فجأة و أبتعدت ايلينا لتقطف الأزهار , فنهض مارشيللو وأخرج منشفة من حقيبة الجلد وأقترب بهدوء من سوزان وهو يجفف صدره وكتفه , ثم قال:
" لا تجلسي هكذا جامدة , وألا ضربتك الشمس".
هزت كتفيها قائلة:
ط آه , لا , ليس هناك خطر!".
أقترب منها قائلا:
" أتريدين أن أجفف ظهرك؟".
" كلا , لست في حاجة الى أحد".
" سأحضر لك منشفة".
نهضت لتوها وقالت:
" سأحضرها بنفسي".
وأخرجت سوزان منشفة حمراء , لفتها على جسمها , ثم سرحت شعرها , بينما كان مارشيللو ممددا على بطنه ,وذقنه على ذراعيه , ينظر اليها في حيرة وأرتباك.
فجأة سألها:
" أخبريني , كيف ألتقيت ببيترو".
منتدى ليلاس
" لماذا تريد معرفة ذلك؟".
" لقد تعرف ألى فتيات غيرك من قبل , ألا أن أيا منهن لم تكن تشبهك".
" تريد أن تقول......... أنه دعا فتيات غيري الى قصر فالكونيه؟".
" نعم".
" كنت أعتقد أن والدته ...... يعني ....".
" نعم , عمتي لويزا تستقبل ببرود ...".
ولتخفي أنزعاجها , ركعت على المنشفة وأخرجت من حقيبتها الأنبوب الذي يحتوي على مرهم مانع للشمس ووضعت منه على ذراعيها , وراحت تدلكه مطولا , ومع ذلك فليس سهلا أن تحافظ على برودة أعصابها أمام نظرات رفيقها الملحة.
" لم تجيبي على سؤالي بعد , كيف ألتقيت بيترو؟".
" ألتقيته عند بائع التحف القديمة حيث كان يحاول من دون جدوى أن يفهم البائع بلغته الأنكليزية الضعيفة ما يريد , وبما أنني أتكلم الأيطالية ,عرضت عليه المساعدة".
" آه , فهمت الآن , لكن , لا أفهم , كيف أقمت علاقات مع رجل أجنبي وأنت تدّعين أنك فتاة محافظة!".
قطبت حاجبيها في بادىء الأمر , ثم فهمت أنه يحاول أغاظتها , فأبتسمت , لكنه كان ينظر اليها في قوة متوترة , فأستسلمت لجاذبية عينيه الساحرتين ,وراح قلبها ينبض بسرعة , فأزاحت نظرها عنه للحال.
ولما شعرت بذراعه تلمسها , أنتفضت مذعورة , فقد ركع قربها من دون أن ينطق بكلمة , وأخذ من يدها المرهم ووضع منه على يده ثم راح يدلك ظهرها في نعومة ومداعبة بطيئة.
ولما عادت أيلينا ,ويداها محملتان بالمارغريت والورد وأنواع عديدة من النباتات الخضراء , أبتعد مارشيللو عن سوزان , وتمدّد على العشب واضعا رأسه بين يديه.
فقالت سوزان:
" أريني ما قطفت".
فرحت أيلينا بهذا العرض وأفرغت ما في يديها على الأرض قرب سوزان , التي أقترحت عليها قائلة:
" يجب أن تحضريها الى المنزل , ما رأيك لو تبدأين بتجميعها في كتاب وتنظمين هواية جديدة؟".
" لا أعرف أذا كانت العمة لويزا تسمح لي بذلك".
ومن دون تفكير , أنحنت سوزان ووضعت يدها على كتف مارشيللو الذي أنتفض ثم أنتصب مصغيا لسوزان تلفظ أسمه الصغير للمرة الأولى:
" أسمع , مارشيللو , هل في أمكان أيلينا أن تأخذ هذه الزهور والأعشاب معها الى المنزل؟ أنها...... تخشى أن تمنعها عمتك من ذلك".
" ما رأيك , يا سوزان؟".
" لا أرى ما يمنع ذلك".
" أذن , أسمح لك أن تجلبيها معك الى المنزل , وأذا لم تفرح عمتي بالأمر , سأتفاهم معها".
" آه , شكرا يا أبي!".
بعد نصف ساعة غادر الجميع الشلال , أرتدت سوزان سروالها فوق المايوه وجلست قرب مارشيللو في السيارة , وراحت تفكر بالتغيير الخطر الذي طرأ على علاقتما , هل يهتم بها كما هي تفعل؟ كلا , من دون شك , يبدو وهو في طريق العودة أقل حماسة مما كان عليه صباح اليوم , وهو الآن يركز على القيادة , صامتا وحالما.
توقفوا أمام مقهى في قرية صغيرة , ليحتسوا القهوة ,كان الوقت ظهرا والساحة مزدحمة بالناس , جلسوا أمام طاولة على الرصيف ,عدد كبير من الناس حييوا مارشيللو ورمقوا رفيقته بنظرات متسائلة لكنه لم يقدمها اليهم.