ولم ترد سوزان , بل تناولت عن الطاولة وردة صغيرة وراحت تقارنها بأحدى الصور في الموسوعة , أما أيلينا فقالت بدون أن تنظر الى الكتاب:
"هل تعتقدين , أنت , أن الله يريد تعاسة الناس؟".
" طبعا لا , لماذا تقولين هذا الكلام؟".
" لأنني كنت أفكر ....... أبي وأمي ليسا سعيدين , أذن , ربما في أمكانهما الطلاق".
قالت سوزان في صوت عال بعد أن أحمرت وجنتاها:
" آه , يا أيلينا , ما لك وهذا".
" لكن أنت التي قلت أذا كان الزوجان غير متفقين.....".
" أنا لا أعرف مشكلة والديك ولا أريد أن أتدخل في الأمر".
خافت أن يسمع أحد هذا الحديث وللحال أردت تغييره وقالت:
" أنظري الى هذه الصورة , أليست هذه عشبة الخنشار؟".
تلعثمت الفتاة المرتجفة الشفتين وقالت:
" أريدهما أن يفترقا , وأريد أن ترحل أمي من هنا".
" أيلينا , ما بك؟".
" صحيح , أنها لا تحبني , أنا أعرف ذلك , وهي سبب كارثة والدي , مساء أمس كانا يتشاجران وسمعتهما , أن غرفة أمي تقع قرب غرفتي , وأبي ....... أبي كان هناك........".
أغلقت سوزان الكتاب وقالت:
" هيا , يا أيلينا , لقد تأخرنا , سننهي هذا العمل في ما بعد".
منتدى ليلاس
" متى ؟ غدا؟".
" يجب ذلك , لأنني سأسافر يوم الثلاثاء".
" آه , لكن...... بيترو سيبقى هنا العطلة كلها!".
" أنه ما زال طالبا يا أيلينا , أما أنا , فأنني أعمل ولا أستحق عطلة أطول".
" هل ستأتين مرة ثانية؟".
" لا أعرف , ربما".
أستيقظت سوزان صباح الأثنين على صوت المطر الذي يطرق على الزجاج بصورة غير منتظمة , فأسرعت الى النافذة ولاحظت أن السماء رمادية ومليئة بالغيوم.
كانت قد أرتدت ملابسها عندما دخلت لوسيا جالبة لها فطور الصباح.
" آه ما دمت مستعدة , ربما تفضلين تناول الفطور برفقة السيد دي فالكونيه".
أجابت سوزان :
" كلا , شكرا يا لوسيا , ما دمت قد أحضرته .......سآخذه هنا".
" لكن هذا لا يزعجني , يا آنسة.......".
" لا أشعر أنني في حاجة الى أن أكون مع أحد صباح اليوم".
وضعت لوسيا الصينية على الطاولة ونظرت اليها في أعجاب وقالت:
"وأنا كذلك , يحدث لي أحيانا الشيء نفسه , هذا الطقس يوتر الأعصاب! وللأسف أنه يومك الأخير!".
حاولت سوزان ألا تعارض هذه الخادمة أو تخيب آمالها.
وما أن خرجت حتى أنكبت سوزان على الصينية وجرعت عدة فناجين قهوة من دون حليب , وأكلت سندويشا صغيرا , ثم أقتربت من النافذة تتكىء عليها , المنظر غائص في ضباب رمادي والأفق غائم في عينيها اللتين تخافان أن تريا الحقيقة , بعد أقل من 24 ساعة ستغادر القصر , ومن دون شك بلا عودة......
لكن لماذا تبقى هنا سجينة داخل غرفتها , بينما الرجل الذي ترغب في رؤيته يتناول فطوره وحيدا في الطابق الأسفل.
ونسيت قرارها الحازم وخرجت من غرفتها مسرعة وهبطت السلالم وبقيت دقيقة مترددة وراء باب غرفة الطعام , وماذا لو كان مارشيللو لا يزال يلومها على تصرفها ذلك المساء؟
طرقت الباب , لا جواب , كادت تعود , لكن لوسيا قالت لها أنه هنا , تشجعت وأدارت م*** الباب وفتحته , كان مارشيللو وحيدا يقرأ جريدته , دخلت بهدوء الى الغرفة وأغلقت الباب وراءها وظلت جامدة متكئة على الباب , رفع عينيه وقطّب وجهه بعدما رآها , لكنه مع ذلك , أزاح جريدته جانبا ونهض ليحييها في تهذيب ,خال من الحرارة.
" صباح الخير , هل جئت لتناول الفطور معي".
أقتربت سوزان في خجل وقالت متلعثمة:
" أوه .....لا ...... أنني .......لقد تناولت الفطور , لكن من فضلك , أجلس ...لم ......لم آت لأزعاجك".
" أذن , لماذا جئت؟".
" أرى جيدا أنني أزعجك ! لكنني أردت الأعتذار".
" الأعتذار ؟".
" نعم , أريد الأعتذار عن نهار ما قبل أمس , عندما أقرحت علي مرافقتي في جولة حول القصر , أعتقد أنني رفضت أقتراحك في جفاف......"