كاتب الموضوع :
نيو فراولة
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
وجلس بليك على كعبيه وراقبها في صمت , وتقدّم نحوها وكأنه يريد أن يساعدها لتنهض على قدميها , ورفعت دينا يديها وكأنها تريد أن تقاومه ولكنها طوّقته بذراعيها فعانقها بقوة وسرى الدم في عروقها وذابت عظامها تحت حرارة العناق , وعرفت أنها فقدت السيطرة على نفسها , ولم تحاول أن تستعيدها فقد كانت تريد أن تتركه يسيطر عليها كما يشاء , ومع كل نفس كانت تستنشق رائحته المثيرة الدافئة.
لم تشعر دينا في حياتها أنها في مثل هذا الأنتعاش , كان كل ركن من قلبها ممتلئا بالحب يتدفق ويفيض مثل البركان , وذابت كل خلافاتهما في العناق الحار.
وسمعت صوت طفل يقول :
" أسمع.......يا سيد........".
وسحب بليك رأسه وسمع الطفل يقول:
" هل رأيت كلبي الصغير؟".
كان ولدا صغيرا في السادسة من عمره يقف بجوارهما بركبتين متسختين ويضع قبعة على شعره البني الفاتح ويحملق فيهما ببراءة ..... وأستطاعت دينا أن تشعر ببليك يسيطر على نفسه ليرد عليه قائلا:
" لا لم أره يا بني".
منتديات ليلاس
وقال الصبي مفسرا:
" أن لونه أبيض وأسود وله ياقة حمراء".
وكرر بليك قائلا:
" آسف لم أره".
" أذا رأيته هل تتكرّم وتعيده أليّ؟".
" بالتأكيد".
" شكرا".
وجرى بعيدا عن الشاطىء .
ونهض بليك واقفا وأمسك بيد دينا ليشدها معه .
" ألى أين نذهب؟".
قالت ذلك وقد تورّدت وجنتاها.
" سنعود الى الفندق".
" لماذا؟".
" أنك تنسين".
ورمقها بنظرة لا تزال تحمل وميض الرغبة وأضاف:
" أن فردة حذائي وفردة جوربي وساق بنطلوني مبتلة!".
وقالت دينا بخنوع:
" أنا آسفة لذلك".
" وأنا لست آسفا".
ولمس شفتيها بأصبعه وأضاف:
" أذا كان هذا ما أحصل عليه مقابل قدم مبتلة , لا يسعني ألا أن أتساءل ماذا كان سيحدث لو أغرقن الماء من رأسي حتى أصبع قدمي!".
ولم ينتظر بليك حتى تتكلم فأبعد أصبعه من فوق شفتيها ليمسك بيدها وقال:
" هيا نذهب".
وأومأت دينا موافقة في صمت , وظلّت اللحظة الساحرة بينهما في رحلة عودتهما الى الفندق , ولم يتحدثا عن التغيير الهائل الذي كانت قد أحدثته , ولكنه كان واضحا في النظرات التي تبادلاها , في الأشياء التي لم يقولاها , وفي الطريقة التي حاول كل منهما بها أن يتجنب لمس الآخر , كان كل منهما يعرف أن لمسة واحدة يمكن أن تحرق ولم يرغب في أشعال نار كاذبة !
لم يكن أي منهما مستعدا لأن يعترف بالتغيير في علاقاتهما ..... وفي نفس الوقت لم يستطيعا العودة الى العداء البارد الذي سبق زيارتهما للجزيرة , وكل منهما يلعب لعبة الأنتظار , وبعد غداء متأخر في مطعم الفندق دخلا غرفة الأستقبال ,وتوقف بليك وألتفت الى دينا وقال:
"نخبرهم ونعود الى البيت".
وقالت محتجة:
" ولكن اليوم السبت".
ورد بشيء من نفاذ الصبر:
"نعم أعرف , ولكنني لا أنوي قضاء ليلة أخرى هنا".
وترددت دينا غير متأكدة مما يقصد وأخيرا قالت:
" أن الأسرّة ليست مريحة".
وألتوى فمه ساخرا وقال :
" نعم , أنها لينة أكثر مما يجب".
" هل لدينا وقت لنلحق بالزورق؟".
" أذا لم تضيعي وقتا طويلا في حزم الحقائب يمكن أن نلحق به".
ووعدته قائلة:
" لن أستغرق وقتا طويلا".
وقال بليك :
" سوف أخبرهم حتى تستعدي".
منتديات ليلاس
وأثناء رحلة العبور بالزورق لم يشر أي منهما ألى التغيير المفاجىء في الخطط مما جعلهما يعودان مبكرا , لم يتحدثا عنه وكأنهما لا يريدان أن يخوضا بعمق في السبب , وعندما توقف الزورق في نيوبورت توقف تماما عن الكلام , وعندما ركبا السيارة أستغرق كل منهما في أفكاره الخاصة , ولم تلحظ دينا ألا بعد لحظات أن بليك ترك منعطفا , وقالت تذكّره:
" كان المفروض أن تنعطف عند ذلك الركن".
وقال:
" لن نعود الى المنزل مباشرة".
وأنتظرت دينا أن يخبرها عن وجهتهما وعندما لم يتكلم سألته:
" ألى أين نذهب؟".
ولم يزد على أن قال:
" هناك شيء أريدك أن تريه".
وبعد عدة منعطفات أتجه ال شارع ظليل بالأشجار وقد تقّوست غصونها فوق الرؤوس حتى كادت تلمسها , وأبطأ سير السيارة وهو يقرأ أرقام البيوت , وزاد فضول دينا مع كل ثانية من صمته المستمر وأخيرا أوقف السيارة أمام مدخل منزل.
ونظرت دينا الى المنزل الأبيض الكبير المحاط بعشب أخضر به أشجار كثيرة ونباتات مزهرة ,ولم تتعرّف على المكان فسألته:
" من الذي يقيم هنا؟".
كان بليك يفتح باب السيارة ويخرج منها فقال:
" سوف ترين".
|