ولمس خدها برقة وقال:
" هل تشعرين بتحسن ؟".
" نعم , أشعر ببعض التحسن ".
" وفيم كنت تفكرين عندما دخلت؟".
وأمتدت يدها الى قميصه لتعدل ياقته وقالت:
" لا أعرف , لعلي كنت أتمنى .....".
" ماذا تتمنين؟".
وسكتت دينا , لم تكن تعرف ما الذي كانت تتمناه , وأخيرا قالت :
" تمنت لو أننا لم نخبر الآخرين بخطبتنا , وأحتفظنا بها سرا لفترة , ولو لم نقم حفل الخطوبة هذا".
وذكّرها شت قائلا:
" لم يعرف ألا الأقارب والأصدقاء , ولم نعلن نبأ الخطبة رسميا".
" أعرف".
كانت في العادة لا تجد صعوبة في التعبير هناك شيء ما يقلقها ولكنها لم ترف ما هو .....لم يكن السبب أنها لم تنتظر المدة المناسبة قبل أن تقرر الزواج ثانية ,مضى على أختفاء بليك عامان ونصف , ومضى أكثر من عام منذ أن أخبرتها سلطات أميركا الجنوبية , أنهم وجدوا حطام الطائرة , ولم يكن بينها أحياء ...... وليس السبب أنها لم تحب شت برغم أن حبها له لم يكن بنفس الطريقة العاصفة التي أحبت بها بليك , كانت عاطفتها نحو شت أهدأ وألطف ولعلها أعمق , وقال وهو يبتسم:
"حبيبتي ,لم يكن في وسعنا أن تخفي نبأ الخطبة عن أقاربنا وأصدقائنا , أنهم أيضا يحتاجون الى وقت حتى يتكيّفوا مع فكرة أنك لن تعودي السيدة بليك شاندلر ".
وقالت دينا معترفة:
" هذا صحيح".
فلم يكن من الممكن أن تغرس الفكرة في أذهانهم بين يوم وليلة , وأنفتح باب غرفة المكتبة , ووقفت على عتبته أمرأة أكبر سنا ترتدي ملابس سوداء , وبدت أبتسامة رقيقة على فمها وهي ترى الأثنان يتعانقان.
منتدى ليلاس
وتوترت دينا لحظة بين ذراعي شت ثم أنتزعت نفسها وهدأت .
وقالت المرأة بشيء من العتاب:
" كنا نتساءل الى أين ذهبتما ؟ لقد حان الوقت لتعودوا الى الحفل وتتلقيا بعض الأنخاب".
وردت دينا على المرأة , التي كانت أم بليك وحماتها , وقالت:
" سنعود بعد دقيقة يا ماما شاندلر".
كانت نورما شاندلر نموذجا لسيدة المجتمع التي تنتمي الى النوادي الأجتماعية , والحفلات التي تقام لجمع الأموال للأعمال الخيرية .... ودورها في الحياة هو الدو التقليدي الذي يتركز على بيتها وأسرتها , وبعد أن مات زوجها وأبنها تشبثت بدينا بأعتبارها أسرتها وبيتها ومأمنها , وقالت:
" أذا لم تعودا فأن المدعوين قد ينتقلون الى هنا ,ولا تتسع الغرفة لهم".
وأضاف شت وعده الى وعد دينا فقال:
" سنعود بعد دقيقة يا ماما شاندلر ".
وأومأت المرأة برأسها وأغلقت الباب , ونظر شت الى دينا وسألها :
" هل تعتقدين أنه بأستطاعتك أقناعها بعدم أرتداء ملابس سوداء في حفل زفافنا؟".
وأبتعدت عنه ولاحت أبتسامة ساخرة باهتة على شفتيها , وقالت:
"أشك في هذا! أن نورما شاندلر , تحب أن تظهر في صورة شخصية مأساوية".
بعد أسابيع قليلة من زواج دينا وبليك كان أبوه كايل شاندلر قد توفي فجأة أثر أزمة قلبية , وأشترت نورما شاندلر خزانة كاملة من الملابس السوداء , وما كادت تخلع ملابس الحداد حتى تلقت نبأ حادث سقوط طائرة بليك , وبدأت السيدة شاندلر ترتدي الملابس السوداء , ولم تنتظر النبأ الذي ورد منذ عام أن أبنها يعتبر ميتا رسميا ,وسأل شت:
" أنها توافق على زواجنا , وأنت تعرفين هذا , أليس كذلك؟".
" نعم ,أنها توافق عليه ..... من أجل الشركة ".
والواقعأن موافقتها كانت ترجع أيضا الى أنها لم تكن تريد أن تصبح هناك أرملتان لأسرة شاندلر ,ولكن دينا لم تصرح بذلك خشية أن يبدو هذا جحودا نحو حماتها التي كانت تفنى في حبها لها , وقال شت وهو يهز رأسه :
" أن الأم شاندلر لا تعتقد حتى الآن أنك قادرة على أدارة الشركة بعد كل هذه المدة".
" لم أكن لأستطيع ذلك بدونك يا شت".
قالت دينا وكأنها تقرّ حقيقة ولا تعبّر عن أمتنانها نحوه , ووضع يده حول خصرها بينما بدأت تسير نحو الباب لتغادر الغرفة وقال:
" أنني معك ,ولا تقلقي بهذا الشأن".
وبينما كان شت يتقدمها ليفتح لها الباب تذكرت تلك اللحظة الجامدة التي فتحت فيها نورما شاندلر الباب منذ لحظات ,وتساءلت ترى هل خطرت على بال حماتها نفس الفكرة التي خطرت على ذهنها ؟ كانت دينا قد تذكرت المرات العديدة التي كانت السيدة شاندلر تفتح فيها باب غرفة المكتبة وتجد دينا جالسة على حجر بليك , مستكينة بين ذراعيه , وفي هذه المرة كانت بين ذراعي شت بدلا من ذراعي بليك وتساءلت....... هل كانت حماتها تدرك الفارق الشاسع بين الرجلين كما أدركته هي؟
منتدى ليلاس
في الشهور الأخيرة بعد أن تأكد نبأ موت بليك , وأصبح لديها وقت للتفكير , حاولت أن تتخيل ماذا كان يمكن أن يكون عليه العامان ونصف العام لو كان بليك حيا؟ كان زواجهما قصيرا عاصفا ينذر بمزيد من السنوات من نفس النوع , وهناك دائما أحتمال بأن أية معركة قد تضع نهاية لهذا الزواج ...... أما شت فقد كان دائما يتوقع ما سيحدث , وكانت المدة التي تقضيها دينا معه سارّة دائما..
وتحت حمايته وتأييده أكتشفت في نفسها مهارات وقدرات لم تكن تعرف أنها تتمتع بها ,لقد وجه ذكاءها الى مجالات بنّاءة , ووسّع مداركها بدلا من تضييع الوقت في مشاجرات كما كان يحدث بينها وبين بليك.
وكانت شخصيتها قد نضجت بسرعة نظرا لظروف أختفاء بليك ,وقد أصبحل أمرأة واثقة من نفسها , وتعتقد أن الفضل في كل هذا يرجع الى شت.