8-لا تهربي منة
قال مدير الفندق وهو داخل الى مكتبه:
" سوزان , نهار الثلاثاء المقبل , ستصل فرقة أميركية مؤلفة من ثلاثين سائحا , نظمنا حتى الآن برنامجا حافلا لهم , زيارات الأماكن الأثرية والمتاحف ........بأختصار أنه البرنامج العادي , لكن هل ما زال أمامي أضافة سهرة أو سهرتين سنأخذهم فيها الى المسرح , هل في أمكانك الأهتمام بهذا الأمر؟".
أجابت سوزان مديرها مالكوم نورتن:
" بكل تأكيد , يا سيدي , هل عندك أقتراح بهذا الشأن؟".
" أوه .......هذا يتعلق بالأماكن الفارغة , أعتقد أن السياح يحبون المسرحيات الغنائية , لكنني أخشى أن تكون الأماكن قد حجزت قبل ثلاثة أشهر , كما هي العادة".
" سأرى ما يمكنني فعله".
" حسنا , شكرا".
كان مالكوم نورتن على وشك الخروج عندما تذكر شيئا وسألها:
" سوزان , لا أريد أن أكون متطفلا , لكن.....هل هناك شيء ما على غير ما يرام؟".
هزت كتفيها غير مبالية وقالت:
" لا , أبدا , لماذا هذا السؤال؟".
" أراك شاحبة الوجه منذ عودتك من أيطاليا , الشهر الفائت , هل ألتقطت مرضا ما أو ماذا؟".
" لا , أبدا , كل شيء على ما يرام يا سيدي , كما تعرف مررنا بفترة عمل كثيف بعد الفصح , وأشتغلت كثيرا , وربما أشعر ببعض الأرهاق".
منتدى ليلاس
هز نورتن رأسه وأصر على القول:
" أليست حالتك , متأثرة بهذا الشاب الأيطالي الذي لم تعودي تخرجين معه؟".
" بيترو صديق وحسب , لا أكثر ولا أقل و.... أوه ........ أنت تعرف كيف تحدث الأمور , أحيانا الناس تخيّب آمالك ........والعلاقات تسقط.........".
" أذن ربما أنت متضايقة من عبد الفايز؟".
" كان السيد عبد الفايز غائبا طيلة هذه المدة".
" أعرف , لكنه عاد منذ بضعة أيام ,وأتساءل ما أذا كان يستمر في مضايقتك".
" هل أنت على علم بذلك؟".
" طبعا , لكن كان من الصعب عليّ أن أتدخل في الأمر , أنه على علاقة حميمة مع العجوز ستاسي , ربما علاقة قرابة أيضا , في أي حال...... صحيح أنه رجل لجوج , لكنه ليس بالرجل السيء الذي تتصورين".
فتح الباب وأضاف:
" مهما كان الأمر , أطلب منك ألا تقلقي أو ترهقي نفسك , فستحل بي كارثة أذا مرضت , أسترخي وأرتاحي وألهي نفسك ببعض التسليات , فهمت؟".
" نعم , يا سيدي".
ولما أغلق الباب وراءه نهضت سوزان وأتكأت حالمة على النافذة التي تطل على شارع أوكسفورد اللندني , المأساة هي أن أمامها الوقت الطويل لتفكر بما حدث في كاسيل فالكونيه , فخارج العمل , لا تفعل شيئا لتعلهي نفسها عن التفكير.
منذ عودتها , لم تر بيترو , ولما غادرت أيطاليا , أفهمته بصراحة أنها لا تكن له سوى صداقة عادية , أتصل بها مرة بعد عودته الى أنكلترا , وخلال أقامتها في أيطاليا , أدركت سوزان أن بيترو ما زالت تنقصه خبرة الحياة والنضج الكافي , ولذا قررت أن تقطع الجسور بينهما من دون ندم.
أما الآن , فالأمسيات فارغة , وبسبب أقامتها العديدة في الخارج , فقد فقدت الأتصال بأصدقائها , وبما أنها لا تحب الخروج وحدها , أصبحت شقتها الصغيرة كالسجن , أحيانا , تشعر بتوتر خانق , ويأس لأنها لن ترى مارشيللو بعد الآن ونادمة لتصرفها الصريح معه , فأي ذكرى يحفظ منها؟
وأنتفضت مرتعشة وعادت الى مكتبها , لماذا تعذب نفسها هكذا؟ ما حدث قد حدث.
منتدى ليلاس
وفي مساء اليوم التالي , أتصلت بها والدتها هاتفيا:
"سوزان , حبيبتي , هذه أنت؟".
" من تريدين أن يكون غيري , هنا يا أمي؟ نعم , هذه أنا! كيف حالك؟".
" سآتي الى لندن نهار الخميس , هل في أمكاننا تناول طعام الغداء معا؟".
صرخت سوزان بسرعة , فرحة لهذا التغيير :
" طبعا , أين تريدين أن نلتقي؟".
" أقترح عليك مطعم ( المشاوي) , حيث الطعام اللذيذ والخفيف , وحيث في أمكاننا أن نتحدث في هدوء من دون أي أزعاج".
" أتفقنا , أي ساعة؟".
" الواحدة , ما رأيك؟".
" عظيم".
لكن الساعة كانت الواحدة والنصف عندما دخلت أنابيل فوريست الى المطعم.
" آه , يا حبيبتي , أنا آسفة لهذا التأخير , لكنني خرجت من عند الحلاق لتوي".
قالت سوزان بلطف:
" التسريحة تليق بك تماما , تريدين أن تشربي قبل الغداء , أم تريدين أن تأكلي في الحال؟".
" لنأكل , أنني أتضور جوعا ,لم أتناول شيئا منذ مساء أمس , ما عدا فنجان قهوة كريهة في القطار".