعل؟ أجلس مسترخية وألف أبهاميّ حول بعضهما طوال اليوم حتى تعود الى البيت ؟ ديدر تقوم بأعمال البيت من طهو وتنظيف , أنه منزل أمك يا بليك , ولا يوجد لي عمل هناك!".
" أذا أبدأي الآن في البحث عن شقة لنا , وهذا أفضل ,كانت هذه رغبتك من قبل , أن يكون لنا منزل خاص بنا , تستطيعين تزيينه وتأثيثه بالطريقة التي تحبينها ".
كان جزء منها لا يزال يرغب في ذلك , ولكن هذه الرغبة لم تعد القوة الدافعة في حياتها , وقالت:
" كان هذا من قبل يا بليك , لقد تغيرت...... وحتى أذا حدث وأصبح لنا بيت وقمت بتأثيثه وترتيبه بالطريقة التي أحبها , ماذا أفعل بعد ذلك؟ هل أجلس بلا عمل وأبدي أعجابي بما حولي ,كلا.... أنني أحب عملي هنا وأستمتع به ,أنه عمل جاد مجد".
كان يجلس في كرسيه يراقبها بعينين ضيقتين , وقال لها:
" أن كلامك معناه أنك تستمتعين بالسلطة التي تصحب هذا العمل".
" نعم , أستمتع بالسلطة".
هكذا أعترفت دينا بدون تردد , وبدت لمحة من التحدي في صوتها المشدود , وأضافت:
"أنني أستمتع بالتحديات والمسؤوليات أيضا , والرجال لا يحتكرون مثل هذه الأأحاسيس".منتدى ليلاس
وسألها بليك :
" ماذا تقترحين يا دينا ؟ هل تريدين أن نعكس دورينا وأصبح أنا المشرف على البيت؟ فأبحث عن المنزل وأقوم يتزيينه وتنظيفه والترحيب بالضيوف؟".
" لا , أنني لا أقترح ذلك".
كان الأضطراي يمزقها ولم تعرف ما هو الحل.
وعاد بليك يقول:
" ربما تريدينني أن أقوم برحلة أخرى بالطائرة الى أميركا الجنوبية , وفي هذه المرة لا أحاول العودة!".
" لا , لا أريد ذلك ولا تحاول تحريف كلماتي !".
وتدفّقت الدموع الحارّة من عينيها , ولم تعد تستطيع السيطرة على الأضطراب العاطفي داخلها , وأشاحت بوجهها بعيدا وهي تطرف بشدة على الدموع وتحاول أن تحبسها قبل أن يراها بليك.
وأنذرها صوت الكرسي الدائري بينما نهض بليك واقفا وأقترب منها كانت رئتاها تنفجران ولكنها خائفة من أن تأخذ نفسا خشية أن يبدو مثل نشيج بكاء!
وقال يتهمها بنفاذ صبر:
" هل هذه هي الطريقة التي تواجهين بها خلافا في العمل؟".
كانت دينا تدرك أنه يقف بجانبها , وحرصت أن تحوّل وجهها بعيدا عنه حتى لا يرى الدموع في عينيها , وقالت كاذبة:
" لا أعرف ماذا تقصد".
وأطبق أبهامه على ذقنها وأدارها نحوه حتى يستطيع أن يرى وجهها وقال:
" هل أعتدت التصرف بطريقة الأنثى والبكاء بالدموع حين لا تنفذ رغباتك؟".
كان جدار الدموع صلبا جدا لدرجة أن دينا لم تر وجهه ألا بصعوبة وقالت وهي تدفع اليد التي تقبض على ذقنها.
" كلا , هل تشن هجومك دائما على مستوى شخصي كلما خالفك شخص في رأيك؟".
وسمعته يتنهد طويلا ثم أمسكت أصابعه بمؤخرة عنقها وضغط على رأسها ليسنده على صدره , ثم أحاطها بذراعيه ليجذبها نحوه , كان عناقا قويا دافئا , ولكن دينا تعمدت أن تظل غير مكترثة بمحاولة بليك لتهدئتها وشعرت بضغط ذقنه يستقر فوق رأسها .
وتمتم بليك قائلا:
" هل لك أن تخبريني ما هو المفروض مني أن أفعله في هذا الشأن؟".
ومسحت دموعها بأصابع مرتجفة وقالت وهي تتنهد:
" لا أعرف".
" خذي".
ووضع يده داخل جيب سترته ليناولها منديله , وسمعا طرقا خفيفا على الباب , ووقف بليك جامدا , ثم قال:
" من الطارق؟".
ولكن الباب فتح بالفعل , وحاولت دينا أن تتخلص من ذراعيه , ولكنه شد قبضته حولها وكأنه يريد أن يحميها من شيء , وأستسلمت لقبضته وظهرها متجه للباب , وسمعت شت يعتذر بنبرة حزن ويقول:
" آسف......... أعتقد أنني أعتدت دخول الغرفة بدون أذن".منتدى ليلاس
ولا بد أنه أتى بحركة لينصرف لأن بليك قال له:
" أنك لا تزعجنا , تعال , أدخل يا شت".
وسحب ذراعه ببطء من حول دينا وأضاف:
" أرجو أن تلتمس العذر لدينا , فهي لا تزال تنفعل من حين الى آخر بعد عودتي".
قال هذا ليبرر دموعها والمنديل الذي كانت تستعمله لمسح آثار البكاء , وقال شت:
" أنني أفهم الوضع , لقد حضرت لأبلغك أن الجميع موجودون هنا وهم ينتظرون في غرفة الأجتماعات".