بعد مضي شهر على ليلة الحادث , قرر جي كي شيئا حاسما , فقد أخبر سارة حين كانا يتناولان العشاء سوية:
"ما رأيك بقضاء أسبوعين في جزر الهند الغربية؟".
دهشت سارا لأقتراحه وحدقت في وجهه:
" هل تريد الذهاب الى هناك؟ فكرت دائما بأنك تفضل قضاء وقتك في أوروبا".
" ماذا؟ مع الفيضانات في فرنسا وأيطاليا والبرودة اللامعقولة؟ كلا , لن تكون أوروبا ملائمة ".
ثم صمت متأملا حساءه قبل أن يضيف:
" ثم أنني لم أفكر بأخذك هناك بنفسي , خاصة وأن فيليب رفض السماح لي بالسفر قائلا بأن وضعي الصحي لا يسمح بذلك".
" كيف أذن؟ ..... جي كي , لن أحب الذهاب لوحدي".
تنهد جي كي مرة أخرى:
" أعطني الفرصة لأوضح لك , ما عنيته هو ألا تسافري لوحدك ثم لو كنت ستسافرين لوحدك بأمكانك البقاء فترة أطول , لكن فترة أسبوعين هما كل ما يستطيع جارود عرضه الآن".
" جارود!".
وفتحت سارة عينيها على سعتهما:
" جارود؟ وما علاقة جارود بالمسألة؟".
منتدى ليلاس
" كل شيء , كانت الفكرة فكرتي ألا أنه سيتحمل مسؤولية السفر".
" كلا , كلا , لا أريد الذهاب مع جارود الى أي مكان , ثم أنني لا أعتقد أنه سيكون متحمسا للفكرة".
" لا علاقة لحماسة جارود بالموضوع بما سيفعله تكفيرا عن غلطته بصددك".
" وهل تحدثت مع جارود بصدد ذلك؟".
" بالطبع".
هزت سارة كتفيها يأسا:
"ولم فعلت ذلك بدون أن تخبرني؟".
" حسنا , لأنك تثرين قلقي , أذ تقضين معظم وقتك في المنزل وتوقفت عن أخذ دروس قيادة اسيارة , ورفضت الذهاب الى المسرح مع هوارد وتبدين في حالة مؤسفة, أعتقد أنه أضافة الى مرضك فأنك بدأت تفتقدين جدك أكثر من أي وقت مضى , لذلك سيفيدك تغيير الجو".
هزت سارة رأسها أذ قدمت لها هستر السمك المدخن:
" كل ما حدث كان نتيجة لمرضي الأخير , وأنا الآن بخير".
" قد يكون ما تقولينه صحيحا, ألا أنني أعرف بأن الجو مزعج والعيش مع رجل عجوز مثلي ليس أمرا مثيرا , كلا أنك بحاجة الى تغيير الجو , وجامايكا بلد جميل".
" جامايكا؟".
" بالطبع , وستبقين مع والدة جارود , أذ ستستاء هيلين أذا علمت بذهاب جارود الى هناك وبقائه في مكان آخر , ثم أن في بيتها حمام سباحة خاصا والجو رائع في هذا الوقت من العام".
أحست سارة بتزايد أهتمامها رغما عنها , وفكرت بأن قضاء أسبوعين مع جارود فكرة جميلة ومثيرة للأضطراب في آن واحد , أذ أن بقاءها لوحدها معه ولفترة طويلة قد يثير من جديد , في داخلها مشاعر تحاول قمعها , لم تعرف لم تحس بذلك , رغم أن جارود لم يبد بها أي أهتمام مطلقا أذا لم يكن العكس هو الصحيح حيث جعلها تحس بأنها عبء ثقيل عليه.
ألا أن البقاء مع أمه أمر مختلف وأرادت أن تلتقي بالمرأة التي كانت زوجة جي كي.
" حسنا , ما رأيك الآن؟".
" لا أدري".
" هل تريدين الذهاب؟".
تحركت سارة في مكانها:
" هل يريد جارود الذهاب؟ لعل هذا هو السؤال الأهم ".
منتدى ليلاس
"أي أعتراض يبديه جارود هو أعتراض أناني ولا تقلقي بصدده , والآن حاولي أنهاء عشاءك".
بعد العشاء وصل الدكتور لاندري ليلعب الشطرنج مع جي كي وبعد أن قضت سارة معهما فترة قصيرة تركتهما لوحدهما وتوجهت الى غرفة المكتبة حيث حاولت التركيز على كتابها بدون جدوى.
كان ذهنها منشغلا بمشكلة السفر الموعودة الى جامايكا , وكان من حقها ذلك أذ أن فكرة الأبتعاد عن الرطوبة والبرد وقضاء أسبوعين تحت أشعة الشمس قادر على أثارة أي أنسان , ألا أنها تمنت لو أن جي كي سألها قبل سؤال جارود , وتمنت لو كانت موجودة معهما لرؤية رد فعله الحقيقي , لكن من الظاهر أن كل شيء تم تلفونيا , أذ لم يزرهما جارود منذ عدة أسابيع.
دخلت غرفة المكتبة وأغلقت الباب خلفها , كانت النار متوقدة والغرفة دافئة , وأذ نظرت الى التلفون الموضوع على الطاولة الصغيرة خطرت لها فكرة الأتصال بجارود والتحدث اليه شخصيا وسؤاله عن رأيه بالرحلة لتكتشف بنفسها ما يفكر به فعلا.
نظريا , كانت الفكرة بسيطة ومعقولة , عمليا , أرتعش صوتها وهي تطلب الرقم وأهتزت يداها عند أصغائها لرنين جرس التلفون.
وأنقضى زمن طويل قبل أن يرفع السماعة أحد وبدأت تشعر بالأرتياح أذ لا بد أنه غير موجود في الشقة , ثم رفعت السماعة وأجابها صوت أمرأة , ظنت سارة أولا بأن الرقم خطأ , ألا أنها أدركت من الضجة وصوت الموسيقى أن المكان يعج بالمدعوين ولا بد أن تكون المرأة أحدى السكرتيرات ألا أنها سمعتها تخاطب شخصا آخر قائلة:
" لا أدري يا عزيزي أذ لم أتحدث الى أحد بعد.... ربما كانوا يتصلون من أحد التلفونات العمومية ولم يجدوا النقد الملائم".
أبتلعت سارة ريقها وأرتعشت أكثر حين سمعت صوت جارود متسائلا:
"من هذا؟".
" سارة.........".
" من؟ سارة؟ هل حدث شيء؟ ماذا جرى هل والدي مريض؟".
" كلا يا سيد كايل , أن جي كي بخير".
وتلعثمت سارة وأحست بموقفها الصبياني , ثم تساءلت في قرارة نفسها عما أذا كانت المرأة الأخرى تنصت الى حديثهما.
" ماذا تريدين أذن يا سارة؟".
" أردت أن أتحدث اليك, ولكن على أنفراد".
" سارة , لدي حفلة الآن , ولا أستطيع أطلاقا الحديث اليك لفترة طويلة".
وكان صوته يدل بوضوح على تبرمه , وبدا وكأن كلماته أثارت البرود في سارة والرغبة في الدفاع عن نفسها:
" حسنا يا سيد كايل , آسفة لأزعاجك , تصبح على خير".
ثم أعادت سماعة الهاتف الى مكانها.