كاتب الموضوع :
pink dreamz
المنتدى :
الارشيف
مشكورين على التفاعل مع الموضوع
وهاكم الفصل الثالث
3- لقاء الامبراطور
ظلَّ ( نيقولاس) يحدّق في وجه ( أدهم) دقيقة كاملة، ثم انفجر ضاحكا، واعتدل في مقعده الكبير، وقال بسخرية وهو ينظر في وجه ( أدهم) :
من الواضح أنك قد أخطأت العنوان ياسيد ( أشرف)، فهذا النوع من التجارة غير مشروع في اليونان.
أشاح ( أدهم) بذراعه وهو يقول مبتسما:
إنني لا أتحدث في المشروعيات يا سيد ( نيقولاس) ، و إنما في العمل، وأنا واثقأنني لم أخطىء العنوان.
تجهّم وجه ( نيقولاس) فجأة ، وقال وهو يمدُّ يده إلى سماعة الهاتف:
اسمع ياسيد ( أشرف) .. إنك تتحدث إلى رجل أعمال شريف في أمور غير شريفة، ولو واصلت هذا الحديث ثانية واحدة فسأضطر للاتصال برجال الشرطة.
نهض ( أدهم) واقفا وهو يبتسم بسخرية قائلا:
أنت تعلم جيدا أن كلينا لا يميل إلى رجال الشرطة ياسيد ( نيقولاس) ، ولكنني سأتركك الآن، وأعود إليك غدا في نفس الموعد، ولو سمحت لي سكرتيرتك بالدخول فسأعلم أننا بسيلنا إلى الاتفاق.. إلى اللقاء يا سيد ( نيقولاس).
ظلَّ ( نيقولاس) صامتا حتى غادر ( أدهم) الغرفة، ثم أسرع يتناول سماعة الهاتف ويطلب رقما قصيرا، وما أن سمع صوت محدثه حتى قال بلهجة آمرة:
( ديموس).. أريد منك أن تتعقب الرجل الذي غادر مكتبي توا، وأريد منك كل المعلومات التي يمكن جمعها عنه، وبأقصى سرعة ممكنة.
ثم وضع سماعة الهاتف، وأشعل سيجارة طويلة، وهو يضم حاجبيه قائلا لنفسه:
حسنا يا سيد ( أشرف) سترى كيف أن ( نيقولاس أندرياس) يجيد هذه اللعبة إلى درجة الموت.
**************
سار ( أدهم) بخطوات بطيئة في الطريق المفضي إلى فندقه، وبدا من تطلُّعه المستمر إلى واجهات المحال التجارية، وكأن شيئا لا يشغل عقله، حتى أنه استغرق نصف ساعة تقريبا للوصول إلى الفندق، ثم صعد إلى غرفته مباشرة، وما أن دخلها حتى تحوَّلت ملامحه الهادئة إلى ابتسامة ساخرة ، وهو يغلق الباب خلفه، فقطّبت ( أيلينا ) حاجبيها، وقالت بغضب:
زملائي في المخابرات لا يفهمون ما تهدف إليه يا سيادة المقدم ، ولا يوافقون على هذا الأسلوب الذي...
قاطعها ( أدهم) وهو يخلع سترته قائلا:
لقد فات وقت الاعتراض أيتها الملازم.. لقد قابلت ( نيقولاس) ، وتفاوضت معه لشراء شحنة من المخدرات.
قفزت ( أيلينا) من مقعدها صارخة:
شحنة مخدرات؟.. إنها خطة مجنونة.. لن أعمل معك، سأبلغ رؤسائي و...
قاطعها ( أدهم ) وهو يقول بصرامة:
أنت حرَّة في أن تعملي أو لاتعملي معي أيتها الملازم، ولكنني أرى أن هذا الأسلوب جديد إلى درجة قادرة على خداع امبراطور السم.
هزّت ( أيلينا ) رأسها بقوة وهي تصيح بعصبية:
أين الجديد في هذه الخطة يا سيادة المقدم؟.. إنها أقدم خطة في تاريخ حرب المخدرات حتى الأفلام السينمائية لجأت إليها.. إنها باختصار خطة مستهلكة.
أشار ( أدهم ) بسبابته وهو يقول:
بالعكس أيتها الملازم، إنها المرة الأولى التي يتم فيها استخدام هذا الأسلوب عن طريق رجل من خارج البلاد، وهذا ما سيخدع ( نيقولاس).
تناولت ( أيلينا) حقيبتها الصغيرة، وتوّجهت نحو باب الغرفة وهي تقول بغضب:
لك ما تريد يا سيادة المقدم، ولكنني لن أواصل هذه الخطة الفاشلة ، ساطلب من رؤسائي أن ..
وفجأة تبدلت ملامح ( أدهم) ، واكتسى وجهه بغضب عارم وهو يشير إليها بصوته الذي يجمِّد الدم في العروق:
قفي أيتها الملازم.
شيء ما في لهجة ( أدهم) الصارمة أو ملامحه الغاضبة أثار الرجفة في جسد الملازم ( أيلينا) ، وسمَّرها في مكانها ، وعقد لسانها حتى أنها لم تقو على الاعتراض عندما اشار إلى مقعدها قائلا بلهجة آمرة، لا تحتمل النقاش:
اجلسي هنا ن ولن أسمح لك بعد هذه اللحظة بمعارضة أوامري .. إننا لا نمزح.
أطاعت ايلينا الأمر بمزيج من الخوف والرهبة، على حين واصل ادهم حديثه قائلا:
ليس لدي الوقت الكافي لترويض نمرة مثلك، وينبغي أن تتعلمي إطاعة الأوامر، وتلقي بهذا العناد السخيف في البحر.
أرادت أيلينا أن تعترض .. بل إنها قررت ذلك فعلان ولكنها وجدت نفسها تقول باستسلام:
بم تأمر يا سيادة المقدم؟
عادت ملامح ( أدهم) إلى الهدوء وفجأة وهو يقول:
لنؤجل الأوامر إلى اللحظة التي نحتاج فيها لذلك، أما الآن فلنحصر تفكيرنا فيما يمكن أن يجده الرجل الذي أرسله نيقولاس خلفي.
اتسعت عينا أيلينا دهشة وهي تقول:
هل أرسل خلفك أحد رجاله؟.. كيف علمت ذلك؟
ابتسم أدهم بسخرية وهو يقول:
إن واجهات المحال التجارية تعكس بعض المشاهد المفيدة أيتها الملازم.
ثم اتسعت ابتسامته وهو يقول متهكما:
المهم أن ينجح في نهمته ، فلقد أعدّت له مخابراتنا مفاجأة.
**************
وقف ديموس بقامته العملاقة، ورأسه الضخم أمام نيقولاس ، وقال:
لقد حصلت على المعلومات المطلوبة أيها الزعيم، ولقد اضطررت للتحدث تليفونيا مع عميلنا في القاهرة ثلاث مرات، قبل أن أحصل على صورة مكتملة.
أومأ نيقولاس برأسه في بطء وهو يقول:
هات ما عندك يا ديموس، فكلي آذان صاغية.
أخرج ديموس من جيب معطفه ورقة مطوية، فردها بعناية، و أخذ يقرأ ما بها بصوت مسموع قائلا:
هذا الرجل يحمل جواز سفر باسم ( أشرف صدقي) رجل أعمال ومليونير مصري، يملك شركة ملاحية كبيرة، في مدينة السويس، وهذه هي أول زيارة له إلى اليونان، ولكن جواز سفره مملوء بتأشيرات دخول العديد من الدول، وله رفيقة يونانية، تعمل كعارضة أزياء، من المرجح أنه قد تعرَّف عليها في القاهرة ، إذ أن والديها أقاما هناك عدة سنوات ، وهي تدعى ( أيلينا دوبولس).
زوى نيقولاس ما بين حاجبيه ، وقال:
ألا يحتمل أنه يعمل لحساب الشرطة اليونانية؟
حرك ديموس رأسه علامة النفي وهو يقول:
هذا مستحيل يا سيدي، فالقانون يمنع انضمام الأجانب للشرطة المحلية.
ظهرت الحيرة على وجه نيقولاس، وهو يحك أنفه الطويل قائلا:
هذا عجيب .. إن ذلك الأسلوب الذي بدأني به يدل على ثقته التامة فيما يقول وجرأته العجيبة .. من أين أتى بهذه المعلومات الخطيرة يا ترى؟
فكر ديموس لحظة، ثم قال:
من العجيب أنه لا يرتبط بأي صلة صداقة بعميلنا في القاهرة ، برغم أن كليهما من رجال الأعمال.
نهض نيقولاس من مقعده، وأخذ يسير في أنحاء الغرفة بقلق، ثم التفت إلى ديموس وقال بنبراته البطيئة:
حسنا ياديموس ، سنستقبل هذا الرجل المدعو أشرف صدقي في غد، وعليك بتفتيشه جيدا قبل دخوله، حتى نطمئن إلى أنه لن يحمل سلاحا ، أو أي من أجهزة التصنت ، والتسجيل، ولنر ماذا يريد منا..
ابتسم ديموس بشراسة وهو يقول:
هل ستقابله أنت أم كارلوس أيها الزعيم؟
سرت ابتسامة على وجه نيقولاس وهو يحك أنفه قائلا:
لو أنه مخادع سأتولى أنا أمره ، أما لو كان ينشد الصفقة حقا فسنرسله بالطبع إلى كارلوس، فأنا لا أعمل في تجارة المخدرات المشبوهة.
قهقه ديموس ضاحكا ، وقال:
أنت محق أيها الزعيم .. إن كارلوس هو المهرب الحقيق.
***************
وانتظروا الفصل الرابع
|