كاتب الموضوع :
pink dreamz
المنتدى :
الارشيف
هلا هاكم الفصل الثاني
2- على أرض المعركة
لم يكد أدهم صبري يجتاز بوابة الخروج في مطار أثينا حاملا حقيبه السوداء المتوسطة الحجم حتى توقفت أمامه سيارة صفراء صغيرة ، وهبطت منها فتاة في نحو الخامسة والعشرين من عمرها، متوسطة الطول، شقراء الشعر، تعقصه خلف رأسها بحلقة مطاطية، تاركة أطرافه تتدلى خلفها كطالبات المدارس الثانوية، ولها أنف منمنم، وفم صغير للغاية، وتختفي عيناها خلف منظار شمسي ضخم، يبتلع نصف وجهها .. وأشارت إليه بمرح وهي تقول باليونانية:
حمدا لله على وصولك بالسلامة ياعزيزي أشرف .. هل كانت رحلتك موفقة؟
ثم أمسكت بيده تقوده إلى السيارة وهي تهمس في أذنه قائلة:
الملازم أيلينا دوبولوس من المخابرات اليونانية .. مرحبا بك في أثينا ياسيادة المقد أدهم.
فتحت أيلينا باب السيارة المجاور لمقعد السائق، وهمت بالجلوس خلف عجلة القيادة عندما تناول أدهم مفاتيح السيارة من يدها بهدوء وهو يقول:
مادمنا سنعمل معا فمن الأفضل أت تعتادي على أنني أتولى القيادة دائما أيتها الملازم.
نظرت إليه أيلينا ببرود، وساد الصمت بينهما لحظة قبل أن تخلع منظارها الشمسي، وتتطلع إلى أدهم بعينين واسعتين زرقاوين في لون مياه البحر، وبرود القطب الشمالي، وتراقصت ابتسامة ماكرة على شفتيها وهي تقول بهدوء شديد مفتعل:
هل تعني بقولك قيادة السيارة فقط أم العملية بأكملها ياسيادة المقدم؟
اتخذ أدهم مقعده أمام عجلة القيادة، وأدار محرك السيارة بهدوء قبل أن يقول بحزم:
بل أعني العملية كلها أيتها الملازم.
تطلعت إليه أيلينا بتحد، ثم دارت حول مقدمة السيارة، وجلست على المقعد المجاور وهي تقول دون أت تلتفت إليه:
حاول أن تتذكر دائما أنك تعمل على أرض يونانية ياسيادة المقدم.
ابتسم أدهم بسخرية ، وقال وهو ينطلق بالسيارة:
ترى هل يظل فارق الرتب بيننا ساريا على الأراضي اليونانية أيتها الملازم؟
اكتسى وجهها بالصرامة وهي تقول ببرود:
نعم ياسيادة المقدم .. مادامت حكومتي ترى ذلك.
جلست أيلينا على مقعد وثير يتصدر ردهة منزلها ، وقالت وهي تناول أدهم صورة فوتوجرافية ملونة:
هذا هو الرجل الذي نسعى لتحطيمه ياسيادة المقدم.
تناول أدهم الصورة، وتطلع إليها بتركيز.. كانت صورة لرجل في أواخر الأربعينات من عمره، نحيل الوجه، طويل الأمف، وايع الفم، له ذقن مدبب، على حين تحوّل سالفاه إلى الشيب تماما، مما زاده وسامة..
أعاد أدهم إليها الصورة وهو يقول ساخرا:
إننا لا نسعى لتحطيم رجل أيتها الملازم، وإنما غايتنا امبراطورية السم بأكملها.
هزت أيلينا رأسها وهي تقول بضيق:
دعنا من هذه المسميات ياسيادة المقدم.. المهم الآن أن ننقاش الخطة التي قررنا تنفيذها و..
قاطعها أدهم وهو يقول بلهجة متهكمة:
لا داعي لإضاعة الوقت في ذلك أيتها الملازم، فأنا لاأنوي الالتزام بهذه الخطة على الأطلاق .
حدقت أيلينا في وجهه بدهشة، وصاحت بغضب:
هل تمزح ياسيادة المقدم؟.. إن هذه الخطة مضمونة النجاح ، ولقد تم تنفيذها مسبقا في..
عاد أدهم يقاطعها وهو يشير بسبابته قائلا:
هذا هو ما يدفعني إلى رفضها أيتها الملازم.
ثم جلس بهدوء على مقعد مواجه لها وهو يتابع قائلا:
إن أصحاب النشاط الواحد يتفقون دائما في المصالح المشتركة ، والمخاطر المشتركة أيضا أيتها الملازم ، ومن العجيب في هذا العالم ان الأشرار هم أكثر من يلتزم بهذه الروابط، ربما بدافع الخوف من العقاب، أو السقوط ، ومن الطبيعي أن تكون تلك الخطة التي أوقعت بأحدهم معروفة للجميع عن ظهر قلب، ونجاحها في المرة الأولى يعني استحالة نجاحها بعد ذلك.
قالت أيلينا بغضب:
أين تعلمت أعمال المخابرات ياسيادة المقدم؟
تجاهل أدهم سؤالها وأكمل قائلا:
ولذلك فسألجأ إلى أسلوب جديد في عالم المخابرات، وإن كنا نستخدمه قديما في أثناء عملي في القوات الخاصة.. أسلوب دراسة العدو عن قرب.
قطبت أيلينا حاجبيها وهي تتطلع إليه بدهشة قائلة:
مذا تعني بحق السماء؟
ابتسم أدهم بسخرية وهو يقول :
أعني ببساطة ـأنني سأذهب لمقابلة نيقولاس أندرياس شخصيا أيتها الملازم.
شبك نيقولاس أصابع كفيه أمام وجهه، وتأمل أدهم باهتمام قبل أن يقول ببطء:
من حسن حظك أنك استطعت مقابلتي في اليوم الأول ياسيد أشرف فبعض رجال الأعمال ينتظرون ثلاثة أيام حتى يمكنهم ذلك.
ابتسم أدهم بهدوء ، وقال:
يمكنك اعتباري حسن الحظ بالفعل ياسيد نيقولاس، وهذا عامل مفيد في عالم رجال الأعمال.. أمثالنا.
أومأ نيقولاس برأسه موافقا في بطء دون أن يرفع عينيه عن وجه أدهم ، وقال:
هذا صحيح ياسيد أشرف ، ولقد كان نابليون بونابرت دائما يختار ضباطه من بين من اشتهروا بحسن الحظ، ولم يكن ذلك مجرد نزوة.
قال أدهم:
معذرة ياسيد نيقولاس، ولكنني سأتوقف عن الحديث حول مسألة الحظ هذه ، لأنتقل مباشرة إلى مناقشة الأعمال التي قدمت من أجلها.
مط نيقولاس شفته السفلى وهو يقول بنبراته البطيئة:
لست أدري فيما تود التحدث ياسيد أشرف ، فإن لدي وكيل لكل منتجات مصانعي من مواطنيك، وكان يمكنك التحدث معه في مصر بدلا من سفرك إلى هنا.
نظر إليه أدهم ، وقال وهو يبتسم بخبث:
لكل منتجاتك ياسيد نيقولاس؟
ضاقت عينا نيقولاس وهو يقول بحذر:
نعم ياسيد أشرف .. كلها. منتجات البلاستيك والمواد الغذائيةو..
مال أدهم نحوه ، ونظر في عينيه مباشرة، وهو يقول بابتسامة ساخرة:
لقد جئت لأتحدث إليك بشأن أهم منتجاتك ياسيد نيقولاس.
ازدادت عينا نيقولاس ضيقا وبرقتا بشراسة، عندما أردف أدهم قائلا بهدوء:
المخدرات.
وترقبوا الفصل الثالث
|