وردّت بغضب وقد فقدت أعصابها نتيجة لثورته:
" لم يجد أي منا فرصة ليخبرك , أنه ليس تصريحا يريد المرء أن يعلنه أمام الآخرين , ماذا كنت تنتظر مني أن أقول عندما رأيت زوجا أعتقدت أنه مات؟ هل كان من المفروض أن أقول : ( أنني سعيدة جدا يا حبيبي لأنك ما تزال حيا.... أوه... بالمناسبة لقد خطبني شخص آخر! )أنني أراعي شعور غيري وأرجو أن تعترف بذلك".
ورمقها بنظرة جامدة طويلة , وسيطر على غضبه بشدّة حتى أثار فزعها , شعرت أنها تنظر الى بركان مغطى وهي تعرف أنه يغلي في الداخل ,وتساءلت ترى متى سنفجر الغطاء ؟
وقال بليك بأحتقار:
" يا له من ترحيب بالعودة , زوجة تتمنى لو كنت ميتا في القبر!".منتدى ليلاس
" ونفت ذلك قائلة:
" أنني لا أتمنى هذا".
قال بسخرية مريرة:
" هذه الخطبة.......".
وقاطعته دينا محتجة:
" الطريقة التي تتكلم بها تجعلها تبدو تصرفا أنانيا , وهذا غير صحيح , لقد خطبني شت , منذ أسبوع فقط وفي الوقت الذي عرض عليّ الزواج كنت أعتقد أنك ميت ,وكنت حرة في قبول عرضه".
" والآن يختلف الأمر , أنني حي , وأنت زوجتي وليست أرملتي".
قال ذلك بنبرات باردة مقتضبة بدت لها أنها حكم بالأشغال الشاقة مدى الحياة!
كانت دينا ترتجف ولا تعرف سببا لذلك , وقالت بصوت متوتر مشدود حتى تخفي الرجفة:
" أعرف ذلك يا بليك , ولكن ليس هذا وقت مناقشة الوضع , أن أمك تنتظر العشاء وعليّ أن أرتدي ثيابي".
وتصورت لثوان أنه سيستمر في الجدال ولكنه قال ببطء:
" نعم , ليس هذا وقته ".
وسمعت الباب يفتح على مصراعيه ثم يصفق بشدة , أذا كانت هذه بداية جديدة لزواجهما فأنها تعتبر بداية فظيعة".
وتصادف وصولها الى الطابق السفلي مع وصول ديدر وهي تعلن أن العشاء سيقدم ,وصحبها بليك الى غرفة الطعام.
لقد أستقبل بليك بترحيب من كل شخص ألا دينا , وكانت هي تدرك هذه الحقيقة بألم , وعندما جلس الجميع حول المائدة كان التوتر في الجو يكاد يجعله مكهربا , ومع ذلك لم يلحظ هذا ألا دينا , جلس بليك على رأس المائدة , وجلست أمه في الناحية المقابلة وجلس شت الى يمينها بينما جلست دينا الى يسار بيليك , وقد حرص بليك على أن تظل دينا الى جانبه منذ عودته وكأنه يريد أن يثبت لكل واحد أنها زوجته وأنه يفصلها عن شت , كان يبتسم دائما في الظاهر وفي بعض الأحيان يرمقها بنظرات مفعمة بسحره المدمر القديم .ولكن الغضب لا يزال يعتمل في عينيه البنيتين كلما وجّه اليها نظرته , وبعد أن جلس الجميع دخلت المشرفة على المنزل تحمل وعاء كبيرا من الحساء وقالت لبليك:
" هذا هو حساؤك المفضل يا سيد بليك".منتدى ليلاس
أبتسم أبتسامة عريضة وقال:
" بارك الله فيك ديدر , هكذا يكون الترحيب بعودة الغائب!".
وفهمت دينا ما يعنيه من عبارته ( ذات المعنى المزدوج) , وشحب وجهها ولكنها ظلت محتفظة برباطة جأشها , وكانت الوجبة شهية وأبدى بليك الأطراء والتعليق المناسبين , ولكن دينا لحظت أنه لا يتذوق الأطباق المختلفة كما كان يفعل في الماضي , وقدمت القهوة في غرفة الجلوس حتى تستطيع ديدر تنظيف المائدة ,وجلست دينا الى جانب بليك ثانية بينما جلس شت في أقصى ركن في الغرفة , وعندما نظرت ناحيته رفع وجهه وألتقت عيناه بعينيها وهمس بكلمة أعتذار سريعة للسيدة بيرنسايد صديقة نورما شاندلر التي كان يتحدث معها , ثم أتجه نحوها ومن خلال أهدابها رمقت دينا بليك بنظرة فرأت عينيه تضيقان وهو يرى شت يقترب , وبدت أبتسامة شت متوترة عندما وقف أمامهما , وخمّنت دينا أنه كان يحاول أن يجد وسيلة يخبر بها بليك نبأ خطبتهما , وتمنت لو أستطاعت أن تخبره أن بليك يعرف النبأ وبدأ شت قائلا:
ط أن اليوم أشبه بالأوقات القديمة يا بليك , عندما كنت أحضر الى منزلك وأتناول العشاء معك ومع........".
وأنتقلت نظرته الى دينا بعصبية , وقاطعه بليك بهدوء قائلا:
" لقد أخبرتني دينا عن خطبتكما يا شت".
وخيّم السكون على الغرفة حتى أيقنت دينا أنها تستطيع أن تسمع صوت ريشة أذا سقطت على السجادة ! وتركزت كل العيون على الثلاثة , وحبس الجميع أنفاسهم , ولم تعرف دينا ما الذي يمكن أن يحدث بعد نوبة الغضب الشرس التي أعترت بليك في الطابق , وقال شت متلعثما :
" يسرني أنك تعرف أنني........".
وقال بليك مقاطعا:
" أريد أن تعرف أنني لا أضمر لك أية كراهية , لقد كنت دائما صديقا طيبا وأرجو أن يستمر هذا الوضع".
وبدأت دينا تتنهد بأرتياح , ولم يهتم أحد غيرها بالتعليق الساخر الأخير , وأنشغل شت بمصافحة اليد التي مدّها بليك دليى على الصداقة , بينما أخذ الآخرون يتمتمون فيما بينهم حول اللحظة التي أنتظروها طول اليوم.منتدى ليلاس
هكذا قال بليك بأبتسامة تناقض ملامح الجد البادية في عينيه .
ورد شت وهو يبتسم :
" بالطبع".
وشعرت دينا بالغضب لأنها نحيت جانبا بدون أن أعتراض ولم يؤخذ رأيها في هذا الموضوع , وسرعان ما لامت نفسها , كان بليك حيا وهي زوجته , ولم تكن ترغب أن تطلّقه لتتزوج شت , فلماذا تنزعج أذا؟